طريق طهران لـ»تطبيع» علاقاتها مع العرب

طريق طهران لـ»تطبيع» علاقاتها مع العرب

المغرب اليوم -

طريق طهران لـ»تطبيع» علاقاتها مع العرب

عريب الرنتاوي
بقلم: عريب الرنتاوي

بعيداً عن «قعقعة السلاح» وضجيج التهديد والوعيد، آن الأوان لأن تعيد القيادة الإيرانية النظر في سياساتها الإقليمية، واستتباعاً، ومن باب أولى، أن تجري مراجعة أوسع وأعمق لسياساتها الداخلية كذلك ... سيما وأنها تواجه اليوم، أزمة في علاقاتها مع شعبها، بدلالة الاحتجاجات المتنقلة والمتكررة في الداخل الإيراني، وانفضاض البيئات الشعبية الحاضنة لحلفائها ووكلائها من حولهم كما يحصل على نحو دامٍ في العراق، وكما حصل على نحو أقل حدة في لبنان.

ظنت إيران بعد مقتل قاسم سليماني، أنها استعادت زمام المبادرة، وأن «ردها المزلزل» على عملية الاغتيال، سيكون كافياً لكسب «معركة العقول والقلوب» في العالم العربي، الذي طالما تضرر من السياسات الأمريكية وغضب لانحياز واشنطن لإسرائيل ... في الحصيلة النهائية، لم تكسب إيران أصدقاء جددا في العالم، بل فقدت ثقة جزءٍ من أصدقائها التقليديين، ولا يتعين على أية قيادة حصيفة في طهران الاصغاء لأقوال بعض قادة الفصائل والمليشيات المحسوبة عليها والمتمولة منها، فهؤلاء حتى الذين امتهنوا توزيع «كتب الشهادة وصكوك الغفران» باسم فلسطين والقدس، لا يمثلون سوى جزء ضئيل من الشعب الفلسطيني.
في إيران، ومن سوء طالع القيادة الإيرانية، أن سقوط الطائرة الأوكرانية بصاروخ للحرس الثوري، قبل أن تجف دماء ضحايا العملية الأمريكية في مطار بغداد، وما رافقه من أداء مرتبك وملتوٍ من قبل هذه القيادة، كان بمثابة الزيت الذي صُبّ على جمر الغضب الشعبي الذي عبّر عن نفسه بسلسلة من التظاهرات الغاضبة في العام الفائت وما سبقه ... الإنجاز الذي فاخرت به القيادة بالرد على مقتل سليمان، وفي مراسم تشييعه تبدد كثيراً، لتحل محله صورة الأداء المرتبك في تناول ملف الطائرة، وصور المتظاهرين الغاضبين، بدل صور المشيعين المحزونين في مدن إيران وشوارعها.
في العراق، لم تجف دماء أبو مهدي المهندس بعد، حتى عاود الحراك الشعبي أنشطته الجماهيرية الحاشدة في البيئة الحاضنة للفصائل الموالية لإيران ... التظاهرات العراقية بددت صور التشييع، وموقف المرجعية المندد بالانتهاك الأمريكي للسيادة العراقية، حل محله موقف داعم لمطالب الحراكيين في حكومة جديدة، تقوى على تلبية تطلعات المواطنين وأشواقهم، وتبعد العراق عن واشنطن وطهران على حد سواء.
ومقابل اجتماع في قم، لفصائل الحشد الشعبي المتنافسة، تجري اجتماعات في عواصم عربية أخرى لقادة من المكون السنيّ، لرسم خريطـة طريق لـ»الفدرلة» و»الأقلمة»، ويعاود إقليم كردستان تحركه القديم للاستقلال في دولة مكتملة الأركان والأوصاف ... العراق مهدد بالتقسم، وإيران تتحمل قسطاً وافراً من المسؤولية عن مآلاته هذه.
أما لبنان المهدد بالإفلاس السياسي والمالي والاقتصادي، فلن يكون بمقدور حزب الله أن يجازف بأية مغامرة من شأنها تجريده مما تبقى له من حاضنة شعبية، حتى في مناطق نفوذه التي خرج منها ألوف المتظاهرين في مسيرات «كلن يعني كلن»... أما في فلسطين، فيكفي أن جمهور حماس ذاته، لم يجد تبريراً لزيارة إسماعيل هنية لطهران، سوى بوصفها بـ «الاضطرارية» النابعة من عزلة الحركة في القطاع المحاصر ... غابت الجماهير عن بيوت العزاء التي فتحت بهدف توجيه الرسائل لطهران فقط ... وترفض غالبية الشعب الفلسطيني، السياسات الإيرانية في المنطقة، بل أن هذه الغالبية لم تعد تشتري بضاعة هذا المحور أو تأخذها على محمل الجد.
«القوة الخشنة» أفلست أو تكاد في حفظ مصالح إيران ونفوذها الإقليمي، وآن أوان التفكير بوسائل وأدوات «القوة الناعمة»، إن أرادت طهران تطبيع علاقاتها مع الشعوب العربية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريق طهران لـ»تطبيع» علاقاتها مع العرب طريق طهران لـ»تطبيع» علاقاتها مع العرب



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

زوجة واحدة لا تكفي!

GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 18:51 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

حمد الله ينافس ليفاندوفسكي على لقب هداف العام

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 20:29 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منة فضالي " فلّاحة" في "كواليس تصوير مشاهدها بـ"الموقف"

GMT 06:46 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج عيون ناعم يلفت الأنظار ليلة رأس السنة

GMT 03:29 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أصالة تبهر جمهورها خلال احتفالات العيد الوطني في البحرين

GMT 07:40 2014 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

اللاعب مروان زمامة مطلوب من ثلاث فرق مغربية

GMT 06:44 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

اختيار هرار الأثيوبية رابع أقدس مدينة في الإسلام

GMT 04:44 2015 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

شركة ألعاب "إيرفكيس" الشهيرة تطلق ألعاب خاصة للفتيات

GMT 09:18 2015 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

هواوي Y6 تبيع 5 آلاف وحدة من الهاتف النقال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib