الدوحة والسرب الخليجي

الدوحة والسرب الخليجي

المغرب اليوم -

الدوحة والسرب الخليجي

المغرب اليوم
بقلم : عريب الرنتاوي

النفي القطري للتصريحات المنسوبة للأمير تميم بن حمد، لم يوقف الجدل بشأنها أو حولها، حتى بعد أن قالت الحكومة القطرية بأن "اختراقاً" قد تعرضت له وكالتها الرسمية للأنباء، وأن التحقيق جارٍ لتحديد الجهة المسؤولة وملاحقتها ... كل هذه التوضيحات، لم تقنع صحف الرياض وأبو ظبي ووسائل إعلام الدولتين، بالتوقف عن توجيه الردود والانتقادات للدوحة، القاسية جداً في بعض الأحيان.

معنى ذلك على وجه التحديد، أن إعلام هاتين الدولتين، الموجّه والمملوك والمدار حكومياً، لم يقتنع بحكاية "التهكير" ولم يأخذ بالنفي الرسمي الصادر عن الدوحة ... وإذ تزامنت الأفعال وردود الأفعال مع صدور 13 "مقال رأي" في صحف أمريكية تتناول قطر وتنتقدها كما قال وزير الخارجية القطري، فمعنى ذلك أن الخلافات بين دول النادي الخليجي قد خرجت عن السيطرة، وباتت أقرب إلى "حروب الوكالة"، ولكن في ميدان الإعلام والدبلوماسية والعلاقات العامة، إذ لا يمكن تجاهل احتمالات الربط بين المقالات الأمريكية المذكورة والحملات الإعلامية المتواصلة على قطر، سيما إن اخذنا بنظر الاعتبار أن عدداً من وسائل الإعلام والسياسيين ومراكز البحث في الولايات المتحدة والغرب عموماً، متورط من الرأس حتى أخمص القدمين، بتلقي المال الخليجي كما كشفت عن ذلك صحيفة نيويورك تايمز في تحقيق استقصائي موثق قبل عامين أو أزيد قليلاً.

قضايا الخلاف بين كل من الرياض وأبو ظبي من جهة والدوحة من جهة ثانية، ليست خافية على أحد ... الموقف من جماعة الإخوان المسلمين، هو قضية تفرق الجانبين خصوصاً أبو ظبي والدوحة ... مصر أيضاً ليست بعيدة عن هذا السجال، وهي تتبنى مواقف أكثر حدة من الجماعة الإسلامية، كشف عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة الأمريكية – الإسلامية مؤخراً... الدوحة في المقابل، لها موقف مغاير، عبر عنها أميرها في خطابه بقمة البحر الميت، حيث ندد بمحاولات إلصاق تهمة الإرهاب بالجماعة، ما استدعى انسحاب الوفد المصري من القاعة لحظة إلقاء الأمير لخطابه.

ينطبق ذلك على الموقف من حركة حماس، التي أدرجها الرئيس ترامب في قمة الرياض في قائمة المنظمات الإرهابية ... هناك أطراف عربية، تفعل ذلك واقعياً، وإن كانت رسمياً لم تقدم بعد على إدراج الحركة الفلسطينية في قوائمها السوداء ... الدوحة تحتضن المكتب السياسي لحركة حماس، وهي المساند دبلوماسياً لها في شتى المحافل، وتقدم ما يمكن أن يساعد الحركة في إدامة حكم الأمر الواقع في القطاع المحاصر، و"التسريبات" الأخيرة، نسبت للأمير قوله أن حماس هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وسواء أقالها الأمير أم لا، فإن سلوك قطر في هذه القضية تحديداً ينطلق من هذه القاعدة، والدوحة إلى جانب أنقرة، هما من تتوليان مهمة إعادة تأهيل حماس وتقديمها للمجتمع الدولي كجزء من الحل وليس كجزء من المشكلة، والوثيقة الأخيرة لحماس، اندرجت في هذا السياق.

هذا الموقف القطري المتميز، يثير حنق أبو ظبي والقاهرة، ويستثير غضب السلطة الفلسطينية، ولا يعجب الرياض وعمان، مع أن عدداً من هذه العواصم، لا تبدي وداً ظاهراً للمنظمة والسلطة والرئيس، وتفضل عليهم جميعا، قيادة بديلة، يلعب محمد الدحلان، دور الدينامو فيها، مع رموز فلسطينية أخرى، لم تعد خافية على أحد، والقاسم المشترك بينها، أنها أكثر تساوقاً واتساقاً مع مشاريع تنتقص من الحد الأدنى للحقوق الوطنية المشروعة.

الموقف من إيران أيضاً، هو موضع خلاف بين الجانبين، الرياض وأبو ظبي، الأولى بخاصة، تعتبر طهران العدو الأول والتهديد الأخطر للملكة والمنظومة الخليجية والإقليمية، وهي ذاهبة حتى نهاية الشوط في استهدافها، وقد هدد ولي ولي العهد السعودي في مقابلته مع قناة أم بي سي، بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني وعدم السماح لإيران بنقل المعركة إلى الداخل السعودي – الخليجي... قطر وإن كانت تجامل وتساير الموقف السعودي بعامة، إلا أنها تنتهج مقاربة مختلفة، وتعتمد مقاربة أقل حدة في التعامل مع قضايا الخلاف مع طهران.

ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي تغرد فيها الدوحة خارج سرب مجلس التعاون الخليجي، وقد بلغت العلاقات بينها وبين بعض دوله حد سحب السفراء والتهديد بفرص حصار بحري وبري على الإمارة، قبل أن تجري المصالحات على طريقة "بوس اللحى" العربية، وهي الطريقة التي وإن كانت تنجح في إرجاء الانفجار وتأجيل الأزمات وترحيلها، إلا أنها لم تكن يوماً وسيلة لمعالجتها وحلها، والمؤكد أنها ليست الطريقة المثلى للتأسيس لنظام إقليمي فاعل.

وأخيراً، يجدر التذكير بأن الدوحة ليست وحدها من يغرد خارج هذا السرب، مسقط أيضاً لها مقاربات مغايرة حيال جملة مواضيع، من بينها إيران والأزمتين السورية واليمنية ... الكويت أيضاً لها موقف مغاير، خصوصاً من إيران، وهي التي تولت التوسط وبذل مساعٍ حميدة بين ضفتي الخليج العربي/الفارسي ... الإمارات والسعودية، شريكتا "عاصفة الحزم"، لديهما مقاربات مختلفة من الأزمة اليمنية، وحول خطوط الخلاف بين دول المجموعة الخليجية، تنشأ تحالفات ومحاور مع دول أخرى في الإقليم، عربية وغير عربية كذلك.... مصر الأقرب للإمارات، وتركيا الأقرب لقطر وإيران الأقرب إلى عمان، وهكذا هو حال النظام العربي والإقليمي برمته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدوحة والسرب الخليجي الدوحة والسرب الخليجي



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:17 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:05 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

المغربية سميرة سعيد تُروج لأحدث أغانيها «كداب»
المغرب اليوم - المغربية سميرة سعيد تُروج لأحدث أغانيها «كداب»

GMT 11:02 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

GMT 06:42 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تعرف على أبرز مميزات وعيوب سيارات "الهايبرد"

GMT 00:55 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طالب يعتدي على مدرسته بالضرب في مدينة فاس

GMT 11:02 2023 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل العطور لفصل الخريف

GMT 11:55 2023 الأحد ,05 شباط / فبراير

نصائح لاختيار الحقيبة المناسبة للمعطف

GMT 16:56 2023 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

حكيمي ومبابي يستمتعان بالعطلة في مراكش

GMT 07:48 2022 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت التعامل مع الاختلاف في الرأي

GMT 09:59 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

قواعد اتيكيت نشر الغسيل

GMT 10:31 2022 الجمعة ,27 أيار / مايو

مايكروسوفت تطور دونجل لبث ألعاب إكس بوكس

GMT 01:02 2021 السبت ,07 آب / أغسطس

وصفات طبيعية لتفتيح البشرة بعد المصيف

GMT 19:36 2020 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

وفاة ابنة الفنان الراحل محمد السبع
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib