الـ«سوشيال ميديا» تسرق وهج السبق الصحافي
آخر تحديث GMT 11:08:28
المغرب اليوم -

الـ«سوشيال ميديا» تسرق وهج السبق الصحافي

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الـ«سوشيال ميديا» تسرق وهج السبق الصحافي

السوشيال ميديا
بيروت ـ المغرب اليوم

يحمل السبق الصحافي (السكوب) نكهة خاصة لكل إعلامي شغوفٍ بمهنته، فهو بمثابة حلم يراوده منذ ولوجه عالم مهنة المتاعب، يلهث وراءه ويجتهد لبلوغه مهما كلّفه الأمر من تعب وجهد. والهدف أن ينشر خبراً حصرياً استطاع وحده اقتناصه كي يعزّز به مشواره، فيكون وساماً يعلقه على صدره، ويحفظه الناس في ذاكرتهم، ويتذوّق معه طعم نجاح من نوع آخر لا يقارن بغيره.

ولكن منذ انتشار الـ«سوشيال ميديا»، فقد الـ«سكوب» وهجه. وصار كل شخص موجود في مكان الحدث قادراً بواسطة تليفونه الجوّال أن ينشره بالسرعة المطلوبة. ذلك أن ركائز السبق الصحافي تتألف من خبر أو مقابلة حصرية تُقدَّم للمتلقي بأسرع وقت ممكن، ومعها يسابق الإعلامي الزمن والزملاء في آن. إلا أنه مع الصفحات الإلكترونية كـ«إكس» و«إنستغرام» غاب الـ«سكوب» إلى غير رجعة. ومن ثم، صار على مَن يرغب في معرفة سبب دوي انفجار ما أو آخر أخبار الساحة، اللجوء - وبسرعة - إلى تلك الصفحات كي يقف على حقيقة الحدث عند لحظة حدوثه.

إعلاميون لبنانيون كثر حقّقوا السبق الصحافي غير مرة في «زمن الإعلام الذهبي»، من بينهم روز زامل التي ذاع صيتها عبر أثير إذاعة «صوت لبنان» في عقد الثمانينات.روز، التي عُرفت إعلامياً بـ«وردة زامل»، وكانت رائدة في تقديم المحتوى الإذاعي الرفيع من خلال حوارات سياسية واجتماعية وفنية، تركت حقاً بصمتها في الأخبار والمقابلات والمعلومات الحصرية. إذ قابلت فيروز، وحاورت غونداليزا رايس (وزيرة الخارجية الأميركية السابقة)، كما التقت رؤساء جمهورية عرباً ولبنانيين. بيد أن السبق الصحافي الأهم لها الذي يتذكّره اللبنانيون، كان - يومها - مع وزير الداخلية السوري الراحل غازي كنعان، الذي أعطاها حصرياً آخر حديث إعلامي له قبل أن يُقدِم على الانتحار. وكان ذلك في عام 2005، وخصّها شخصياً بتصريحه الأخير، واصفاً إياها في حينه بـ«الصحافية الموضوعية».

زامل تصف نفسها بأنها تنتمي إلى «مدرسة حربية»؛ إذ إنها بدأت ممارسة مهنتها في الإذاعة إبان الحرب اللبنانية. وكانت في إذاعة «صوت لبنان» الحزبية - يومذاك - «الصوت الصارخ باسم الناس» كما قالت في حوارها مع «الشرق الأوسط». ثم تابعت: «كنا نبحث عن السبق الصحافي لنوصله بأسرع وقت ممكن للناس. وما زلت حتى اليوم في برنامجَي (صالون السبت) و(المجالس أمانات) في إذاعة الشرق أفتش عن الخبر المميز».زامل ترى أن على الإعلامي كي يختلف عن غيره «ألا ينام على حرير، إثر أي نجاح يحققه». ورداً على سؤالنا: أين موقع السبق الصحافي اليوم؟ قالت: «صار بمقدور أي مواطن تحقيق (سكوب) ما. إننا نشهد اليوم على نهاية مهمة وسائل الإعلام... فعندما يغيب السبق الصحافي، الذي أعتبره نجماً يسهم في تجديد المادة الإعلامية، يفتقد هذا المجال رونقه».

من جهة ثانية، لا تنفي روز زامل انزعاجها من ذاكرة الناس التي تحفظ آخر سبق صحافي يحققه الإعلامي، «فهي بذلك تمحو تاريخاً طويلاً من إنجازات الإعلامي، ويكون قد دفع ثمنها جهداً وتعباً ذهبا سدى». غير أنها تستدرك فتضيف: «لا يجوز أن نستسلم لاكتساح وسائل التواصل الاجتماعي الساحة الإعلامية، ولا للخبر الـ(ديلفري) الذي يأتينا على طبق من فضة... إن الوفاء لمهنة المتاعب مطلوب دائماً. وأنا أجتهد لإحراز الفرق في مقابلة أو حوار أو خبر ما».الجدير بالذكر أن السبق الصحافي هو «خبر ينشره صحافي أو مؤسسة إخبارية قبل أي مصدر آخر، ويكون ذا محتوى استثنائي أو أهمية، ويحدث مفاجأة. وأحياناً يأخذ منحى الإثارة أو كشف معلومات سرية». وتُعد البريطانيه كليرهولينغورث صاحبة أهم سبق صحافي في التاريخ. وبفضله لقبت بـ«أسطورة السبق الصحافي في العالم»؛ لأنها كانت أول من رصد تقدم الجيش النازي باتجاه الحدود الألمانية - البولندية، كاشفةً عن انطلاق شرارة الحرب العالمية الثانية.

يومذاك، كانت كلير شابة طموحة في الـ27 من عمرها، عينتها صحيفة الـ«دايلي تلغراف» اللندنية مراسلة لها في بولندا عام 1939. وبعد أسبوع واحد فقط من توليها الوظيفة، نشرت الخبر. أما في الولايات المتحدة، فيعد كثيرون السبق الأهم ذلك السبق الصحافي الذي تحقق على يد الصحافيين الاستقصائيين بوب وودورد وكارل بيرنشتاين في صحيفة الـ«واشنطن بوست». وهما اللذان كانا وراء تسريب خبر «فضيحة ووترغيت» الأميركية، وكان من يقف وراء تسليمهما هذه المعلومة أحد المسؤولين في مكتب التحقيقات الفيدرالي الـ(إف بي آي) ويليام فيلت.في الحقيقة، مرّ السبق الصحافي بحالتي صعود وهبوط عبر السنوات الماضية، وصار يأخذ أشكالاً مختلفة. وهذا الواقع تسبب في إصابة بعض الإعلاميين المحترفين بالإحباط.

ثم إنه ازدهرت في حقبة التسعينات الـ«السكوبات» المفبركة مقابل حفنة من المال؛ إذ كانت تشتري وسيلة إعلامية معينة السبق من صاحب العلاقة، وأحياناً لعب صاحب العلاقة نفسه دوراً في الموضوع، فكان يختار المحطة التلفزيونية أو الوسيلة الإعلامية حسب ميوله السياسية، ليزوّدها بتصريح يصب في خانة السبق الصحافي.الدكتورة وفاء أبو شقرا، أستاذة الإعلام في الجامعة اللبنانية ورئيسة «مركز الأبحاث» في كلية الإعلام بالجامعة، تعلّق لـ«الشرق الأوسط» على هذا، موضحةً: «عندما نقول (سكوب) فإن ذلك يعني جهداً مضاعفاً نبذله للحصول على مادة إعلامية حصرية، نعمل لها شخصياً وتميّزنا عن غيرنا. ولكن عندما تدخل عليها مزايدات من هنا وهناك، وتصبح إمكانية شرائها بالمال متوافرة، أو مقدمة على طبق من فضة، تفقد المادة الإعلامية معناها الحقيقي».

كون الدكتورة أبو شقرا أستاذة جامعية يجعلها تتطرق حالياً في صفوفها لهذا الموضوع، وإن من دون إعطائه حيّزاً كبيراً. وهنا تضيف: «لقد انطفأ السبق الصحافي في ظل انتشار السوشيال ميديا... لكننا نعرّج على هذا الموضوع بشكل بسيط في الدراسة الجامعية للإعلام كمعلومة على الطلاب معرفتها». وتستطرد: «تطوّر التكنولوجيا صار بإمكانه أن يوصلك بمكتب الكونغرس الأميركي وغيره من مصادر المعلومات بكبسة زر. هذا في رأيي قزّم دور المراسل الإعلامي وحصره في البحث عن أسلوب آخر ليتميز به... صار التركيز أكبر على المحتوى الإعلامي، في حد ذاته، بحيث يجذب المتلقي ويفيده بمعلومات يحتاج إليها».

وتختم أبو شقرا كلامها، موجزةً: «مفهوم الـ(سكوب) تبدّل وصارت الـ(notifications) (التنبيهات) والـ(ترند) على وسائل التواصل الاجتماعي تتقدمه».
أما وليد عبود، رئيس تحرير نشرة الأخبار في محطة «إم تي في» المحلية اللبنانية، فيشير خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» إلى أن «معايير السبق الصحافي اليوم اختلفت عن الماضي». وفي رأيه أن «كل مواطن صار صحافياً من باب التكنولوجيا المتطورة»... وأن الصحافيين لا يستطيعون أن يكونوا حاضرين في جميع الأماكن بحثاً عن الحدث»، وبالتالي - حسب عبود - ما عاد الصحافيون قادرين على تأمين حضور سريع إلى مكان الخبر، ما أتاح للمواطن العادي أن يسبقهم ويؤدي هذه المهمة.

ويتابع وليد عبود: «بالهاتف الجوال بات يَلتقط الصورة أو يسجل فيديو قصيراً... فيصار إلى عرضه على وسائل التواصل الاجتماعي في اللحظة نفسها». ثم يضيف: «لذا تحول الإعلام التقليدي اليوم إلى ما بعد الخبر... أي إلى تحليل ما وراء الخبر وأبعاده. وفي ظل كثافة المقابلات والحوارات من سياسية وغيرها على الشاشات الصغيرة، ما عادت الحصرية متوافرة. فالضيف نفسه الذي تحاوره يطل مرات في اليوم نفسه على شاشات تلفزيونية أخرى. وأحياناً وقبل أن تستضيفه بقليل يطل على موقع إلكتروني أو عبر صفحته معلناً عن موقف أو خبر معين».ويختم: «ثمة كمية استهلاك هائلة من قبل متابعي أخبار تلك المواقع والصفحات الإلكترونية، ولذا من الصعب تحقيق السبق الصحافي المطلوب عبر وسائل إعلام تقليدية... لأن الجميع غارق في لعبة الاستهلاك، وهنا تكمن المشكلة».

قد يهمك أيضــــــــــــــا

الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين ترى النور في المغرب

خريبكة يُقدِّم الطوسي لوسائل الاعلام المغربية والدولية

 

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الـ«سوشيال ميديا» تسرق وهج السبق الصحافي الـ«سوشيال ميديا» تسرق وهج السبق الصحافي



أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة - المغرب اليوم
المغرب اليوم - جراحون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 17:53 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

محمد صلاح يضيف لرصيده 3 أرقام قياسية جديدة

GMT 13:50 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 21:44 2021 الأحد ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أشهر الوجهات السياحية المشمسة في الشتاء

GMT 00:48 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إسبانيول يفاجئ ريال مدريد بخسارة مؤلمة

GMT 00:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة "قناة رقمية" تثير تساؤلات في جامعة أكادير

GMT 21:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib