خشية من تراجع سقف الحريات في ظل الحكم العسكري بعد انقلاب البرهان في السودان
آخر تحديث GMT 00:02:26
المغرب اليوم -

خشية من تراجع سقف الحريات في ظل الحكم العسكري بعد انقلاب البرهان في السودان

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - خشية من تراجع سقف الحريات في ظل الحكم العسكري بعد انقلاب البرهان في السودان

الشرطة السودانية
الخرطوم ـ جمال إمام

بحلول هذه الأيام كان من المفترض أن يشهد السودان تسلم المدنيين السلطة من العسكريين، وفق خارطة الطريق التي اتفق عليها الطرفان عقب إسقاط الرئيس عمر البشير عام 2019.
لكن هذا التحول الديمقراطي للدولة المدنية يبدو الآن أبعد من أي وقت مضى. فالعسكريون باتوا يحكمون قبضتهم على البلاد بعد أن سيطروا على السلطة في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
عملت أميمة محمد عمر بوزارة الزراعة لنحو عشرين عاما. وقبل أكثر من عام، وخلال تولي الحكومة المدنية شؤون البلاد، أصبحت مديرة الوزارة بولاية الخرطوم. لكنها بعد أيام من الانقلاب أقيلت من منصبها.
عن هذا تقول: "رفضت العمل في ظل الانقلاب وأعلنت العصيان المدني ولذا لم أفاجأ عندما أقالوني."
شاركت أميمة في الثورة التي أطاحت بعمر البشير وكانت تتطلع لحكم مدني ديمقراطي، وترى أن "المسألة بالنسبة لي أكبر من منصب أو وظيفة، ما يعنيني بالدرجة الأولى هو مستقبل السودان،"
عندما سمعت أميمة بإقالة الكثير من المسؤولين، أدركت حينها أن الغرض "هو التخلص من كل من جاءت بهم حكومة الثورة وتعيين أشخاص موالين للعسكريين."
وتقول إنها كانت تفكر في الاستقالة حتى قبل أن تقال من منصبها، "لكنني لم أرد أن أقدم استقالتي لسلطة غير شرعية."
في الوقت الذي فقد فيه كثيرون مناصبهم، هناك من يواجه حاليا مصيرا أسوأ. فالعديد من وزراء الحكومة المقالة برئاسة عبدالله حمدوك لا يزالون خلف القضبان، بينما يخضع حمدوك نفسه للإقامة الجبرية في منزله.
وقد كررت المنظمات الحقوقية مطالبة القادة العسكريين بضرورة إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين. فقد دعت منظمتا هيومن رايتس ووتش و العفو الدولية، قبل أيام، للإفراج عن أولئك "المحتجزين تعسفيا منذ استيلاء الجيش على السلطة في الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي والتوقف عن المزيد من الاعتقالات التعسفية."
ولم تتوقف المظاهرات في الشارع السوداني رفضا للانقلاب. وقد تخللت تلك الاحتجاجات أعمال عنف نجم عنها سقوط قتلى وجرحى في صفوف المحتجين. كما تحدثت الشرطة السودانية أيضا عن إصابات في صفوف رجالها ونفت أن تكون استخدمت الرصاص الحي لتفريق الاحتجاجات.
وأدانت شبكة الصحافيين السودانيين، وهي كيان نقابي محلي مستقل، تعامل الأجهزة الأمنية مع الاحتجاجات التي انطلقت في أنحاء البلاد في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري "بمزيد من البطش والتنكيل في انتهاك واضح للحق في الاحتجاج السلمي." وتحدثت عن مضايقات يتعرض لها الصحفيون أثناء أداء عملهم الميداني من خلال محاولة منع بعضهم من تغطية الاحتجاجات.
ويتخوف نشطاء حقوقيون محليون من أن يعود المشهد في السودان إلى مرحلة ما قبل الثورة، وأن يتراجع سقف الحريات الذي كفلته الحكومة المدنية، في أعقاب رحيل البشير عن السلطة.
ويقولون إن القيادات العسكرية تحاول التعتيم على ما يجري في البلاد من خلال ترهيب الصحافيين والتدخل في السياسة التحريرية لبعض المؤسسات الإعلامية المحلية.
خرجت صحيفة "الحداثة" للنور عقب الثورة السودانية. ويقول رئيس التحرير شمس الدين ضو البيت إن صحيفته ولدت في أجواء من الحرية، "لكن الواضح أن هذه الحرية قد فقدت. ونحن لن نقبل أي تدخل في عملنا."
ويرى شمس الدين أن المناخ العام السائد في السودان الآن "يتجه نحو التضييق". وقد دفعه هذا إلى تعليق صدور الصحيفة احتجاجا على الخطوات التي اتخذها الجيش. كما أنه لا يستبعد أن تغلق الصحيفة أبوابها نهائيا "إذا استمر سير الأمور من سيء إلى أسوأ."
التقيناه في مقر الصحيفة في الخرطوم. أخبرني أن آخر عدد أصدرته الصحيفة كان صباح يوم الانقلاب. قبل التوقف كانت صالة التحرير مزدحمة بالصحفيين لكن الآن يخلو المكان إلا من صحافي أو اثنين.
لم يتعرض شمس الدين أو أي من العاملين في الصحيفة لتهديد مباشر دفعه لاتخاذ قراره بإيقاف إصدار "الحداثة". لكنه ينظر لما حدث مع بعض من زملائه في صحف أخرى وبعض المنابر الإعلامية المحلية: "لن ننتظر حتى يحدث ذلك معنا. فالأدلة والشواهد كلها واضحة."
ويستشهد شمس الدين بما جرى لصحيفة "الديمقراطي" التي صدرت أيضا بعد الثورة، وداهمت قوة أمنية مقرها بعد أيام من الانقلاب. ويتحدث كذلك عن عملية إبدال وإحلال تحدث بين صفوف العاملين في بعض القنوات المحلية، وخصوصا الرسمية، فضلا عما وصفه بالتدخل الواضح في السياسات التحريرية لتلك القنوات لتتبنى نبرة موالية لمن يمسكون بزمام الأمور حاليا.
في المقابل، هناك من يرى في الانتقادات الخاصة بتكبيل حرية التعبير في السودان الكثير من المبالغة. ويقول المحلل السياسي محيي الدين محمد محيي الدين، إن الأمور يجب أن ينظر إليها في سياقها الصحيح.نحن في ظرف استثنائي ويحتاج لإجراءات استثنائية، لأننا نواجه تحديات وتخوفات أمنية مختلفة."
ويرى أن الكثير من الانتقادات مبني على مواقف مسبقة اتخذها أصحابها "ليصوروا للمجتمع الدولي أن هناك تضييقا على حرية التعبير في السودان. إذا كان هناك تضييق كان يمكن أن نسمع عن إغلاق قنوات مثلا. وهذا لم يحدث. كما أن العديد من القنوات الدولية تمارس عملها في السودان."
وكان قائد الجيش عبدالفتاح البرهان قد قال في تصريحات سابقة إنه لم ينفذ انقلابا بل تصحيحا لمسار الثورة، واتهم بعض الأحزاب المدنية بمحاولة الاستئثار بالمشهد السياسي.
يصعب التنبؤ كيف ستسير الأمور في السودان. فالمتغيرات في هذا البلد كثيرة وغالبا ما تكون مفاجئة. لكن هناك مزيجا من الخوف والغضب والترقب يسيطر على المشهد العام.
ويبدو الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف مهمة شاقة عسيرة، بل يراها البعض شبه مستحيلة. لكن الجميع بدرك في الوقت نفسه أنه لا يمكن المضي قدما من دون محاولة إيجاد مخرج لكل هذه التعقيدات.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

سودانيون يعتصمون لليوم الرابع على التوالي أمام القصر الرئاسي لحل الحكومة الانتقالية

 

الثورة السودانية تنتصر للمرأة وتُجّرم الختان بموجب نصوص قانونية

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خشية من تراجع سقف الحريات في ظل الحكم العسكري بعد انقلاب البرهان في السودان خشية من تراجع سقف الحريات في ظل الحكم العسكري بعد انقلاب البرهان في السودان



النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

أبوظبي ـ المغرب اليوم

GMT 16:11 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

ميغان ماركل تطلب من امرأة عدم الوقوف بجانب هاري

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 13:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 22:40 2023 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونخ يتفوق على دورتموند في المواجهات التاريخية

GMT 01:56 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

رواية "الأصل" تتصدر قائمة نيويورك تايمز لأعلى المبيعات

GMT 01:17 2021 السبت ,14 آب / أغسطس

الفيلة تتمتع بحاسة الشم أقوى من الكلاب

GMT 23:40 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

لماذا تصيب الكآبة بعض متصفحي مواقع التواصل الأجتماعي ؟

GMT 02:21 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف عملات فضية نادرة دُفنت في بولندا

GMT 04:14 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

فندق Mandarin Oriental Milan مندرين اورينتال الآن في ميلانو

GMT 13:22 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

قنفذ يهاجم الكلاب

GMT 02:14 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

سوسن ارشيد تكشف سبب غيابها عن الساحة الفنّية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib