لماذا نطرح العديد من علامات الاستِفهام حول حقيقة مرض ترامب وأدائه المسرحيّ الفاشِل

لماذا نطرح العديد من علامات الاستِفهام حول حقيقة مرض ترامب وأدائه المسرحيّ الفاشِل

المغرب اليوم -

لماذا نطرح العديد من علامات الاستِفهام حول حقيقة مرض ترامب وأدائه المسرحيّ الفاشِل

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

تحوّل الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب إلى مادّةٍ خَصبةٍ للسّخرية، بسبب الطّريقة “الاستهتاريّة” و”الاستعراضيّة” التي تَعاطى من خِلالها بإصابته المُفتَعلة بفيروس الكورونا، حيث انقسمت الآراء بين مُصدّقٍ (الأقليّة) ومُكذِّبٍ (الأكثريّة)، وما زال الجَدل بين الفريقين مُستَمِرًّا.

الرئيس ترامب أقام في المُستشفى أقل من أربعة أيّام، ادّعى خِلالها أنّه كان يقوم بمهامه كرئيسٍ كالمُعتاد، وبثّ البيت الأبيض لقَطات له وأمامه ملفّات، ويُوقّع أوراق، تبيّن لاحقًا أنها كانت بيضاء بعد تكبيرها من قِبَل خُبراء مُختصّين.

يعتقد الكثيرون، ونحن من بينهم، أنّ قضيّة الكورونا هذه مسرحيّة انتخابيّة جرى توقيت بِدئها قبل الانتِخابات الرئاسيّة ببضعة أسابيع، للحُصول على أكبر قدرٍ مُمكن من التّعاطف في أوساط النّاخبين، والظّهور بمظهر البَطل الذي هزَم هذا الفيروس اللّعين، وبشكلٍ أقوى من أيّ وقتٍ مضى مُضيفًا بذلك “حُزمةً” من الأكاذيب إلى رصيده الضّخم الذي يزيد عن ثلاثة آلاف أُكذوبة ثُلثها حول الكورونا فقط.

أنا شخصيًّا أُصِبت بمرض الكورونا قبل ستّة أشهر تقريبًا، أثناء زيارة عمل أكاديميّة لمدريد، وقضيت أكثر مِن عشرة أيّام على الأقل على سَرير المرض في حالِ ضعفٍ شديدٍ جدًّا، رُغم أنّ الأعراض لم تكن قويّةً، واقتصرت على درجةِ حرارةٍ عاليةٍ وبعض السّعال فقط، ولم أُعانِ من أيّ متاعب في التنفّس أو التهابٍ في الرّئتين، والتزمت البقاء في البيت ولم أذهب إلى المُستشفى أو أراجع أيّ طبيب، وأصغر بالعُمر كثيرًا من ترامب.

ربّما يُجادل البعض بأنّي لست رئيسًا للدّولة الأعظم في العالم، وبالتّالي لست مُحاطًا بطاقمٍ ضخمٍ من الأطبّاء المُختصّين الذين يُشرِفون على صحّتي، وهذا صحيح، ولكن بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا العُظمى الأصغر بما يَقرُب العِشرين عامًا من ترامب، قضى أسبوعين في العناية المُركّزة تقريبًا، بعد إصابته بالفيروس، ولم يُمارس عمله بشكلٍ شِبه طبيعيّ إلا بعد ثلاثة أسابيع، وكان الإرهاق بادِيًا عليه.

***

الرئيس ترامب يُحاول أن يُقدّم نفسه على أنّه “سوبرمان” مُحصّنًا من الامراض، وقادرٌ على هزيمة كُل الفيروسات على وجه الأرض، ولهذا كان أوّل ما فعَله بعد مُغادرته المُستشفى نزع “الكِمامة” بطريقةِ أبطال أفلام هوليوود، ووجّه دعوةً إلى الأمريكيين بالخُروج ومُمارسة حياتهم بصُورةٍ طبيعيّةٍ دُون خوف، مُلوِّحًا بإشارة النّصر، ومُغرِّدًا على “التويتر” قائلًا “لا تخافوا هذا الوباء لأنّكم ستهزمونه.. لدينا أفضل المعدّات الطبيّة في العالم واللّقاحات آتيةٌ بين لحظةٍ وأُخرى”.

كيف لا يكون هذا الوباء مُخيفًا ملثما يقول ترامب وهو الذي قتل أكثر من 200 ألف أمريكي ودمّر الاقتصاد حتّى الآن، وأدّى لبِطالة 40 مِليون، وأصاب رُبع سكّان المعمورة، والأرقام في تصاعدٍ؟ هل هذا الرّجل يَصلُح أن يكون زعيمًا لأمريكا والعالم، وهل يَستحقّ الفوز في الانتخابات الرئاسيّة؟

قبل كِتابة هذه المقالة اتّصلت بطبيبٍ عربيٍّ صديقٍ تخرّج من كليّة هارفارد، وسألته عن انطِباعاته الأوّليّة فقال إنّ التّفاصيل حول إصابته مُتضاربة، ولا أحد يُعاني من النمونيا يخرج في غُضون أربعة أيّام، فالإجراء المُتّبع منع خُروج المريض المُصاب حتى يتعافى كُلِّيًّا، واعترف من واقع خبرته التي تمتدّ لحواليّ أربعين عامًا في بريطانيا، أنّ كُل الفيروسات تكون قويّة وقاتلة في مَوجتها الأولى، وبعدها تَضعُف وهكذا كان حال الإنفلونزا، ولعلّ حُدوث المِئات من الوفيّات في بريطانيا وإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة أدلّة تدعم هذه النظريّة، واللّافت الآن تراجع هذه الأرقام في الموجة الثّانية رغم تَضاعُف أعداد الإصابات عدّة مرّات، وهذا لا يعني أنّ المعلومات التي جرى نشرها وبتقتيرٍ شديدٍ عن صحّة ترامب موثوقة ودقيقة.
نحن لا نَثِق بالمعلومات التي تَصدُر عن الفريق الطبّي للرئيس ترامب، ولا نَستبعِد أن تكون مُزوّرة، فإذا كان وزير الخارجيّة الأمريكي كولن بأول ظهر على شاشة التلفزيون مُلوِّحًا ببعض القوارير مُؤكِّدًا أنّها تحتوي على مواد بيولوجيّة وكيميائيّة من معامل صدام حسين المُتحرّكة، وعاد واعتذر مُدّعيًا أنّ وِكالة المُخابرات الأمريكيّة ضلّلته، فلماذا نَستبعِد أن يكون هذا الفريق الطبّي كاذِبًا؟ ولا ننسى في هذه العُجالة توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا، و”دوسيه” الذي يتضمّن إثباتات تُؤكّد قُدرة عِراق صدام حسين على تجهيز أسلحة كيماويّة وبيولوجيّة في غُضون 45 دقيقة مُضَلِّلًا برلمان بلاده بطريقةٍ فاضحةٍ، ويتقاضى الملايين حاليًّا كمُستشارٍ للعديد من الدول الخليجيّة والعربيّة وآخِرها مِصر.

***
ألمْ يتعهّد ترامب لناخبيه العُنصريين بإعادة العظَمة لأمريكا إذا فاز في الانتخابات الماضية؟ وهل حقّق تعهّداته هذه؟ أم أنّه، وفي غُضون أربع سنوات، نجح في تدمير هيبتها وسُمعتها، وأطاح بها من عرشها كقوّةٍ عُظمى في العالم، وفَشِل فشَلًا ذريعًا في هزيمة فيروس “كوفيد 19″، ناهِيك عن هزيمة الصين أو روسيا أو حتى كوريا الشماليّة؟
ترامب ليس زعيمًا فاشِلًا فقط، وإنّما مُمثِّلًا فاشِلًا أيضًا، وستظهر حقائق كثيرة في الأشهر القادمة تفضح جهله وكذبه، سواءً فاز في الانتِخابات المُقبلة أو سقَط، وحينها سنُشاهد فُصول أكثر المسرحيّات العالميّة إثارةً.. والأيّام بيننا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا نطرح العديد من علامات الاستِفهام حول حقيقة مرض ترامب وأدائه المسرحيّ الفاشِل لماذا نطرح العديد من علامات الاستِفهام حول حقيقة مرض ترامب وأدائه المسرحيّ الفاشِل



GMT 14:47 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 13:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
المغرب اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 11:13 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب بحر إيجة جنوب غربي تركيا

GMT 15:44 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

اقتحام مقر وكالة الأنباء الليبية في طرابلس

GMT 13:44 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib