هل يتعيّن على الأردن أن يقلق لانسحاب أمريكا من سوريا

هل يتعيّن على الأردن أن يقلق لانسحاب أمريكا من سوريا؟

المغرب اليوم -

هل يتعيّن على الأردن أن يقلق لانسحاب أمريكا من سوريا

بقلم - عريب الرنتاوي

إن كان المسؤول الأردني قد لزم الصمت حيال قرار واشنطن سحب «جميع قواتها من جميع الأراضي السورية»، فإن صحيفة «إسرائيل هيوم» العبرية، والمقربة جداً من بنيامين نتنياهو، قد أخذت على عاتقها تفسير وتوضيح الموقف الأردني من هذه المسألة، ودائماً على لسان «مصدر فضل عدم الكشف عن هويته»، وأوردت في تقرير لها قول المصدر: «إنها طعنة في الظهر لصديق وحليف»، في إشارة إلى الأردن، وتركه منفرداً ليواجه النفوذ الإيراني المتزايد في سوريا.

الصحيفة، وجرياً على دأب السياسة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، لم تترك الفرصة تفوت دون محاولة اصطناع «تطابق» بين مصالح إسرائيل ونظرتها للمشهدين السوري والإقليمي، ومصالح بعض دول الاعتدال العربي ومن ضمنها الأردن والسعودية، ونظراتها لهذين المشهدين، متحدثة عن اتصالات تجري لتنسيق المواقف، في ضوء التداعيات «المزلزلة» للقرار الأمريكي.

بصرف النظر عن مزاعم الصحيفة والمعلومات (الفرضيات) التي تضمنها تقريرها بهذا الصدد، فإن سؤالاً جدياً يطرح نفسه بإلحاح: هل يتعين على الأردن أن يقلق جراء قرار واشنطن الانسحاب الشامل والسريع من سوريا، وغالباً من دون تنسيق مع «الحلفاء»؟... وما هي مصادر القلق والتحسب التي تجابه صناع القرار في عمان؟

لا أستبعد وجود قراءات في بعض أروقة السياسة وصناعة القرار في الدولة، تنظر للتهديد الإيراني بوصفه تهديداً مهمينا ومباشراً، وربما تكون هذه الأوساط، تستشعر قلقاً فعلياً من قرار الرئيس ترامب سحب قواته من سوريا، وقد سبق للأردن على أية حال، وفي معرض «تعريفه لمصالحه» في سوريا، أن أدرج «إبعاد المليشيات المحسوبة على إيران» عن الحدود لمسافة آمنة، كواحدة من هذه المصالح.

المبالغة في هذا القلق، صناعة إسرائيلية بامتياز، وهي قاعدة ارتكاز لاستراتيجية تل أبيب في التعامل مع المشهد الإقليمي والدولي برمته، وهدفها حشد التأييد وتعبئة الرأي العام ضد إيران، وخلق «أساس» لتحالف شرق أوسطي جديد»، تلعب فيه إسرائيل دور «الضمانة» و»الرافعة» للأمن والاستقرار الإقليميين، بعد أن ظل العرب ينظرون إليها بوصفها مصدر التهديد الأساس، إن لم نقل الوحيد، لأمنهم واستقرارهم.
لكن لماذا القلق، ومن إيران على وجه الخصوص، طالما أن الدولة السورية، قد بسطت نفوذها في معظم الأراضي السورية، وفي الجنوب، حيث تتركز مصالحنا ومنابع قلقنا على نحو خاص؟... لماذا القلق وحلفاؤنا في الإقليم، يخطبون ود دمشق، ويبعثون بالموفدين والرسائل المباشرة وغير المباشرة لقيادتها؟... لماذا القلق، وروسيا ما زالت، وحتى إشعار آخر، مرشحة للقيام بدور «المايسترو» في الأزمة السورية، وهو الدور المرشح للزيادة وليس النقصان، بعد قرار الرئيس دونالد ترامب؟... ثم من قال إن النظام في دمشق، «مرتاح» لانفلات المليشيات، جميع المليشيات، وتفلتها على بعض الأراضي السورية، ومن قال إنه سيستمر في الاعتماد عليها بعد أن تستتب له السيطرة على مختلف المناطق السورية؟

قبل الانتشار العسكري الأمريكي في سوريا، وطوال خمسة أعوام من عمر الأزمة السورية، كانت إيران حاضرة بقوة، بل ومتفردة في دعم النظام في دمشق، ولم يتهدد أمن الأردن ولا استقراره، وحافظ الأردن على مستوى «طبيعي» من العلاقات مع طهران، فهل سيتعذر على الأردن إدارة هذا الملف، بعد كل التطورات التي مرت بسوريا، وأهمها التدخل العسكري الروسي في سوريا، وهل من سبب للقلق من إحجام روسيا على الوفاء بالتزاماتها وتفاهماتها مع الأردن، خصوصاً على جبهة الجنوب؟

هناك أسباب للقلق نعم، ولكنها تتأتى من مصادر أخرى، أهمها وجود ألوف المقاتلين من «داعش» في مناطق البادية السورية وعلى مقربة من المثلث الحدودي مع سوريا والعراق، وهنا مخاوف من «انتعاش داعش» من جديد بعد الانسحاب الأمريكي، وتزايد احتمالات الصدام التركي – الكردي في المنطقة، ولكن من قال إن واشنطن وضعت هدف تصفية داعش نصب أعينها في العامين الأخيرين، ألم تكن تدير هذا الملف، بطريقة تسمح لداعش الاستمرار في استنزاف قوات الجيش السوري وحلفائه في المنطقة، ومتى سمعنا وسمعتم عن آخر هجوم استراتيجي أمريكي (التحالف الدولي) ضد أزيد من سبعة آلاف مقاتل داعش في مناطق شرق الفرات؟

التهديد الماثل لأمن الأردن واستقراره، ما زال يتمثل في «داعش» وأخواته... وهو تهديد مشترك يجمعنا بهذا القدر أو ذاك، مع موسكو ودمشق وطهران... أما إسرائيل التي أجادت «فن» التعامل مع النصرة والمنظمات الإرهابية في درعا والقنيطرة، فلا تأت على ذكر هذا التهديد أبداً، بل هي ترى فيه فرصة لاستنزاف دمشق وطهران وحزب الله، وروسيا إن تطلب الأمر... لا مصلحة أردنية – إسرائيلية مشتركة في سوريا، فإسرائيل هي مصدر التهديد القائم والدائم، وسياسات حكومة اليمين المتطرف فيها، قد تقود المنطقة إلى مغامرات وانفجارات هي (ونحن) في غنى عنها.
مصلحة الأردن مع محيطه العربي، وفي تطوير علاقاته مع دمشق، وتعزيز تفاهماته مع روسيا وتطبيع علاقاته مع إيران، وعدم الانجرار خلف «مخاوف ومخاطر مصنّعة» لغرض حرف الأنظار عن التهديد الإسرائيلي والتمهيد لصفقة القرن و»تطبيع» الوجود الإسرائيلي في المنطقة بعد إغراقها في دوامة من الحروب والصراعات التي لا تنتهي.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يتعيّن على الأردن أن يقلق لانسحاب أمريكا من سوريا هل يتعيّن على الأردن أن يقلق لانسحاب أمريكا من سوريا



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 14:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 15:05 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 08:00 2023 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

إنطلاق أكبر عملية صيد للذئاب في السويد أمس الاثنين

GMT 07:39 2023 الثلاثاء ,21 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم

GMT 22:07 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

أنهار سياحية تستقطب هواة المغامرات

GMT 15:24 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

هالة سرحان سفيرة معرض أبوظبي الدولي للكتاب

GMT 08:30 2019 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

هل تغير لون عيني الطفل أمر طبيعي؟
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib