خطاب العرش وقفص الحسن الثاني‎

خطاب العرش وقفص الحسن الثاني‎

المغرب اليوم -

خطاب العرش وقفص الحسن الثاني‎

بقلم : حسن طارق

بكثير من التفاؤل، انتظر المغاربة خطاب الملك بمناسبة عيد العرش، كما لم يسبق لهم أن انتظروا خطابا ملكيا، إذا نحن استثنينا الخطاب الأول للملك محمد السادس وخطاب 9 مارس.

كان الانتظار دليل أمل، وكان، كذلك، تعبيرا عن طلب مكثف – ومعلن – على تدخل ملكي حاسم في موضوع “حراك الحسيمة”.

في الواقع، المسألة تعني أن تمثل “الملكية – الحامية”، لايزال يكيف رؤية كثير من المغاربة للحاجة الوظيفية للمؤسسة الملكية، كما تعني، كذلك، أثرا طبيعيا لتقدير طبيعة توزيع السلط والصلاحيات داخل الهندسة السياسية والمؤسساتية لبلادنا .

لذلك، فهذا الطلب المكثف، يمكنه في الوقت نفسه أن يقرأ كمحدودية سياسية لنموذج دستوري – خاصة كما يتم تفعيله – يمنح للملكية مساحات واسعة من التأثير والحضور، على حساب المؤسسات الأخرى، القابعة داخل دائرة الهشاشة، من حكومة وبرلمان.

الخطاب، في الأخير، على مستوى جوابه عن سؤال اللحظة (الحراك)، وعن سؤال التاريخ (إصلاح الدولة)، لم يتجاوز سقف 9 مارس، معتبرا أن النموذج المؤسسي المغربي جد متقدم، وأن ما يعانيه هو أزمة تطبيق وحكامة، وأزمة فاعلين (إدارة، منتخبون وأحزاب سياسية).

في مقابل ذلك، قدم الخطاب الملكي، تكثيفا وامتدادا لما أصبح عليه الجيل الجديد من الخطب الملكية: منصة “منبرية” للتقييم العمومي للأداء الحكومي والإداري والحزبي، بنبرة “معارضة” حادة، وبلغة مبسطة بين الفصحى والدارجة.

شبكة التقييم، أصبحت تقريبا أكثر اكتمالا، بالعودة إلى خطب الأربع سنوات الماضية: من جهة هناك اعتزاز بالتدبير الاستراتيجي للقضية الوطنية وللعلاقات الخارجية للمغرب، ولسياسات الطاقة الشمسية ومخططات الفلاحة والصناعة، والأداء الأمني، ودينامية القطاع الخاص. مقابل انتقاد صارخ للتدبير الحكومي للمدرسة، والإدارة، والتسيير المحلي، والقطاعات الاجتماعية، و”جلد” مستمر للأحزاب السياسية ولأدائها التواصلي والانتخابي ولتدبيرها للصراعات السياسية.

وفي المجمل، فإن الحصيلة – كما تقدمها الملكية – لا تخرج عن هذه المفارقة: الاختيارات الكبرى للبلاد التي يحددها الملك تبقى صائبة، فيما الاختلالات المعبر عنها بلغة “قوية” و”غاضبة” تعود في الغالب إلى غياب أخلاق المسؤولية، سوء الحكامة، مسألة العقليات أو مشاكل في التنفيذ.

الواقع أن الخطاطة المؤسساتية للبلاد ليست بعيدة عن اللوحة السوداء، التي طالما تحرص الملكية على تقديمها في خطب السنوات الأخيرة -بحس نقدي يعجز خدام السلطوية على مجاراته-، ذلك أن هذه الاختلالات البنيوية هي، كذلك، نتيجة سيادة مساحات من اللامسؤولية السياسية. كما أن العجز المؤسسي للحكومة أو البرلمان، ناتج، أيضا، عن منظومة سياسية تتضايق من مخرجات الإرادة الشعبية، ولا تستطيع التعايش مع هامش التأويل البرلماني الذي فرضه سياق 2011. وطبعا فضعف الأحزاب يعود، فضلا عن هامشية تأثيرها في سلطة تنفيذية لاتزال محكومة بالنفس التقنقراطي وصيغ التنخيب المبنية على النفوذ العائلي وزواج السياسة بالاقتصاد، إلى الإصرار على مصادرة قراراتها المستقلة، وإلى دعم قيادات – من فصيلة خدام الدولة – بلا مصداقية، قامت بإفراغ الأحزاب الوطنية وإذلال السياسة والتكسب من شعبية الملكية .

في النهاية، إذا كان، إذن هاجس الخروج من قفص الحسن الثاني -بلغة عبدالله العروي – يظل مطروحا ضمن أفق ملكية أكثر برلمانية، فإنه على مستوى التعاطي مع حراك الريف، يبقى خطاب، أول أمس، في تركيزه على مفتاح “المسؤولية”، وثيقة إعلان مبادئ تحتاج إلى سلسلة قرارات لمعرفة حدود مقاربة الدولة لهذا الملف، وهو ما نتمنى أن يتأسس على خطوة إطلاق سراح كل المعتقلين، بناءً للثقة ودفاعا عن مصداقية المعالجة السياسية المأمولة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب العرش وقفص الحسن الثاني‎ خطاب العرش وقفص الحسن الثاني‎



GMT 19:53 2021 السبت ,15 أيار / مايو

القدس - غزة أولاً، ماذا عن لبنان ؟

GMT 12:58 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

هل هي نهاية حرب اليمن؟

GMT 14:36 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

انتقام... وثأر!

GMT 14:29 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت - المغرب اليوم
المغرب اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 02:31 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

دراسة جديدة تكشف العلاقة بين الحب والسمنة
المغرب اليوم - دراسة جديدة تكشف العلاقة بين الحب والسمنة

GMT 02:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين عبدالعزيز تفكر بالزواج مجددًا بعد طلاقها
المغرب اليوم - ياسمين عبدالعزيز تفكر بالزواج مجددًا بعد طلاقها

GMT 06:16 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الذهب في المغرب اليوم الإثنين 03 نوفمبر/تشرين الثاني 2025

GMT 21:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 16:06 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 18:33 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 20:18 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

وفاة خالة الشقيقتين المغربيتين صفاء وهناء

GMT 14:36 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

الرئيس اللبناني ميشال عون يلتقي وفدًا أميركيًا

GMT 12:29 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

مجلس الحكومة يعيد تنظيم مسرح محمد الخامس

GMT 05:01 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

دافنشي كان يكتب بيديه الاثنتين بكفاءة

GMT 23:51 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

رامز جلال يسخر من غادة عبد الرازق والأخيرة تتوعد له

GMT 12:50 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

22لاعبًا في لائحة فارس النخيل استعدادًا إلى مواجهة الوداد

GMT 07:54 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

ملك إسبانيا يخفض راتبه بنسبة 7.1%

GMT 04:51 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

مصر تتصدر العرب فى الحرب على الفتنة.. المصنعة!

GMT 15:08 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هيمنة المتشددين على المجتمع الطلابي في جامعة وستمنستر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib