تراجعت الولايات المتحدة الأميركية، في تقريريها الذي أصدرته الثلاثاء حول الاتجار بالبشر, عن تصنيف الجزائر ضمن قائمة الدول السوداء المتهمة بالتخاذل في الاتجار بالبشر عالميا وعدم احترام معايير قانون حماية الضحايا بعد أن وضعتها العام الماضي ضمن القائمة السوداء التي ضمت 27 دولة ولا تقوم ببذل أدنى جهود للقضاء على هذه الظاهرة.
وجاء في التقرير السنوي عن الاتجار بالبشر الذي أصدرت وزارة الخارجية الأميركية نسخته لعام 2017 الثلاثاء، إن الحكومة الجزائرية لا تمتثل بشكل كامل لأدنى المعايير لاجتثاث الاتجار بالبشر، لكنها تقوم بجهود كبيرة لتحقيق ذلك.
واستدلت الخارجية الأمريكية, في التقرير الذي وردت فيه عدد من الدول العربية على غرار كلا من الجزائر ومصر والعراق والكويت والأردن ولبنان وقطر والسعودية والإمارات فضلا عن دول المغرب العربي وعمان والسودان وموريتانيا وتونس وسورية وليبيا واليمن, ببعض الانجازات التي أحرزتها الجزائر في هذا المجال والتي تشمل التحقيق والملاحقة القضائية في حق 16 شخصا متورطا في الأمر وتم التعرف على 65 ضحية محتلمة.
ودعت الولايات المتحدة الأمريكية السلطات الجزائرية إلى التحقيق وملاحقة وإدانة المتورطين في الاتجار الجنسي بالبشر والعمل القسري, إلى جانب اعتماد إجراءات رسمية لتحديد الضحايا وتوفير الرعاية لهم وتدريب السلطات بما فيها الأمنية والقضائية والجهات الصحية للتعامل مع تلك الحالات.
وليست هي المرة الأولى التي تصنف فيها كتابة الدولة الأمريكية حول الاتجار بالبشر الجزائر ضمن الفئة الثالثة التي تضم حسب أصحاب التقرير دولا لا تحترم كليا أدنى المعايير للقضاء على الاتجار بالبشر, لكن اعترفت هذه المرة كتابة الدولة الأمريكية في تقريرها الذي صدر الثلاثاء أن الجزائر تقوم بجهود كبيرة لتحقيق ذلك وهو الأمر الذي لم تقر به في التقرير الذي صدر عام 2016, حيث تم تصنيف الجزائر رفقة السودان، سوريا، جيبوتي، جزر القمر، وموريتانيا، إيران، جنوب السودان، روسيا، روسيا البيضاء، تركمانستان، أوزباكستان، فنزويلا، زيمبابوي، إبليز، بورما، بوروندي، جمهورية أفريقيا الوسطى، هايتي، غينيا الإستوائية، إريتريا، غامبيا، غينيا بيساو، كوريا الشمالية، جزر المارشال، سورينام، بابوا غينيا الجديدة في الفئة الثالثة التي لا تلتزم حكوماتها كليا بالمعايير الدنيا التي ينص عليها قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر، ولا تبذل جهودا ذات أهمية في هذا الاتجاه.
وأثار هذا التقرير أنذلك غضب السلطات الجزائرية وممثلي الهيئات الحقوقية الرسمية في الجزائر, وقال رئيس اللجنة الجزائرية الاستشارية للدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها السابق فاروق قسنيطي, أن تقرير كاتبة الدولة الأمريكية الأخير حول الاتجار بالبشر التقرير مغلوط ومضلل.
وأكد لدى نزوله ضيفا على القناة الإذاعية الحكومية, أن تاريخ الجزائر نظيف ومشرف في هذا الخصوص. وقال إن الجزائر تكذب بشدة هذه الخرافات والتهم الخطيرة التي تضمنها تقرير الخارجية الأمريكية، الذي أكد أنه لم يدرج أي نقطة صحيحة ولم لن تمارس أبدا تجارة الاتجار بالبشر.
ومن جانب آخر قال الرئيس السابق للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في الجزائر, بوجمعة غشير, في تصريحات لـ " العرب اليوم " إن قضية الاتجار بالبشر ودور الجزائر مطروح بصفة دورية في التقارير الأمريكية, مشيرا إلى أن الجزائر لم تكن تعرف هذه الظاهرة قبل نزوح الأعداد الكبيرة من الأفارقة للجزائر , مشيرا إلى أن الهجرة غير الشرعية للأفارقة القادمين من جنوب الساحل وراء بروز هذه الظاهرة في الجزائر, مشيرا إلى أن معظمهم يحاولون جمع أكبر قدر ممكن من الأموال وتسليمها للشبكات التي تعمل على تهريبهم نحو أوروبا, موضحا إنه وبالنظر إلى التدفق الكبير للأفارقة على البلاد عجزت السلطات الجزائر على التكفل بهم كلهم في غياب دعم تام من القوى العظمى.
وأكد رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بوجمعة غشير, أن الجزائر اتخذت كافة التدابير والإجراءات القانونية لتكييف إطارها الداخلي مع الاتفاقيات الدولية, مستدلا بقانون العقوبات الجزائري الذي يعاقب على ظاهرة الاتجار بالبشر.
وطالبت الجزائر, الثلاثاء, بمساعدة دولية للتكفل بآلاف المهاجرين الأفارقة الذين يتدفقون على أراضيها، خاصة من مالي والنيجر، متعهّدة برعاية وحماية النازحين من دول الساحل هروبا من الفقر والنزاعات، وذلك ردا على دعوات ترحيلهم بسبب تواجدهم العشوائي في المدن الجزائرية.
وكشفت رئيسة الهلال لأحمر الجزائري, سعيد بن حبيلس, خلال زيارة قامت بها إلى تجمع خاص بنازحين أفارقة في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الجزائر العاصمة, أنه يتعين على الدول الكبرى دعم الجزائر من خلال المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي تطلب فيها الجزائر مساعدة دولية للتكفل باحتياجات المهاجرين والنازحين الأفارقة إلى أراضيها. وكان وزير الداخلية الجزائري, نور الدين بدوي, قد كشف خلال رده على أسئلة أعضاء مجلس الأمة, شهر آب / أغسطس الماضي, عن تفكيك شبكة تنشط في المتاجرة بالأطفال على مستوى محافظة تمنراست على حدود الجزائر مع مالي والنيجر أفرادها غير جزائريين.
وأكد أنه وبعد مباشرة بعد التحقيقات الأمنية والتقارير التي وصلت إلى مصالحها بخصوص تورط تنظيمات أجنبية في الاتجار بالبشر بالجنوب. وجاء تصريح الوزير بالموازاة مع رد سابق قدمته وزارة الخارجية، وانتقدت فيه التقرير الأمريكي الذي صنف الجزائر في الفئة 3 التي تشمل دولا لا تحترم كليا أدنى المعايير للقضاء على الاتجار بالبشر ولا تبذل جهودا لبلوغ هذا الهدف.
وكشف بدوي عن ترحيل ما لا يقل عن 17 ألف مهاجر غير شرعي موجود في الجزائر، منذ سنتين من بينهم رعايا نجيريون وسنغاليون وغانيون قائلا "من المرتقب الانطلاق قريبا في عملية ترحيل عدد من الرعايا السنغاليين والغينيين".
وأضاف الوزير أن عملية إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم توشك على الانتهاء والملف موجود على طاولة وزارة الشؤون الخارجية التي تدرس آخر الإجراءات المتعلقة بهذه العملية".
وقال وزير داخلية الجزائر نور الدين بدوي, إن ظاهرة الهجرة غير الشرعية أضحت تشكل مصدر قلق بالنسبة للجزائر وهو ما يستدعي تضافر الجهود الجهوية والدولية لمعالجتها من خلال التوصل إلى آليات تمكن من تحقيق التنمية بالبلدان الأصلية لهؤلاء المهاجرين من خلال وضع سياسات حقيقة بدل الاكتفاء بالمساعدات الظرفية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر