حرارة الاستقبال

حرارة الاستقبال

المغرب اليوم -

حرارة الاستقبال

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

يغيب عن بالنا دوماً أن القادة وزعماء العالم بشرٌ يتعرّضون مثلنا لتبدّل المزاج وتبدّل الطقس وتغيّر المناخات. لكن عليهم أن يظهروا دائماً بمظهر من لا يتأثّر بشيء وإلا تعرّضوا للنقد وعيون الفضوليين والصحافيين الباحثين عن أي ظاهرة مثيرة في مثل هذه اللقاءات والاستقبالات.

في كتابه «ذاكرة وطن: عدن والعالم» يروي الرئيس الأسبق علي ناصر محمد ثلاث حكاياتٍ في هذا الباب، هي حتماً بين الأكثر طرافة ودلالة عن مثل هذه الحالات. ففي سبتمبر (أيلول) 1979 جاء رئيس الوزراء السوفياتي أليكسي كوسيغين في زيارة رسمية قصيرة إلى عدن: «كان الجو حاراً، والرطوبة في أعلى درجاتها في هذا الوقت من شهر سبتمبر. ولا يكفي لوصف المناخ في عدن أن يقول المرء عنه بأنه حارٌ جداً، وأكثر وطأة على الأجانب، خصوصاً إذا كانوا قادمين من المناطق الباردة. عند باب الطائرة لفح طقسٌ حارٌ وجه كوسيغين، وتبللت نظارته من الرطوبة ولم يعد يتمكّن من مشاهدتنا، فسلّمها لأحد المرافقين ليمسحها ولوّح بقبعته مبتسماً ثم هبط السلالم القليلة، حيث تصافحنا بحرارة. وكان أول ما سألني عنه: كيف تعيشون في هذه البلاد؟ فأجبته: هذه بلادنا ونحن نعيش فيها وفي مناخها الحار كما يعيش سكان سيبيريا في زمهاريرها البارد».
يروي الزعيم اليمني أيضاً قصة حصلت مع الرئيس السوفياتي نيكيتا خروشوف خلال زيارته لأسوان في مايو (أيار) 1964. وينقل عنه قوله في مذكراته: «شعرنا كأننا دخلنا في فرنٍ مذيب، وأن أجسامنا التي اعتادت المناخ البارد لا تتحمّل هذه الحرارة على الإطلاق. وحتى الوقوف تحت الماء البارد كان متعذراً لأن الماء لم يكن بارداً، بل أقرب إلى الماء المغلي». يعلّق علي ناصر على ذلك بالقول: ذكرتني ملاحظة خروشوف بما كتبه الضابط والرحالة البريطاني جاكوب الذي قال: «إن الصيف في عدن قطعة من جهنم». وبما كتبه الشاعر الفرنسي رامبو الذي أمضى فترة من حياته في عدن خلال القرن التاسع عشر؛ إذ كتب رسالة إلى أمه يقول فيها: «إن هذه الأرض قطعة من جهنّم لا ينبت فيها نبات ولا شجر».
الحكاية الأخرى بطلها الصقيع وعلي ناصر نفسه. فقد قام عام 1984 بزيارة إلى جمهورية منغوليا الشعبية. طالعه لدى خروجه من الطائرة بردٌ هائل ورياح جليدية. وكان عليه أن يستعرض حرس الشرف ففعل ذلك مرغماً وهو يرتعش من البرد. تأمّل أن تنتهي هذه الحالة مع انتهاء مراسم الاستقبال الرسمي في المطار، لكنّه ما لبث أن رأى أن سيارة مكشوفة تنتظره في الخارج لكي يتمكّن من تحية الجماهير وهو في الطريق إلى قصر الضيافة. هنا بدأ يأمل في شيءٍ من الدفء لدى الوصول إلى دار الضيافة. لكنّه عندما وصل إليها اكتشف أن الضيافة المنغولية تقتضي الاستقبال في خيمة على مدخل الدار يشرب الوفد خلالها حليب النوق. عندها تبيّن له مقدرة أحفاد جنكيز خان على التحمّل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرارة الاستقبال حرارة الاستقبال



GMT 13:59 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

مهرجان كان الـ77 يرسم ملامحنا ونرسم ملامحه

GMT 13:44 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

الصديق الثرثار

GMT 13:42 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

«فيتنام بايدن» في الجامعات الأميركية؟

GMT 13:40 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

أين الزلازل يا شيخ فرنك؟

GMT 13:36 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

كوندورسيه يلتحف الكوفية

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

أبوظبي ـ المغرب اليوم

GMT 16:11 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

ميغان ماركل تطلب من امرأة عدم الوقوف بجانب هاري

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 13:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 22:40 2023 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونخ يتفوق على دورتموند في المواجهات التاريخية

GMT 01:56 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

رواية "الأصل" تتصدر قائمة نيويورك تايمز لأعلى المبيعات

GMT 01:17 2021 السبت ,14 آب / أغسطس

الفيلة تتمتع بحاسة الشم أقوى من الكلاب

GMT 23:40 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

لماذا تصيب الكآبة بعض متصفحي مواقع التواصل الأجتماعي ؟

GMT 02:21 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف عملات فضية نادرة دُفنت في بولندا

GMT 04:14 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

فندق Mandarin Oriental Milan مندرين اورينتال الآن في ميلانو

GMT 13:22 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

قنفذ يهاجم الكلاب

GMT 02:14 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

سوسن ارشيد تكشف سبب غيابها عن الساحة الفنّية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib