نقاش هادئ وصريح مع «حزب الله»

نقاش هادئ وصريح مع «حزب الله»

المغرب اليوم -

نقاش هادئ وصريح مع «حزب الله»

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

حدثان، محلي وخارجي، يفرضان على «حزب الله» تقبل نقاش هادئ وصريح مع اللبنانيين عموماً وبيئته خصوصاً. في الشأن المحلي، يعتبر حادث الاعتداء على الصحافي الزميل داوود رمال، المعروف باعتداله في قريته في الجنوب، مؤشراً إلى أمرين: أزمة داخل بيئة الحزب بقرار اللجوء إلى العنف ضد الأصوات الاعتراضية التي ستزداد في الفترة المقبلة، ولا يمكن التعامل معها بالعنف أو القمع. والثاني رد الحزب باعتبارها أحداثاً فردية ليس مسؤولاً عنها، وهذا أخطر عليه وعلى بيئته والفضاء العام الشيعي. كما قال المعتدى عليه داوود رمال، بأن يتحول بعض البيئة إلى عصابة تبدأ بالاعتداء على المختلف معها سياسياً، ثم تعتدي على بيئتها إذا لم يتم ضبطها. هذه الأفعال تدل على أن اللجوء إلى العنف ليس دليلاً على انتصار أو قوة، بل العكس تماماً.

أما في الشأن الخارجي، فإن ما يحدث في سوريا، من تقدم المعارضة المسلحة وتراجع النفوذ الإيراني إمَّا عسكرياً، وإمَّا بفعل تسوية سورية - سورية برعاية دولية، سيغير حتماً الواقع الجيوسياسي الذي كان يعتمد عليه الحزب لعقود، ويستدعي إعادة التفكير.

استدراكاً لهذه المتغيرات، على «حزب الله» تقبل نقاش لبناني هادئ وصريح حول مستقبل الشراكة الوطنية بين الجماعات والأحزاب تحت سقف الدولة ومؤسساتها وحصرياتها، خصوصاً في قرار الحرب والسلم واحتكارها للعنف. هذه الضرورة أولوية، بعد أن أثبتت كل الأزمات صعوبة الانفصال بين اللبنانيين، ولكنها عززت الانقسامات وجعلتها قابلة للتنفيذ، نتيجة مراحل من الاستقواءات أو ممارسات الغلبة العابرة، كُسرت في لحظة كل من مارسها، وتسببت في إضعاف الدولة.

هذا النقاش يبدأ من السلاح إلى العلاقة بين الحزب واللبنانيين، وصولاً إلى العلاقة مع إيران. لذلك، على قيادة «حزب الله» ونخبه الاستيعاب بأن معادلة «الجيش والشعب والسلاح» يصعب تقبلها، ومن المستحيل إعادة فرضها. أما المقاومة، بوصفها حقاً مشروعاً لكل الشعوب في الدفاع عن نفسها أمام الغزاة، فيجب أن تكون مقاومة شعبية خلف الدولة ومؤسساتها العسكرية، وتأتمر بأمرها، وتتلقى الدعم منها فقط، وتتحرك وفقاً لطلبها. المقاومة ليست حكراً على جماعة سياسية أو طائفة معينة، وإخراجها من الخاص الجماعاتي إلى العام الوطني يجنب الحزب وبيئته وطائفته الكثير من الأثمان والمسؤوليات.

من ثلاثية «حزب الله» السابقة (جيش وشعب ومقاومة) إلى أحادية الدولة، يذهب النقاش الصريح مع قوى السلطة من جهة والمعارضة من جهة أخرى، إلى واقع واضح، أنه لم يعد ممكناً العودة إلى معادلة «ما لي لي وحدي وما لكم لي ولكم»، في إعادة إنتاج منطق الغلبة الذي سقط في امتحان السلطة سنة 2019 (انتفاضة تشرين)، وفشلت الانتخابات البرلمانية 2022 في ترميمه. خصوصاً مع ظهور نخب سياسية جديدة تغييرية ترفض المساومة على السلطة، الأمر الذي أدى إلى فراغ دستوري.

في النقاش الثاني، المعني به «حزب الله» تحديداً، هو ما يمكن تسميته «النقاش الداخلي»، أي حوار شيعي - شيعي يتجاوز البيئة الحاضنة إلى الفضاء العام الشيعي، المؤيد أو المعارض، أو المعارض المستجد على خلفية حرب الإسناد وتكلفتها العالية في الأرواح والأرزاق. وهذا يتطلب نقاشاً أكثر صراحة مع طهران عن دورها، وعلاقتها بالحزب، وبيئته والدولة. فالعلاقة الثقافية والروحية والاجتماعية وحتى السياسية من باب الدور الإيراني الإيجابي مرحب بها شيعياً ولبنانياً. ولكن النفوذ الإقليمي والتصرف بما دون الدولة، باتت تداعياته قاسية على جميع اللبنانيين.

هذا النقاش الداخلي ومع طهران يحتاج إلى إعادة ترتيب الخطاب الجماعاتي، وفك الارتباط ما بين العقيدة والسلاح، وعدم اعتبار جماعة كاملة مهمتها حراسة الصواريخ فقط.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقاش هادئ وصريح مع «حزب الله» نقاش هادئ وصريح مع «حزب الله»



GMT 11:09 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 11:06 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:05 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 11:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 11:02 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 11:00 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:58 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 10:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 02:31 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

دراسة جديدة تكشف العلاقة بين الحب والسمنة
المغرب اليوم - دراسة جديدة تكشف العلاقة بين الحب والسمنة

GMT 06:16 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الذهب في المغرب اليوم الإثنين 03 نوفمبر/تشرين الثاني 2025

GMT 21:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 16:06 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 18:33 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 20:18 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

وفاة خالة الشقيقتين المغربيتين صفاء وهناء

GMT 14:36 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

الرئيس اللبناني ميشال عون يلتقي وفدًا أميركيًا

GMT 12:29 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

مجلس الحكومة يعيد تنظيم مسرح محمد الخامس

GMT 05:01 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

دافنشي كان يكتب بيديه الاثنتين بكفاءة

GMT 23:51 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

رامز جلال يسخر من غادة عبد الرازق والأخيرة تتوعد له

GMT 12:50 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

22لاعبًا في لائحة فارس النخيل استعدادًا إلى مواجهة الوداد

GMT 07:54 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

ملك إسبانيا يخفض راتبه بنسبة 7.1%

GMT 04:51 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

مصر تتصدر العرب فى الحرب على الفتنة.. المصنعة!

GMT 15:08 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هيمنة المتشددين على المجتمع الطلابي في جامعة وستمنستر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib