الذين يعوقون الاستثمار

الذين يعوقون الاستثمار

المغرب اليوم -

الذين يعوقون الاستثمار

عماد الدين حسين
بقلم:عماد الدين حسين
كل النوايا المخلصة من الرئيس عبدالفتاح السيسى والحكومة لتشجيع الاستثمار، يمكن أن تتعطل ما لم يتم إصلاح الجهاز الإدارى ونسف الروتين والبيروقراطية المزمنة.

فى فاعليات كثيرة شاهدت بنفسى الرئيس السيسى وهو يتحدث عن ضرورة تشجيع الاستثمار، وأتذكر جيدا أنه قال لبعض الوزراء خلال افتتاحه لأحد المشروعات الإنتاجية فى الفيوم، وأظن أن ذلك كان عام ٢٠١٥: «سوف أوقع بالنيابة عنكم على أوراق المشروعات إذا كنتم تخشون المساءلة».
يومها كان السياق أن الموظف العام يمكن أن يتعرض للمساءلة القانونية اللاحقة، قياسا على محاكمة العديد من المسئولين أمام القضاء بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ بسبب توقيعهم على أوراق تنفيذ بعض المشروعات.
لكن يبدو أن هناك مسافة لا تزال موجودة بين كلام الرئيس وكذلك تصريحات العديد من الوزراء والمختصين عن تشجيع الاستثمار، وبين سلوك بعض المسئولين على الأرض، بما قد يؤدى إلى تعويق الاستثمار وليس تشجيعه.
المفترض أننا نواجه أزمة اقتصادية عالمية طاحنة بدأت تنعكس علينا، وبدأت أعراضها فى الظهور بالفعل، وبالتالى فالمفترض أن أى مستثمر يتقدم بأى مشروع للحكومة، عليها أن توافق عليه فورا، طالما أنه يتوافق مع كل اللوائح والقوانين ويستوفى كل المعايير والمواصفات المطلوبة. وإن أى تأخير أو تعويق لأى مشروع لا يمكن تبريره بالمرة خصوصا فى هذه الظروف الصعبة التى يمر بها اقتصادنا الوطنى.
الكلام السابق كله من وحى بعض المناقشات الودية وغير الرسمية مع مستثمرين تقدموا ببعض المشروعات منذ شهور طويلة طالبين الحصول على الموافقات اللازمة، حتى يستطيعوا البدء فى التنفيذ الفعلى. وظنى أن أى مشروع انتاجى فى هذه الأيام مهم جدا، طالما أنه يؤدى سواء لبناء مصانع جديدة، أو توسعات كبرى فى مشرعات قائمة، وبالتالى تحقق أهدافا شديدة الأهمية للاقتصاد القومى أولها تشغيل المزيد من العمالة، وثانيها توفير العملات الصعبة نتيجة للتصدير للخارج، أو نتيجة عدم الاستيراد من الخارج.
نعلم جميعا أن الأزمة الاقتصادية، ووقف استيراد بعض مستلزمات الإنتاج لتوفير العملة الصعبة قد أدت إلى تعثر بعض المصانع أو توقفها. وبالتالى حينما يبادر أى مستثمر بإنشاء مشروع جديد فالمفترض أن تسارع كل أجهزة الدولة إلى دعمه وتشجيعه بكل الطرق الممكنة.
أدرك تماما أن كبار المسئولين مؤمنون فعلا بتشجيع الاستثمار، ويتحدثون دائما عن ضرورة ذ لك، لكن يبدو أن إحدى المشكلات الفعلية تتمثل فى الصفين الثانى والثالث من الموظفين، والنتيجة هى تعطل الاستثمار ويأس بعضهم من الأساس.
تشجيع الاستثمار يفترض أن يعنى حقائق واضحة أهمها تسهيل كل ما يعترض المستثمرين الجادين من عقبات، كما فعلت كل الدول التى حققت قفزات كبرى خصوصا دول جنوب شرق آسيا.
لا يعنى الكلام السابق من قريب أو بعيد التغاضى عن الشروط والمواصفات والقواعد القانونية، علينا أن نطبق ذلك بيد من حديد، لكن نحن نتحدث عن المناخ والأجواء، وعن أولئك الذين يعطلون «المراكب السايرة» والفئة الأخيرة يعشش بعضهم فى الجهاز الإدارى للدولة، وعدد كبير من هؤلاء يعمل بوضوح ضد مصلحة الوطن سواء كان يقصد ذلك أو لا يقصد، حينما يتلذذ بتعطيل مشروع هنا أو هناك.
مرة أخرى أنا لا أتحدث عن حالة فردية بالمرة، بل قصص متناثرة هنا وهناك منذ سنوات، وبالتالى فالهدف أن نتأكد أن هذا المناخ بدأ يختفى وأن الكلام الصادق عن تشجيع الاستثمار يجد ترجمة حقيقية على أرض الواقع.
أتمنى من الجهات المختصة أن تبدأ فى مراجعة كل طلبات المشروعات الخاصة المقدمة إليها، وإذا تأكدت أنها تستوفى الإجراءات والقواعد فعليها أن تبادر إلى تنفيذها فورا، ليس حبا فى أصحابها المستثمرين فقط، ولكن من أجل صالح الحكومة أيضا، ومن أجل صالح كل المجتمع الذى هو فى أشد الحاجة إلى أى مشروع إنتاجى يوفر فرصا للعمالة وكذلك العملات الصعبة. وأظن أنه من بين نقاط الضوء فى هذا الصدد «مبادرة ابدأ» التى تحتاج تسليط الضوء عليها لعلها تنجح فيما فشلت فيه كل المبادرات السابقة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذين يعوقون الاستثمار الذين يعوقون الاستثمار



GMT 10:54 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

«مسار إجبارى».. داش وعصام قادمان!!

GMT 10:52 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الفوازير و«أستيكة» التوك توك

GMT 10:49 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الأخلاقى والفنى أمامنا

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

ذكرى عودة طابا!

نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 02:26 2021 الخميس ,16 أيلول / سبتمبر

إرشادات على الزوجة اتباعها لتحظى بحياة أفضل

GMT 21:39 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 20:13 2016 الإثنين ,01 شباط / فبراير

عطري منزلك فى 7 خطوات بالشموع وشجر الكافور

GMT 17:43 2023 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الدواجن تُسجل ارتفاعاً كبيرا في الأسواق المغربية

GMT 23:36 2021 الجمعة ,15 تشرين الأول / أكتوبر

علاج فورما للبشرة هو بديل ممتاز لعمليات شد الوجه

GMT 16:38 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 03:38 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

كيت موس وناعومي كامبل تتألقان في عرض "فيتون"

GMT 22:53 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

​حسن الركراكي يتولّى رسميًّا تدريب شباب بنجرير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib