ساعتا النهوض

ساعتا النهوض!

المغرب اليوم -

ساعتا النهوض

بقلم -سمير عطاالله

كان اسمه شارل موريس دو تاليران - بيريغور (1754 - 1838). لكن أحداً لم يعرفه بهذا الاسم سوى والديه. العالم أجمع عرفه باسم تاليران، أكثر دبلوماسيي فرنسا ذكاءً في التاريخ، لكن ليس بالضرورة أكثرهم خلقاً.
تذكرته الآن في هذه العزلة البشرية، لأنه كان له طقس غريب في القيام إلى عمله. كثيرون من القادرين يتناولون القهوة والإفطار مع أسرتهم. والأكثر دلالاً يقرأون صحفهم أيضاً. ولكن صباح تاليران كان يعرف «بالنهوض» ويستغرق ساعتين، حيث يبدأ بالقهوة والحلوى، واستماعٍ إلى أخبار الإمبراطورية من مساعديه، ورسم المؤامرات الصغيرة والكبيرة، وتسقُّط أخبار العشاق في الدولة. لكن ليس من أجل ابتزازهم، فالعشق في فرنسا لم يكن هماً في يوم من الأيام. وعندما توفي شاعرها العظيم فيكتور هيغو، سارت الأمّة خلف نعشه في جنازة رسمية، وفي الصفوف الخلفية سارت مومسات حي «بيغال»، حيث كان يداوم بأمانة كل يوم، معتبراً أن المجد شيء و«بيغال» عادة فرنسية أخرى.
هرب تاليران من الثورة الفرنسية إلى إنجلترا وأميركا، وعاد عام 1797 وزيراً لخارجية نابليون بعدما ساعده في الاستيلاء على السلطة، وبقي إلى جانبه يساعده على إنشاء وإدارة الإمبراطورية. لكن الإمبراطور خاطبه مرة بلهجة مشينة، فانقلب عليه. وهذا لم يمنع تاليران من تدبير زواج وطلاق سيده خلافاً للأعراف.
بعد هزيمة نابليون في ووترلو ثم عودته، أصبح تاليران رئيس وزرائه مرة أخرى. ثم سقط نابليون وعادت الملكية عام 1830، فلمع نجم تاليران معها من جديد. ومع تغير الأحكام، لم يغير طقسه في «النهوض» متحدياً الأفكار والعادات الجديدة. طوال ساعتين كان الحجّاب يساعدونه على ارتداء لباسه الفخم. الداخلي والخارجي. وكانت غرفه مفتوحة لكل من شاء الدخول، خصوصاً إذا كان الضيف مسلياً ويحمل أخبار سواه.
تضمنت ساعتا «النهوض» لائحة مذهلة من الضيوف: رجال دولة، سيدات مجتمع، أطباء، جامعيين، رجال أعمال، وفي إحدى المرات، قيصر روسيا. وبعد ساعتين من تبادل المعلومات والنميمة، كان ثلاثة من الخدام يساعدونه في القيام إلى مكتبه. ها هو الآن مستعد لمواجهة العالم.
كان تاليران فاسقاً وفاسداً، يقبل الرشاوى من دون تردد. وكان له على الأقل أربعة أبناء غير شرعيين. وعندما سُئل مرة إن كان يعتقد بالحب العذري أجاب «بعد، لا قبل».
خارج تلك الحياة الشخصية لم يغير لحظة في احترام المبادئ. وقد شارك في وضع شرعة حقوق الإنسان. وفي كل الأنظمة التي كان جزءاً منها، كان يحرص دوماً على حقوق الضعفاء، ولم تعرف السياسة الفرنسية بعده تاليران آخر. لكنها عرفت من لهم أطفال بدون زواج مثل الرئيس السابق فرنسوا أولاند، ويبدو أن العادة انتقلت إلى بريطانيا المجاورة. بوريس جونسون لديه خمسة أبناء دون زواج، كما تقول «الإيكونومست». السادس على الطريق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ساعتا النهوض ساعتا النهوض



GMT 06:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 05:54 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل الديموغرافيا

GMT 05:51 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

فتنة الأهرامات المصرية!

GMT 05:49 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟

GMT 05:46 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل انتهى السلام وحان عصر الحرب؟!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 16:10 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 13:03 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 26-9-2020

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:35 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

المغرب الفاسي ينتصر وديًا على وداد صفرو

GMT 08:22 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

النفط يتدفق مجددًا بخط مأرب في اليمن

GMT 14:32 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

البولندية سواتيك تبلغ نهائي بطولة فرنسا المفتوحة للتنس

GMT 12:34 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الوداد يحاصر مدرب الفريق بالأسئلة بعد صدمة الديربي

GMT 06:31 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هذه توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية الأحد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib