جواباً عن سؤال الريف

جواباً عن سؤال الريف

المغرب اليوم -

جواباً عن سؤال الريف

سمير عطاالله
سمير عطاالله

قالت لي أديبتنا سوسن الأبطح إن صاحب معهد لغوي يريد أن يعرف، ما إذا كنت قروياً في الأساس، أو شبه قروي، أم ماذا؟ أحب أن أشرككم في حميمية الجواب: ولدتُ في بيروت. وفي حوالي الخامسة من العمر، هجر والدي أمي، فانتقلت إلى منزل أهلها في القرية لكي لا يحسب عليها أنها بقيت في المدينة. عشنا معها، شقيقي منير وأنا، نحو خمس سنوات، إلى أن أصيبت بالمرض وغابت عنا. فجئنا إلى منزل الوالد في بيروت.

كانت تلك سنوات الأم، أحب سنوات الحياة. ولذلك، ظلت القرية، بالنسبة إليّ، أعمق ذكرى. أي متني الأم والطفولة معاً. لكن القرية ليست أكثر من ذلك: إطار، وفيه صورة واحدة. أما انتمائي الروحي والنفسي والوطني، فهو لبيروت. أفقت فيها على مدينة متعددة، أنا أحد غربائها. كانت غنية باللهجات والناس والحكايات والحدائق الصغيرة المزروعة ياسميناً وأشجار برتقال. وكان فيها بنات شقر ولهن ضفائر طويلة. لكن المأساة كانت الحزن الذي رافقني إلى بيروت. مدينة أخّاذة فيها كل الأشياء وفيها جميع الناس وليس فيها أم.

ظلت فكرة الحنين دائماً مرتبطة بالقرية. عندما هاجرنا إلى كندا في السبعينات، كان أول كتاب وضعته بالانجليزية، «سنوات القرية». مجموعة قصائد شعرية ورومانسيات أخرى. فالحرب الأهلية كانت مشتعلة وكنت أريد البقاء خارجها. ولا أزال. وسوف أبقى.

من حين إلى آخر أنشر في زاويتي «مفكرة القرية» اعتقاداً مني أنها استراحة في الطبيعة، خصوصاً للقارئ غير اللبناني. وقد ربط البعض بين «المفكرة الريفية» للشاعر أمين نخلة وبينها. وهذه مسؤوليتي. كان يجب أن أبحث عن عنوان آخر، لأن «مفكرة القرية» بعيدة في جوهرها عن المدرسة التي تركتها «المفكرة الريفية». هو تأثر بالريفيين الفرنسيين كما أنه اشتغل على ترصيع النص، لما كان يملك من جواهر ولآلئ اللغة، أنا غلبت عليّ العاطفة.

ربما في بداياتي المبكرة وغير المستقرة، تأثرت بما لا يزال يعرف بـ«المدرسة اللبنانية». غير أنني خرجت من ذلكمبكراً أيضاً. دخلت علينا «حركة شعر» وانفتح بعضنا على السحر القادم من أميركا اللاتينية، وتراجعت «المدرسة اللبنانية» إلى زمنها، مثلما تراجعت المراحل الرومانسية في كل الثقافات.

كان الريف في لبنان تجربة بسيطة ليست في عمق وتعقيدات الريف المصري. ولذا كان أدبه محدوداً وتقليدياً. ولم يتوقف عنده آباؤه طويلاً بل أسروا في مباهج اللغة وآدابها. واندثرت تقريباً لمعات العامية وفروسياتها، إلاّ القليل منها. وتداخلت القرى بالمدينة واتصل بها الريف. والقرية التي تركتها للقنديل وضوء القمر جالسة الآن أمام التلفزيونات تتابع آخر مسلسلات كلوديا مرشاليان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جواباً عن سؤال الريف جواباً عن سؤال الريف



نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 14:51 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

شادية

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

رحلة إلى العصور الوسطى في بروغ البلجيكية

GMT 20:26 2016 السبت ,15 تشرين الأول / أكتوبر

هل التقدم في السن يمنع تعلم أشياء جديدة؟

GMT 21:44 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

العطور وتفاعلها مع الزمن

GMT 12:02 2018 الخميس ,24 أيار / مايو

"سواروفسكي" تطرح مجوهرات خاصة بشهر رمضان

GMT 06:08 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

ألماس فريدة من نوعها للمرأة الاستثنائية من "ليفيف"

GMT 16:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الكشف عن تفاصيل تعاقد بنشرقي مع الهلال السعودي

GMT 02:18 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

نادين نسيب نجيم تُعلن حقيقة المشاركة في مسلسل "الهيبة"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib