لبنان الذي أحببت

لبنان الذي أحببت

المغرب اليوم -

لبنان الذي أحببت

بقلم : جهاد الخازن

كنت في موناكو لحضور حفلة زفاف الأهل فيها من أصدقاء العمر. رأيت عشرات الأصدقاء في بلد صغير جميل. وكان يُفترَض أن أسعد مع الجميع، إلا أن الهمّ ركبني وأنا أجلس في مقهى يطل على ساحة الكازينو فلا أنعم بالجو الطيب حولي وإنما أتذكر فيروز وأغنيتها: نسّم علينا الهوا...

فيروز قالت: نسّم علينا الهوا/ من مفرق الوادي/ يا هوا دخل الهوى/ خدني على بلادي.

لم أنقطع عن لبنان يوماً ولن أنقطع، ولي فيه من الأهل والأصدقاء ما يزيد على عدد سكان موناكو. ثم أشعر بالغربة ولا أجد تبريراً لشعوري، فقد كنت في بيروت قبل أسبوع من زيارة موناكو، ولا بد أن أعود إليها في الصيف هذا وبعده. أليس لبنان سويسرا الشرق أو موناكو العرب؟
لماذا أشكو؟ لا أدري وإنما أعيد ما قالت فيروز: يا هوا يا هوا/ يا اللي طاير بالهوا/ في منتورة/ طاقة وصورة/ خدني لعندن يا هوا.

لا أحتاج أن أطير مع الهواء، فأنا أذهب في طائرة، إما لطيران الشرق الأوسط أو الخطوط البريطانية، ولا أعدم أن أرى أصدقاء أو معارف في الطائرة، ثم أجلس في مقهى وأشكو سوء حظ موجوداً في مخيلتي فقط.
فيروز قالت: فزعانة يا قلبي/ إكبر في هالغربة/ وما تعرفني بلادي/ خدني على بلادي.

أقول إنني تركت بيروت في ما اعتقدت أنه إجازة الأعياد ولم أعد للإقامة فيها حتى الآن. كنت دون الثلاثين والآن أصبحت من عمر نسر لقمان الذي سمعت أنه عاش بضع مئة سنة. بلادي لا أنساها سواء أكانت لبنان أو فلسطين أو سورية أو الأردن أو مصر أو غيرها، لكن أزعم أن لبنان نسيني، فالأصدقاء كبروا أو هرموا، وبعضهم تركنا إلى عالم آخر، ثم أمشي في حارات الجهالة والشباب وأتذكر أياماً لم أكن أعرف في حينها أنها أسعد أيام حياتي. كم أتمنى لو أنني لا أزال في الجامعة مع الأصدقاء والصديقات، ولا همّ ولا غمّ، بل تفاؤل بتحرير فلسطين غداً أو بعد غد ووحدة عربية ناجزة.

أدرك أنني أحلم وأدرك أن الحلم لن يعيد الماضي، مع ذلك أنظر حولي وأفزع إلى أيام أجمل وآمال أفضل، وشباب يعمل وبنات لا أحلى ولا أذكى.
فيروز تقول: شو بنا شو بنا/ يا حبيبي شو بنا/ كنتو وكنّا/ تضلوا عنّا/ وافترقنا شو بنا.

أقول صادقاً إنني ذهبت إلى لندن في إجازة أيام. لم أتصور أبداً أن أقضي العمر غريباً أو مغترباً في بلاد الناس. أقمت في جدة بضعة أشهر، ولا أعتبرها غربة، ودرست في جامعة أميركية وعدت إلى لندن ولا أزال. هل يعرفني الوطن إذا عدت غداً؟ كنت شاباً الحياة كلها أمامه على طبق من ورد. والآن أصبحت «شيبة» كأكثر الأصدقاء، وقد تغيّر الوطن كما تغيرنا. هل أقول: آخ يا وطن؟ لا أفعل وإنما أبقى بانتظار أيام أفضل أو عودة تلك الأيام التي اعتقدنا أنها ستبقى معنا حتى النهاية.

فيروز تقول: وبعدا الشمس بتبكي/ عالباب وما تحكي/ يحكي هوا بلادي/ خدني على بلادي.

أريد أن أعود إلى البلد الذي ضمني طفلاً ومراهقاً وشاباً، وهجرني رجلاً. الوطن في قلبي، ولكن جيلي خرج من قلب الوطن وحرب أهلية طاحنة تفتك بأجمل ما فيه، ثم نزاع سياسي أو خراب، حتى بعد إقرار قانون النسبية في انتخابات البرلمان. أي قانون وأي نسبية؟ كنا ننتخب المرشح الأقرب إلى العقل والقلب، وانتخبت الدكتور بيار دكاش، طبيب الوالدة.

الآن البلد كله في غرفة الإنعاش، ولا أمل بأن يتعافى. لكن الله مع الصابرين وأنا منهم. ولا يزال هناك بصيص من نور، وأمل بعودة لبنان قديم، لبنان أفضل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان الذي أحببت لبنان الذي أحببت



GMT 14:36 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

انتقام... وثأر!

GMT 14:29 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 14:20 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 13:58 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

بايدن والسعودية

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 13:03 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 26-9-2020

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:35 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

المغرب الفاسي ينتصر وديًا على وداد صفرو

GMT 08:22 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

النفط يتدفق مجددًا بخط مأرب في اليمن

GMT 14:32 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

البولندية سواتيك تبلغ نهائي بطولة فرنسا المفتوحة للتنس

GMT 12:34 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الوداد يحاصر مدرب الفريق بالأسئلة بعد صدمة الديربي

GMT 06:31 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هذه توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية الأحد

GMT 09:09 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

سيدة تعثر على عظام بشرية داخل جوارب متجر شهير في بريطانيا

GMT 08:30 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

7 لاعبين يغيبون عن أولمبيك خريبكة أمام مولودية وجدة

GMT 11:35 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

الجزائر تطلق بوابة إلكترونية للترويج للسياحة

GMT 23:21 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

"جورجيا" وجهة سياحية مثالية للاستمتاع بالثلوج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib