بيغاسوسلوموند تواجه الأدلة المادية بعرض الوقائع الافتراضية
آخر تحديث GMT 03:58:49
المغرب اليوم -

"بيغاسوس"لوموند" تواجه "الأدلة المادية" بعرض "الوقائع الافتراضية"

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

جريدة لوموند الفرنسية
الرباط- المغرب اليوم

من المؤكد أن جريدة لوموند الفرنسية كلما حاولت مجاراة تحدي السلطات المغربية والدخول أكثر في تفاصيل وجزئيات قضية بيغاسوس، من خلال محاولتها عبثا تقديم أدلة تدين المغرب، كلما غابت عنها الموضوعية والحياد، وكلما زادت من تدعيم موقف المملكة المغربية وتعزيزه ماديا وقانونيا، بل وتزيد من إرخاء كثير من الظلال الوارفة من الشكوك حول خلفيات ومقاصد الحملة الإعلامية الممنهجة التي تستهدف المصالح العليا للمغرب.

ففي إطار التفاعل مع تصريحات السفير المغربي بفرنسا، شكيب بنموسى، الذي كان رفع التحدي عاليا في مواجهة من يطلبون رأس المغرب إعلاميا، بأن طالبهم بالإدلاء ببراهينهم العلمية وإثباتاتهم المادية التي تدعم اتهاماتهم أو الركون إلى السكوت، نشرت جريدة لوموند الفرنسية مقالا جوابيا تحت عنوان: “مشروع بيغاسوس.. هذه هي المعطيات التقنية التي تؤكد تورط المغرب”.

والملاحظ أن الصحيفة الفرنسية ذائعة الصيت لم تقدم في مقالها أي دليل علمي يثبت الاختراق المزعوم، ولم تبسط حجة مادية تؤكد وقوف المغرب وراء عمليات التجسس المفترضة، رغم أن عنوان المقال كان مفعما بالإثارة وجالبا للانتباه أكثر من أي شيء آخر. وعموما لم تفعل جريدة لوموند شيئا من كل ما ادعت سوى أنها أثبتت أن الأمر يتعلق بالفعل باتهامات كاذبة تهدف إلى تشويه صورة المغرب وعرقلة التقدم الكبير الذي يحرزه هذا البلد النامي في شمال إفريقيا، وتدعم بشكل غير مقصود النفي الرسمي المغربي لمزاعم تورطه في هذه القصة، وتوطد دعوته الملحة إلى ضرورة تقديم إثباتات على “مادية الأفعال المنسوبة له”.
افتراضات.. تدعمها الهواجس

من يطالع عنوان جريدة لوموند ينبري باحثا عن القرائن المادية والإثباتات العلمية التي تدين المغرب وتنسب له فضيحة بيغاسوس، لكن القارئ سرعان ما يكتشف أنه كان ضحية عنوان احتيالي، مطبوع بالإثارة ومدفوع بنتيجة محسومة مسبقا، هي “استهداف المغرب”. فالمقال الجديد يربط بين افتراضات وتكهنات لا أساس لها من الصحة، تظهر، مرة أخرى، نقصاً صارخاً في الموضوعية وافتقارا شديدا لفلسفة المنطق عند محرر المقال.

ففي الواقع، كيف يمكن لصحفي لوموند أن يتهم بلدا من حجم المغرب، الحليف الإستراتيجي لفرنسا، وهو يستشهد بعبارات منافية للمنطق وتفتقد للتمييز مثل قوله: “هناك قناعة لدى العديد من أجهزة الدولة في فرنسا بأن المغرب كان بالفعل عميلاً لبيغاسوس”؛ فمن هي تحديدا الأجهزة الفرنسية التي قالت هذا الكلام؟ ولماذا استنكفت الجريدة عمدا عن ذكرها مع أن الأمر يتعلق بإثباتات كما يدعي صحافي لوموند؟ وما هي المعطيات الاستخباراتية أو الاستعلاماتية التي أسست عليها هذه الأجهزة الفرنسية المجهولة قناعتها بأن المغرب يملك فعلا بيغاسوس؟. للأسف الشديد، لقد سكتت لوموند عن بيان هذه المعطيات المهمة في معرض حاجة القارئ إلى بيان توضيحي لتبديد الفرضيات والمزاعم المتنامية في هذا الصدد.

وفي سياق متصل، أين تتجلى الإثباتات التي تزعمها جريدة لوموند في قولها “إن الأرقام الخاصة بالهواتف المستهدفة في فرنسا هي من بين قائمة الأهداف المحتملة التي تتطابق مع الأولويات الجيو-استراتيجية للمغرب”؟. ووفقا لهذا المنطق فإن أي شخص يتقاطع مع مصالح المغرب إيجابًا أو سلبا هو هدف محتمل للتجسس المغربي المزعوم؛ فهل مثل هذا الكلام يعتمل أصلا المنطق لكي يمكن اعتباره دليلا ماديا لإدانة المغرب؟.

ودعونا هنا نجاري منطق لوموند الفرنسية لنخلص لما يشبه اللامنطق الذي تختزله قضية بيغاسوس برمتها؛ فالجريدة الفرنسية تتحدث عن استهداف صحافيين مغاربة مثل عمر الراضي المقيم بالمغرب! وهنا نسأل صحافي لوموند لماذا قد يلجأ المغرب إلى طرق غير مشروعة للتنصت على شخص متابع جنائيا في قضية يسمح فيها القانون المغربي أصلا بإمكانية التنصت القضائي طبقا للمادة 108 من قانون المسطرة الجنائية؟ ولماذا قد تفضل السلطات المغربية برنامج بيغاسوس المكلف ماديا والمعقد معلوماتيا مع أنها تتوفر أصلا على وسائل تقنية وقانونية أقل كلفة وأكثر حجية أمام المحاكم الوطنية؟.

وما هي أيضا مصلحة المغرب في التنصت أو اختراق هاتف المحامي الفرنسي جوزيف بريهام الذي ذكرته لوموند في مقالها؟ والذي قالت إنه “اشتغل على قضية الصحراء (الغربية)! والسؤال المطروح هنا هل اشتغل هذا المحامي لصالح السلطات المغربية أم ضد مصالحها الإستراتيجية؟ هي طبعا أمور سكتت عنها الجريدة الفرنسية من باب إذكاء اللون الرمادي في تحليلها. وفي كلتا الحالتين، ما هو التهديد الذي يشكله محام غير معروف للمصالح الجيو-استراتيجية للمغرب؟ ولماذا لا يمكن تصور أن أعداء المغرب هم من يتجسسون على هذا المحامي للتحقق من مدى ولائه إن كانوا هم من يجندونه للترافع ضد مغربية الصحراء؟.

الأسئلة والشكوك نفسها تثار بشأن الصحافية في ميديابارتLenaïg Bredoux ، التي حاولت لوموند ربطها بشكل ملتو بمصالح المغرب من خلال الزعم بأنها كانت تشتغل على مقالات تهم عبد اللطيف حموشي، مدير القطب الأمني المغربي الذي يجمع الأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. فمثل هذه الصحافية قد تهم خصوم المغرب بنفس قدر الاهتمام لدى أجهزته الأمنية، خصوصا أولئك الخصوم الذين يريدون أن يضمنوا ولاء الصحافيين الذين ينخرطون في حملات الاستهداف الممنهج لشخص المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني. وبمنطق لوموند دائما: فإن أي صحافي في العالم يكتب ضد الأمن المغربي ومديره العام سيكون عرضة للتجسس بواسطة بيغاسوس؟ فلماذا تم التجسس فقط على صحفية ميديا بارت المغمورة دون سواها من الصحافيين الأجانب؟ إنه العبث، أو بتعبير آخر إنه اللامنطق.

وتزداد الغرابة لدى القارئ ويزداد معها البؤس في منطق لوموند عندما يستشهد كاتب المقال بشأن الأهداف المحتملة للتجسس المغربي المزعوم بـ”…محام متخصص في قضايا حقوق الإنسان، من بينها ملفات تهم المغرب، لكنه لا يرغب في الكشف عن هويته!”؛ فكيف يمكن التصديق بأن محاميا يفترض أنه يدافع عن حقوق الإنسان، بما فيها حرية الرأي والتعبير، أن يتدثر بالخوف ويرفض الكشف عن هويته؟ وهل من المستساغ عقلا ومنطقا أن يكون هناك مناضل حقوقي يهاب تبعات كلامه في العلن؟ وكيف يمكن أيضا تحميل المغرب مسؤولية استهداف “نكرة” غير معلومة الهوية والمصالح؟ وكيف يمكن التجاسر وضرب المصالح العليا لبلد شريك بسبب شخص لا يرغب في الانتصاب كضحية ولا يريد كشف هويته؟ إنه العبث أو بتعبير آخر إنه منطق جريدة لوموند الفرنسية.
مختبر جنيني.. ومولود مسخ

من المؤسف حقا أن تنخرط جريدة لوموند، ومعها العديد من المنابر الإعلامية الدولية، في حملة استهداف المغرب من بوابة اليقين بالفرضيات والإيمان بالتكهنات والانتصار للاستنباطات. ولعل هذا “المنطق” هو الذي دفع Runa Sandvik، خبيرة أمن المعلوميات ومديرة أمن الكومبيوتر في نيويورك تايمز، إلى التصريح بأنها “لا تؤمن حقا بهذا الوحي”.

إنه فعلا أشبه بالوحي، الشخصي طبعا وليس الإلهي، خصوصا عندما يدرك القارئ بأن مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية، الذي يدعي بأنه قام بتطوير معرفة تفصيلية ببرامج التجسس، قام إلى حد الآن بتحليل 40 هاتفًا فقط مما قد تكون تعرضت للاختراق المعلوماتي! فهل مختبر جنيني مثل هذا، مازال في بداياته، بدليل حجم الخبرات النادرة التي أنجزها، قد يسمح لـ Forbidden Stories بتشكيل قناعة مؤداها استهداف 50000 هاتف، وترتب عن ذلك اتهامات خطيرة لحكومات ودول مختلفة! إنه العار لئلا يتم الحديث عن التواطؤ المفترض لهذه المنابر الإعلامية.

وعلى صعيد آخر، فقد سقطت جريدة لوموند من حيث لا تدري في فخ الإشهار المغرض ضد مصالح شركة “أبل” الأمريكية! فقد قدمت جميع الأهداف المفترضة التي قد يكون “تجسس” عليها المغرب بواسطة نظام بيغاسوس على أنها تستخدم أجهزة أيفون المملوكة لشركة “أبل” الأمريكية! فهل لا يوجد في السوق العالمي سوى الأجهزة التي تصنعها شركة “أبل”؟ أم إن أجهزة هذه الشركة غير محمية ضد الاستهداف بنظام بيغاسوس مقارنة مع علامات تجارية أخرى للهواتف المحمولة واللوحات الإلكترونية؟ أم إن الصدفة وحدها هي التي جعلت جميع هواتف خصوم المغرب وأهدافه المحتملة تكون من نوع واحد أمريكي الصنع؟.

أسئلة كثيرة تلك التي تزيد من توسيع دائرة الافتراض والشك في مزاعم جريدة لوموند ومعها منظمة العفو الدولية وForbidden Stories، والتي حاولت تصوير أجهزة المخابرات في الدول المستهدفة بهذه الحملة وكأنها جاهلة أو متكاسلة لا تستطيع حتى تغيير العنوان البريدي أو “مشخص أبل” عند كل استعمال تجسسي، إذ ادعت بأن نفس العنوان والمشخص تم استعمالهما لأكثر من سنتين في عدة أهداف مختلفة! فهل هذا منطق يمكن تصديقه لاتهام دول صديقة وشريكة في كل المجالات الجيو-استراتيجية؟ نعم إنه منطق لوموند الذي تحضر فيه الرغبة الملحة في الوصول إلى اتهام المغرب بأي طريقة، بما فيها الركون إلى الحديث نيابة عن أجهزة فرنسية مجهولة دون تسميتها، وانتحال لسان محام مزعوم دون استعراض هويته! فكل الأسلحة مباحة لاستهداف المغرب، بما فيها نشر الأخبار الزائفة.

قد يهمك ايضًا:

قراءة في الخلفيات والرهانات بين المغرب والإعلام الفرنسي و"بيغاسوس"

 

بنكيران يستشهد بأغنية لنجاة اعتابو ردا على اتهامات “بيغاسوس”

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيغاسوسلوموند تواجه الأدلة المادية بعرض الوقائع الافتراضية بيغاسوسلوموند تواجه الأدلة المادية بعرض الوقائع الافتراضية



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:18 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف
المغرب اليوم - بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف

GMT 10:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
المغرب اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن

GMT 18:14 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

مخرج فيلم"ماد ماكس" يحطم قلب تشارليز ثيرون

GMT 04:24 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

مقطع ويسلان بمكناس .. منعرج الموت يتربص بأرواح السائقين

GMT 08:29 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

عطر كارفن المصنوع من زهر البرتقال لطيف للرجال

GMT 18:55 2023 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

أجدد صيحات الأحذية من أسبوع الموضة في ميلانو

GMT 22:19 2023 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

مقاييس الأمطارالمسجلة خلال 24 ساعة في المغرب

GMT 18:01 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر

GMT 03:55 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ليكسوس العرائش يفوز خارج ميدانه على الفتح الرياضي بـ (88-65)

GMT 09:06 2021 الأربعاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي الرجاء الرياضي يمنح المدرب لسعد الشابي هدية بعد إقالته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib