بقدر روبلك مد قدميك

بقدر "روبلك" مد قدميك

المغرب اليوم -

بقدر روبلك مد قدميك

مصطفى فحص

بلغت الديون الخارجية لروسيا بداية هذا العام 732 مليار دولار، بينما موسكو مطالبة بسداد قرابة 22 مليارا قبل نهاية هذا العام و120 مليارا في العام المقبل، وتسبب سقوط أسعار النفط بخسارة روسيا قرابة 110 مليارات دولار، يضاف إليها خسارتها 37 مليار دولار، بسبب العقوبات الاقتصادية عقب الأزمة الأوكرانية التي زادت من حدة هجرة رؤوس الأموال التي بلغت قرابة 70 مليار دولار، بينما تعتمد الخزينة الروسية على فائض مالي بلغ بداية العام 523 مليار دولار من ضمنها أموال صندوق الادخار الوطني الذي يحوي 180 مليار دولار، وقد خسرت روسيا نحو مائة مليار دولار من هذا المخزون النقدي حتى الآن بسبب العقوبات الغربية، وركود الاقتصادي العالمي، وتدخلات البنك المركزي الروسي، من أجل حماية العملة الوطنية من التدهور.

كذلك فرضت الأوضاع الاقتصادية على فلاديمير بوتين إلغاء مشروعه التنموي الاجتماعي وتطوير الأقاليم، الذي بنى عليه حملته الانتخابية سنة 2012، ورصد له قرابة 120 مليار دولار.

تقرير صندوق النقد الدولي، كشف أن الميزانية العامة لروسيا بحاجة إلى برميل نفط بسعر 101 دولار كي لا تقع في العجز، متوقعا أن لا يتجاوز النمو العام للسنة المقبلة 0.2 في المائة، مما يعني أن تباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي سوف ينعكس مباشرة عليها؛ حيث سيشهد اقتصادها ركودا تاريخيا، يخالف ما راهن عليه الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحافي الأخير، بأن النمو في الاقتصاد العالمي سوف يساعد الاقتصاد الروسي على الخروج من أزمته.

يستمر حصار روسيا اقتصاديا منذ بداية الأزمة الأوكرانية، فقد تم استبعادها من مجموعة الدول الـ8 الكبرى، ويستعد الكونغرس الأميركي لفرض حزمة عقوبات جديدة، ستزيد مصاعبها الاقتصادية، بينما طالب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، باستبعادها من المنظمة المالية العالمية، نظرا لفقدان عملتها الوطنية قيمتها الشرائية، مطالبا بمواصلة الضغط عليها حتى تتراجع عن سياساتها، معتبرا أن مصالح المملكة المتحدة والديمقراطية يسيران جنبا إلى جنب.

وعلى الرغم من خروج الرئيس الروسي في مؤتمره الصحافي المطول من أجل طمأنة مواطنيه، ومحاولته اليائسة استعادة الثقة بالاقتصاد الروسي، وإغراء رؤوس الأموال الهاربة بالعودة، والتلويح بفرض جملة من الإجراءات المالية لحماية سوق العملة، والحد من حركة المضاربة المالية بين البنوك، فإن أغلب التوقعات الاقتصادية تشير إلى أن المأزق المالي والاقتصادي الروسي مستمر، ولن تستطيع الحكومة احتواءه، لأسباب عدة في مقدمتها استمرار هبوط أسعار النفط، الذي يشكل ثلثي عائدات الميزانية الروسية، وسيطرة مجموعة الأليكاريشيا على مؤسسات صناعية الطاقة الكبرى، والفساد المستشري، وعدم قدرة الصناعات الروسية على المنافسة في الأسواق العالمية، وضعف روسيا في المجالين؛ التقني والتكنولوجي.

من هنا، فإن الجيوب الخاوية للمبعوثين الروس إلى منطقة الشرق الأوسط والعالم، من أجل طرح الأفكار الروسية لمعالجة الأزمات العالمية لم تعد تلقى آذانا صاغية، فعلى المدى القريب أصبحت موسكو مجبرة على الاستماع إلى وجهات النظر، التي تطالبها بتغيير سلوكها ومواقفها في السياسات العالمية، من كييف إلى دمشق مرورا بطهران، وبأن الدفاع عن المصالح الجيوستراتيجية ومواجهة الأحادية القطبية، لا تتحقق بخزينة فارغة واقتصاد منهك، فوريثة الاتحاد السوفياتي لم تعد في مصاف الدول العظمى، بل هي دولة تملك وظيفة دولية أمنتها لها العضوية الدائمة في مجلس الأمن، وحق استخدام الفيتو، في مواجهة السياسات الغربية، للدفاع عما تعتبره مجالها الحيوي ومصالحها حول العالم.

يقول المثل الشعبي اللبناني: «قد بساطك مد إجريك (رجليك)»، وحجم البساط الروسي اليوم هو حجمها الاقتصادي الذي أصبح أقصر بكثير من طموحاتها، وليس بإمكانها أن تتمدد خارجه، والمطلوب الآن عودتها إلى مقاسها الطبيعي الذي يحدد حجمها ودورها، فمن يرغب أن تطأ قدماه خارج حدوده عليه أن يملك الوسيلة لتثبيتهما، وعملا بقول مؤسس الاتحاد السوفياتي، لينين، إن «السياسة هي التعبير المكثف للاقتصاد»، فإننا في عصر يمكن القول فيه إن الاقتصاد هو التعبير المكثف للسياسة.

"الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بقدر روبلك مد قدميك بقدر روبلك مد قدميك



GMT 17:06 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الشعور بحبّ الوطن يحتاج إلى الغذاء أيضاً

GMT 11:09 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 11:06 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:05 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 11:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 11:02 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 11:00 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:58 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 12:46 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعاون جديد بين محمد سعد وغادة عادل بعد 25 عاما
المغرب اليوم - تعاون جديد بين محمد سعد وغادة عادل بعد 25 عاما

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:03 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 18:18 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 01:36 2016 الجمعة ,03 حزيران / يونيو

سميرة شاهبندر المرأة التي رأت صدام حسين باكيا

GMT 03:52 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

الإعلامي ريكاردو كرم يُطلق مبادرة لدعم أطفال لبنان

GMT 15:23 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

كاف ترفض مقترح الوداد بدوري أبطال أفريقيا

GMT 07:05 2012 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تغريم مطعم لبناني بسبب لافتة خادشة للحياء

GMT 11:31 2015 الجمعة ,27 شباط / فبراير

المُـثـقـفـون والاصـلاح الـديـنـي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib