لبنان بين الأوّل من آب والرابع منه

لبنان بين الأوّل من آب والرابع منه

المغرب اليوم -

لبنان بين الأوّل من آب والرابع منه

العماد ميشال سليمان*
بقلم: الرئيس ميشال سليمان*

الأوّل من آب، يومٌ منير يَلْتَفُّ الشعب اللبناني فيه كلّ عام حول المؤسّسة العسكرية، كذلك يُعبّر المجتمع الدولي عن ثقته بهذه المؤسّسة لأنها جيش الوطن لا جيش النظام، جيش اللبنانيين لا جيش السياسيين وحصصهم، جيش القيَم الإنسانية الحضارية لا جيش السلطة "البوليسية" المُتَسَلّطة …

الرابع من آب، أصبح يوم الضمير! ويوم العِبرَة للجميع.

عِبرَة مُؤلِمة ودرسٌ قاسٍ، تعلّمنا منهما أن السبيل الأفضل لحماية الأرواح والأرض والمُلكِيّة هو في حسن تطبيق الدستور والقوانين وفي القيام بالواجبات المنصوص عليها على جميع المستويات، وفي السهر الدؤوب على رصدِ ومراقبة كلّ الأخطار المُحدقة بالوطن والشعب، دون أيّ إهمال !

"بين الأوّل من آب والرابع منه"… جامِعٌ مُشتَرَك يَتَظهّر بنَهرٍ من دماء التضحية الزكيّة، دماء شهادة العسكريين وتضحيات المواطنين، وكلّ من روى تراب الوطن في الضنّية ونهر البارد وفي المواجهات مع العدوّ الإسرائيلي، كما في الاغتيالات السياسية والعسكريّة وفي التفجيرات المُدمّرة، أمّا أفظعها لُبنانيًا وعالمِيًا فانفجار مرفأ بيروت، إرهابيَةً كانت أسبابه أم غير ذلك .

بين الأوّل من آب والرابع منه… فَرقٌ شاسع بين الرصانة والتفاني والقيام بالواجب وبين المضِيّ في عدم تطبيق الدستور بل حتّى في انتهاكه والإطاحة بالاستحقاقات التي ينصّ عليها، الإطاحة بالانتخابات النيابية العامة والفرعيَة وبالانتخابات الرئاسيّة والبلدية …
 
والفراغ القاتل الذي أدّى الى كوارث ليس أوّلها دخول "داعش"، تمامًا في مثل هذا اليوم، وخطف وقتل عسكريين في جرود عرسال في فترة الفراغ الرئاسي، وليس آخرها افراغ نيترات "المجزرة" في العنبر الرقم 12 في الفترة نفسها … أضِف أيضًا التمديد وتصريف الأعمال وفق اجتهادات لا تمتّ الى منطق الدولة ورجالاتها بصلة، إضافة إلى الفساد المستشري ماليًا وإداريًا والناتج عن الفساد الأكبر في السياسة!…

بين الأوّل من آب والرابع منهِ… تُخِلُّ الدولة بالتزاماتها ولا تُنَفّذ ما أخذته طوعًا على ذاتها من تعهّدات! ليس أوّلها الامتناع عن تسديد الدين ولا حتّى التفاوض مع الدائنين، وليس آخرها التنكّر لتحييد لبنان الذي تبنّته الأمم المتّحدة والجامعة العربية والاتّحاد الأوروبي والدول الصديقة عندما تبنّت جميعها "إعلان بعبدا"… كما أخطأت الدولة في التنصّل من وضع استراتيجية دفاعية تحدّثنا عنها منذ العام 2006 ! لقد نقضنا تعهداتنا ونكسنا بوعودنا وأحكمنا عزلتنا الدولية .

بين الأوّل من آب والرابع منه… اختلافٌ واضح بين قوّة وحكمة ورصانة القيادة وبين الابتعاد عن وحدة القرار الأمني والسياسي وتماهي الدولة مع دويلات صار بعضها أقوى منها! بين التاريخين انحياز أفرقاء الى أحد محاور الصراعات ومعاداة الدول الشقيقة والصديقة والاساءة الى بعضها… بينهما حصرية امتلاك السلاح وعناصر القوّة وضبط الحدود البرّية والبحريّة ومنع إقامة منطقة عازلة (وفق إعلان بعبدا أيضًا) تصدّيًا لتنقّل المسلحين ولتهريب المواد الخطرة وتلك الحياتية المدعومة من حسابات المواطنين ومن جناهم وشقاهم ولقمة عيشهم.

ختامًا بين الأوّل من آب والرابع منه وما يرمزان اليه …

عدالةٌ منقوصة وقضاءٌ مُقيّد !

جيشنا، جيشُ شعبٍ قتلَهُ انفجار المرفأ بروحِه ورزقِه، أمّا القضاء فله وعليه أن يحكُم باسم الشعب. رابطٌ وثيق يجمعُ بين القضاء والأمن فلا يتحقّق أحدهما دون الآخر، فعلى القضاء ألّا يتردّد اليوم في محاسبة الجميع متّكِلًا على دعم الشعب ومُتخطّيًا الحصانات والحمايات، والكرة أيضًا عند الجيش والأجهزة الأمنية لتُعطي كل المعلومات التي تملكها حول الفوضى والتسيّب الأمني في المرفأ وعلى المعابر البرية والبحرية وعلى الحدود. هذه الأجهزة مكلّفة من الشعب وعليها أن تضع معلوماتها وإمكاناتها بتصرّف القضاء ليحكم باسم الشعب وباسم الشهداء والجرحى والمنكوبين وباسم صدقية لبنان كي يبقى للقيم الانسانية مكان في وطننا وكي تبقى ربوعنا ملاذا ومرقدا آمنًا...

نعم العدالة هي بين #عيد الجيش والمآتم "الأعراس" لجميع شهداء المرفأ والوطن.

نعم القضاء المستقل هو بين الاول من آب والرابع  منه.

و"كلّنا يعني كلّنا" عبارةٌ لا بأس في استخدامها إن أدّت إلى شروق الحقيقة ونهوض الدولة.

* ميشال سليمان رئيس الجمهورية اللبنانية السابق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان بين الأوّل من آب والرابع منه لبنان بين الأوّل من آب والرابع منه



GMT 02:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء
المغرب اليوم - نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 18:51 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

حمد الله ينافس ليفاندوفسكي على لقب هداف العام

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 20:29 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منة فضالي " فلّاحة" في "كواليس تصوير مشاهدها بـ"الموقف"

GMT 06:46 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج عيون ناعم يلفت الأنظار ليلة رأس السنة

GMT 03:29 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أصالة تبهر جمهورها خلال احتفالات العيد الوطني في البحرين

GMT 07:40 2014 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

اللاعب مروان زمامة مطلوب من ثلاث فرق مغربية

GMT 06:44 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

اختيار هرار الأثيوبية رابع أقدس مدينة في الإسلام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib