آثار العلا وأسرارها

آثار العلا وأسرارها

المغرب اليوم -

آثار العلا وأسرارها

دكتور زاهي حواس
بقلم: دكتور زاهي حواس
من أهم الأسئلة التي دائماً ما يسألها الناس عندما يجمعهم لقاء أو محاضرة مع عالم آثار هي: هل لا تزال هناك آثار دفينة لم يكشف عنها بعد؟ هذا السؤال يوجه دائماً لعلماء الآثار في كل مكان بالعالم وبأكثر من صيغة مختلفة، فربما يسأل البعض عن النسبة المئوية للآثار التي لم تكتشف بعد بالنسبة إلى تلك المكتشفة والمعروفة؟ كذلك يسأل المهتمون بالكشف عن الكنوز عما إذا كانت هناك كنوز نعلم بوجودها ولم نجدها أو نعثر عليها بعد؟ وفي الحقيقة ومن خلال رحلاتي ومحاضراتي حول العالم دائماً ما أؤكد أن علم الآثار هو من أحدث العلوم المستحدثة وعمره لم يتجاوز القرنين من الزمان. ورغم نشاط البعثات الأثرية منذ القرن الماضي خاصة في مجال البحث الأثري عن الحضارات القديمة فإن علم الآثار لم يكتب إلى يومنا هذا سوى الصفحات الأولى فقط من تاريخ وحضارة الإنسان على الأرض، التي لا نعلم على وجه اليقين متى بدأت تحديداً؟ وأين؟

تضم محافظة العلا بالمملكة العربية السعودية الكثير من المناطق الأثرية المهمة التي تعود إلى حقب زمنية مختلفة وهناك مواقع وآثار يعرفها الأثريون جيداً ومسجلة ضمن السجل الوطني للآثار التابع لهيئة التراث ولكن لم يتم الكشف عنها وسبر أسرارها بعد. ذلك رغم ضخامتها التي تفوق حد الخيال أحياناً ومثال على ذلك هو سر تلك المجموعات المعمارية المستطيلة التي تقع على مساحة ضخمة تقارب الـ200 ألف متر مربع! وقد تم إحصاء ما يزيد على ألف من تلك البناءات المستطيلة الشكل والمطمورة في الرمال ويظهر تخطيطها واضحاً بالتصوير الجوي أو من خلال المسح الأرضي كذلك. ورغم ضخامة تلك الآثار وكثرة عددها وتشابهها في التخطيط الذي يدل على وحدة الوظيفة التي كانت تؤديها فإن المعلومات لا تزال شحيحة للغاية ولا تتناسب مع ضخامة ما نتحدث عنه من عمارة قديمة تدل على نشاط إنساني مبهر بالمنطقة.
كان من أواخر الدراسات والأبحاث الميدانية التي تم نشرها عن سر هذه المستطيلات هو ما تم بواسطة بعثة علمية سعودية مشتركة مع فريق من جامعة غرب أستراليا، التي قامت بأعمال المسح الجوي وعمل حفائر تجريبية في عدد من هذه المستطيلات. وما تم الكشف عنه من معلومات يدعونا إلى الاستعداد إلى الكثير من الاكتشافات المستقبلية بهذه المواقع الكبيرة.
كشفت البعثة العلمية عن وجود حجرات على الأقل حجرة واحدة بكل بناء مستطيل كانت تستخدم في الأغراض الدينية مثل تقديم الأضاحي والقرابين الحيوانية وكان ذلك واضحاً بعد العثور على قرون حيوانات وعظام وأسنان كلها لحيوانات كانت تقدم كقرابين خلال طقوس ومعتقدات دينية معينة. وبالطبع كان الكشف عن البقايا الحيوانية مهماً للغاية بالنسبة للباحثين الذين تمكنوا من خلال تحليل كربون 14 المشع تحديد العمر الزمني الذي مر على تلك الحيوانات، وبالتالي تأريخ البنايات المستطيلة. وكانت المفاجأة التي أكدها الباحثون وهي أن تلك البنايات تعود إلى العصر الحجري القديم، وأن عمرها يتجاوز سبعة آلاف سنة، وبمعنى آخر فإن تلك الآثار هي أقدم عمراً من الأهرامات المصرية.
هذا مجرد مثال واحد، رداً على السؤال عن حجم الآثار المكتشفة إلى حجم غير المكتشفة، ولكن من المهم أن يعلم الناس أن الأثريين لا يسعون مطلقاً إلى كشف كل ما يقع تحت أيديهم، رغم إثارة الكشف ومتعة المعرفة، فهناك مواقع وآثار من الأفضل تركها للأجيال القادمة من الأثريين، حيث سيكون لديهم التقنيات والتكنولوجيا الأحدث من تلك التي نملكها. وبالتالي نضمن أن يكون الحفاظ على تلك المواقع والآثار أفضل. كذلك نضمن استمرارية علم الآثار المدهش، وأن الأجيال القادمة سيكون لها أيضاً نصيب من متعة الاكتشاف والمعرفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آثار العلا وأسرارها آثار العلا وأسرارها



GMT 13:57 2024 الإثنين ,05 آب / أغسطس

محاصر بين جدران اليأس !

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

«مسار إجبارى».. داش وعصام قادمان!!

GMT 10:52 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الفوازير و«أستيكة» التوك توك

GMT 10:49 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الأخلاقى والفنى أمامنا

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

ذكرى عودة طابا!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 16:10 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:17 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

"تارا عماد" تخوض تجربة الغناء لأول مرة دراميا
المغرب اليوم -

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 13:03 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 26-9-2020

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:35 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

المغرب الفاسي ينتصر وديًا على وداد صفرو

GMT 08:22 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

النفط يتدفق مجددًا بخط مأرب في اليمن

GMT 14:32 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

البولندية سواتيك تبلغ نهائي بطولة فرنسا المفتوحة للتنس

GMT 12:34 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الوداد يحاصر مدرب الفريق بالأسئلة بعد صدمة الديربي

GMT 06:31 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هذه توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية الأحد

GMT 09:09 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

سيدة تعثر على عظام بشرية داخل جوارب متجر شهير في بريطانيا

GMT 08:30 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

7 لاعبين يغيبون عن أولمبيك خريبكة أمام مولودية وجدة

GMT 11:35 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

الجزائر تطلق بوابة إلكترونية للترويج للسياحة

GMT 23:21 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

"جورجيا" وجهة سياحية مثالية للاستمتاع بالثلوج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib