نوبة صحيان وإفاقة

نوبة صحيان وإفاقة

المغرب اليوم -

نوبة صحيان وإفاقة

بقلم - مكرم محمد أحمد

ما يُميز قمة تونس رغم التحديات الصعبة التى تواجهها، سواء كانت تراكمات إرث قديم من مرحلة التحرر الوطنى يأتى على رأسها الصراع العربى الإسرائيلى الذى لا مخرج منه إلا بحل سلمى شامل عادل يمكن الفلسطينيين من قيام دولتهم المستقلة إلى جوار دولة إسرائيل، أو كانت أزمات جديدة تفجرت منذ ثمانية أعوام فى أحداث الربيع العربى الكاذب التى عصفت بسوريا وليبيا واليمن، وأثقلت كاهل الدولة الوطنية بأخطار التفكك والطائفية والإرهاب، ما يُميز قمة تونس رغم هذه التحديات الجسام هو حجم التوافق والتطابق الذى تزداد مساحته كل يوم بين قادة العرب إلى حد يصعب معه أن تجد خلافاً فى مضامين كلمات الملوك والرؤساء الذين أكدوا جميعاً أنه لا سلام دون قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وأن قرار الرئيس الأمريكى ترامب ضم الجولان إلى إسرائيل يفتقد الشرعية ولاغٍ لا أثر له، لا يرتب وضعاً جديداً للجولان السوري. الجميع رفضوا أيضاً بوضوح قاطع تدخلات القوى الإقليمية والدولية التى تزيد الأزمات اشتعالاً وتغلق طرق التسوية الصحيحة وتُهدد الأمن القومى العربي، ولو أننا فتشنا عن مساحات الوفاق العربى لوجدناها أكبر كثيراً من مساحات الخلاف، وما ينقصنا كعرب هو ما قاله الرئيس السيسي: غياب الإرادة السياسية، والرغبة الصادقة فى نبذ الفرقة، وإعلاء المصلحة الوطنية والقومية العليا فوق كل اعتبار آخر، ما ينقصنا بالفعل هو نوبة إفاقة أو صحيان لوعينا القومي!. ولا أظن أن هناك أعذاراً يمكن أن تمنعنا من الإفاقة أو صحيان الوعي، لأن حساب التاريخ عسير ولأن بعض دولنا لا تزال تنزف، وبعض أبنائنا لا يزالون يكابدون مرارات الصراع وآلام التشرد فى سوريا واليمن وليبيا، كما أن بعضاً من أعز مدننا وحواضرنا لا تزال تعيش فى ظلال الخوف، وتحت تهديد الميليشيات والجماعات المتطرفة والعصابات الإرهابية، وجميعنا يعرف أنه فى الأزمات والحروب الأهلية، لا غالب ولا مغلوب ولكن الكل خاسر، ومن ثم المطلوب الآن أن ينطلق قطار التسويات. المطلوب فى الأزمة السورية أن ترفع كل القوى الإقليمية غير العربية وفى مقدمتها تركيا وإيران يدها عن الشعب السوري، تركيا التى تُبرر احتلالها بعض أراضى سوريا بدعوى الحاجة إلى منطقة عازلة آمنة على الحدود وهو إفك عظيم!، وإيران التى تُبرر بقاءها فى سوريا بدعوى أن الحكومة السورية سمحت لها بالدخول فى ذروة أزمة يسعى الجميع الآن إلى إنهائها كى يعيش الشعب السورى آمناً مستقراً، والمطلوب فى الأزمة اليمنية تطبيق اتفاق استكهولم وانسحاب الحوثيين الكامل من الحديدة، وأن يتخلى الجميع عن منطق الغلبة والاستقواء، ورفض استبعاد أى من أطراف النزاع، والالتزام الكامل بحقوق المواطنة للجميع بما فى ذلك الحوثيون دون تمييز، والمطلوب فى الأزمة الليبية، تنفيذ كامل عناصر مبادرة الأمم المتحدة التى اعتمدها مجلس الأمن، وإعلاء مصالح ليبيا العليا فوق المزايدات السياسية والأطماع الشخصية، وتوافر الإرادة السياسية للجميع على سرعة الخروج من هذا النفق المُظلم الذى دخل فيه الليبيون. إن تدخلات إيران وتركيا فى الشأن العربى تعصف بالأمن القومى العربى وتُبدد السلم الأهلى فى سوريا واليمن وليبيا، وتفاقم من تعقيد الأزمات فى الدول الثلاث، تطيلها وتمد فى أجلها بل وتجعلها مستعصية على الحل، والأخطر من ذلك أن تكون لبعض القوى الإقليمية جيوب داخل بعض الدول العربية تُحرض على الطائفية وتخرب وحدتها الوطنية. وكما قال الرئيس التونسى الباجى قايد السبسي، إن الوطن العربى لا تعوزه آليات العمل العربى المشترك ولا الموارد البشرية والمادية، ولا عناصر الوحدة والتكامل، ومع ذلك تظل المنطقة العربية رهينة أوضاع صعبة ومشكلات تتفاقم لتثقل كاهل العرب وتستنزف مقدراتهم، ومن غير المقبول أن يستمر الحال على ما هو عليه لتصبح بلاد العرب فى صدارة بؤر التوتر واللاجئين والإرهاب والمآسى الإنسانية وتعطيل جهود التنمية، كما أنه من غير المقبول أن تُدار قضايا العرب المتعلقة بأمنهم القومى خارج أُطر العمل العربى المشترك، وأن تتحول منطقتنا إلى ساحة للصراع الدولى والإقليمى وفى النهاية والبداية لا حل حقيقى سوى نوبة صحيان وإفاقة لعلها تبدأ مع قمة تونس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نوبة صحيان وإفاقة نوبة صحيان وإفاقة



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:05 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
المغرب اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 14:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
المغرب اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 15:03 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 12:05 2023 الخميس ,20 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 20 أبريل/ نيسان 2023

GMT 07:56 2018 الجمعة ,02 آذار/ مارس

أبي حقًا

GMT 21:30 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات كبيرة في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 11:15 2023 الأحد ,02 إبريل / نيسان

موديلات ساعات فاخّرة لهذا العام

GMT 15:40 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

الإعلامية المغربية مريم العوفير تطل على القناة الأولى

GMT 09:54 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أفريقيا تلهم إيلي صعب ELIE SAAB تصاميم أنيقة

GMT 19:46 2022 الأحد ,28 آب / أغسطس

ديكورات مميّزة للكوشة في حفلات الزفاف

GMT 20:29 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

"أرض الإله" في المرتبة الثانية لمبيعات "ديوان"

GMT 08:07 2020 الأربعاء ,27 أيار / مايو

وفاة أشهر كومبارس كوميدي في السينما المصرية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib