يوميات روسيا9
براءة فرانشيسكو أتشيربي من الاتهامات التى وجهت إليه بارتكابه إساءات عنصرية إلى خوان جيسوس مدافع نابولي وفاة الإعلامية والسيناريست المغربية فاطمة الوكيلي في مدينة الدار البيضاء بعد صراع طويل مع المرض إحباط محاولة لاغتيال الرئيس الفنزويلي خلال تجمع حاشد في وسط كراكاس وزارة الدفاع الروسية تُعلن إحباط محاولة أوكرانية لتنفيذ هجوم إرهابي في بيلجورود قوات الاحتلال الإسرائيلي تشن حملة اعتقالات وتقتحم مدينة نابلس ومخيم عسكر في الضفة الغربية وزارة الصحة الفلسطينية تُعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 32 ألفا و333 قتيلاً منذ بدء الحرب زلزال يضرب الأراضي الفلسطينية شعر به سكان الضفة الغربية الاحتلال الإسرائيلي يقصف محيط مستشفى الشفاء بغزة وسط إطلاق نار كثيف من آلياته مقتل ثلاثة أشخاص وتعرض أكثر من 1000 منزل للتدمير جراء زلزال عنيف ضرب بابوا غينيا الجديدة أمس الأحد المدرب الروسي ياروسلاف سودريتسوف عائلته في عداد المفقودين في هجوم "كروكوس"
أخر الأخبار

يوميات روسيا..9

المغرب اليوم -

يوميات روسيا9

سان بتيرسبورغ
بقلم يونس الخراشي

ليست هذه مدينة. هي شيء آخر تماما. هي متحف مفتوح. أو ربما هي ملحمة. أو لعلها باليه كبير يشارك فيه السكان والوافدون على وقع موسيقى غير متفق عليها. بل قل تشارك فيه حتى الشمس والبحر. كل شيء يبتسم. وكل شيء يتحرك. وكل شيء يغري بالانطلاق. إنها سان بتيرسبورغ. عاصمة الثقافة الروسية. وعاصمة القياصرة وزعيم البلاشفة والحرب، والانبعاث أيضا.

أخيرا، ها نحن نستريح بعض الشيء. تركنا أمتعتنا عند المكلفة بالفندق، بما أنه كان علينا أن نغادر في الثانية عشرة. ابتسمت وقالت:"ضعوها هنا بجانبي. متى ما عدتم ستجدونها رهن إشارتكم". وانطلقنا نكتشف المدينة، ونقتني بعض الأغراض. إلى اليمين حيث الشارع الطويل الضيق يفضي إلى شارع فسيح. ومن هناك إلى اليمين حيث لا ندري، وحيث كل شيء يغري. ثم إلى الفضاء المفتوح من حولنا. 

بنايات بعمران أوروبي تقليدي خالص. باريس بعض الشيء. يشبه بنايات وسط مدينة الدار البيضاء التي بنيت في عهد الماريشال ليوطي، في بعض تفاصيله. عمارات بطوابق معدودات، وزخارف خارجية باذخة، ونوافذ كبيرة، وسقوف بقرميد لكي ينهمر منه المطر في أيام الشتاء. يعبر الترامواي القديم جدا بتأن عجيب، وتعبر الحافلات، وتعبر السيارات، ولا يعبر الهدوء مطلقا. 

الشوارع فسيحة جدا، ومعدة بأسفلت لا ثقب فيه أو حفر. وطوار كبير يتيح للمارة، وهم كثيرون للغاية، مكانا يعبرون منه، كل في الاتجاه الذي يرغب فيه. على أن أهل المدينة بدوا مرحبين جدا بالأجانب ممن جاؤوا لكي يتابعوا مباريات كأس العالم بملعب سان بتيرسبورغ.

الابتسامات توزع يمينا ويسارا، مثل ندف موسكو البيضاء التي تطير في الهواء. وكل يبادر للمساعدة.

عبرنا الطريق في الاتجاه الآخر، عسانا نكتشف شيئا آخر.

وإذا بنا أمام "قرية سياحية صغيرة".

بناؤها بسط جدا.

تتضمن عمارات كأنه غادرها محاربون للتو.

جدران غير مجهزة، وأدراج قديمة، وصغيرة.

حوانيت في كل مكان، بعضها لبيع المأكولات، وغيرها لبيع الملابس، وأخرى لبيع أدوات التزيين.

وفي السطح حديقة؛ أي نعم، حديقة رائعة ليطل منها الناس على المدينة من فوق. 

كان مغربي يعيش في روسيا قد نصحنا بالصعود إلى هناك.

التقينا به صدفة، ونصحنا.

وإذ كنا في السطح، إذا بنا نكتشف، مرة أخرى، طريقة بسيطة يربح بها هؤلاء القوم مالا وجمالا.

فكي تلج إلى السطح، الذي هو عبارة عن ألواح خشبية وضعت بعناية على أرضية عادية كي تبدو أنيقة، وعلى بعضها عشب صناعي، يتعين عليك أن تدفع مقابل ذلك.

بدت سان بتيرسبورغ، من هناك، كطلفة تحمل مرآة في يوم العيد.

تلك المرآة تعكس أشعة الشمس.

ونحن يروقنا المنظر كله.

نعم هناك عمارات بطوابق كثيرة جدا، وقباب ذهبية عجيبة لكنائس في كل مكان.

وهناك شوارع فسيحة، وأناس يتحركون مثل جيوش، بانضباط محير للغاية. القانون يصنع الجمال أيضا.

والخضرة حيثما وليت الوجه والنظر.

قرر الزملاء أن يجربوا جولة سياسة مقسمة إلى قسمين، أحدهما عبر الحافلة والآخر عبر الباخرة.

وفضلت العودة إلى الفندق.

كنت متبعا حقا، ومتعبا أكثر من ذلك الجمال الباذخ الذي فاق كل حد.

وإذ نحن نتجه إلى حيث يمكن العثور على الحافلة السياحية، إذا بنا نلتقي بشباب روس يستوقفوننا.

سألنا أحدهم:"من أي البلاد أنتم؟". قلنا له:"من المغرب". قال:"مزيان".

وانطلقنا، هذه المرة، في حديث بشجون.

سألناه، بعد أن تكلم معنا بالدارجة المغربية، كيف تعلمها؟ ففاجأنا بقوله:"تعلمتها لأنني أردت ذلك.

ليس معي طلاب مغاربة في الكلية.

ولم أسافر قط إلى المغرب.

تعلمت بالمراسلة الشفهية".

كان يتحدث ببطء، ويضغط على الحروف، ويخرج الكلمات من جوفه.

غير أنه كان يوصل المعنى؛ بل قل يوصل الكلمات بمعانيها المراد.

وضحكنا كثيرا في تلك اللحظات.

طلب صورة، واستجبنا.

ثم ودعنا بالدارجة، وواصلنا الطريق.

في لحظات تالية، وقد اتخذ الزملاء طريقهم واتخذت طريقي، استرقت النظر، غير ما مرة، إلى المحلات الموجودة في الشارع الضيق، شارع الكرنفال الصاخب.

كانت المقاهي صغيرة، بامتدادات على الأرصفة، غير أنها راقية جدا، وموضبة بطريقة ذكية، وفيها تجانس، وانسجام كبير مع محيطها.

هل قلت محيطها؟

نعم، وهو محيط تلخصه تلك اللوحات والزخارف والمنحوتات المعلقة على مدى الطريق، في الشارع الضيف الصاخب.

وكأني بنفسي كنت أمشي في رواق لمعرض فني كبير.

تعبت من النظر؛ تعبت لأنني كنت أستعد للكتابة عن سان بتيرسبورغ، وهناك أشياء كثيرة تملأ ذهني، فمن أين أبدأ؟ وهل أكون مخطئا في حق القارئ إن لم أنقل له كل ما رأيت؟ وكيف أكتب عن جمال الناس هنا؟ كيف أنقل ابتساماتهم التي تشفي؟ وأنى لي أن أصور جمال المعمار؟ 

شيء آخر أخذ بلبي.

إنه الرصيف.

كان يبعث المتعة أثناء المشي.

فهو ممهد بطريقة تجعله يدغدغ الرجلين.

على الأقل هذه المرة مشيي لم يكن متعبا؛ أو لعله كان متعبا وممتعا في آن، أو لنقل كان ممتعا بحيث يذهب التعب في حينه.

وإذ وصلت باب الفندق، وهو أشبه بباب خلفي لمستوصف، عدت أنظر إلى الشارع كي لا يفوتني أي تفصيل يمكنني أن أنقله إلى القارئ.

لاحظت شيئا آخر، هناك خيوط كثيرة في سماء المدينة.

تساءلت:"لم كل هذه الخيوط؟ الهاتف؟ لا يمكن.

الكهرباء، مستحيل. لماذا إذن؟ لست أدري. ولكنها تجعلنا إزاء استوديو لفيلم هوليودي قديم، وليس مدينة تستقبل كأس العالم".

وجدت بعض البنائين، جاؤوا من جمهوريات اتحادية تابعة لروسيا، يشتغلون على الجدران والأدراج.

قلت:"السلام عليكم"، فسمعت:"وعليكم السلام".

وبشت الوجوه.

كان منظرا عجيبا.

سألتهم، فقالوا إنهم مسلمون، جاؤوا من بعيد كي يشتغلوا في البناء.

وقلت لنفسي:"لا شك أن مثل هؤلاء لا يهمهم جمال سان بتيرسبورغ.

الذين يبحثون عن الخبز دائما ما لا تثيرهم الأشياء المثيرة لـ"سائح مثلي".

شعرت بالتعب مجددا وقد كنت أقتعد كرسيا وتيرا يفصلني عن الاستقبال بمتر أو متر ونصف.

طلبت من شابة مكلفة بالنظافة، تلبس وزرة زرقاء، أن تدلني على المرحاض. توضأت، وصليت في المكان الضيق.

أما وقد رحت أكتب جملا للشكر في كتاب وضع لذلك، فقد شعرت بمن يراقبني.

كانت الفتاة نفسها. قالت:"هل تكتب بالعربية؟".

قلت:"نعم، أنا عربي".

قالت:"وأنا مسلمة".

وحين سألتها عن الفاتحة لم تعرفها.

قالت إن والدها وأمها في البعيد يصليان، أما هي ففي بعض الأحيان.

وبعد أن أرحت رأسي على الحائط خلفي، وأغمضت عيني، شعرت بتربيت خفيف على كتفي.

فوجدت الفتاة، مرة أخرى.

جاءت تحمل وسادة. ماذا قالت؟ "يمكنك أن تتمدد".

وفهمت، غير بعيد، أنها تطلب من زميلتها الشقراء أن تتحدث بصوت منخفض، لأن هذا الأجنبي متعب، ويتعين أن نتركه يستريح.

لم يطل مقامي كذلك.

بدأت أعد للرحيل من سان بتيرسبورغ نحو موسكو.

كان يتعين أن نخرج في جولة أخيرة وقصيرة. وهل يملك المرء أن يصف جولاته في مدن كهاته إلا بالقصيرة؟ هناك أشياء كثيرة تستحق المشاهدة، ولكن الوقت لم يكن يسمح.

اقترح بعض الزملاء أن نمضي مزيدا من الأيام في المدينة الجميلة.

كان الاقتراح جميلا ويدغدغ المشاعر، غير أن ما لدينا من مال لا يكفي في ما نريد.

وقطعنا الشك باليقين، علينا أن نعود الليلة إلى العاصمة موسكو.

هناك عمل كثير ينتظرنا.

فقد اختارت الجامعة تهريب المنتخب إلى فورونيج البعيدة، والبديل الذي بين أيدينا هو نقل كل ما يحيط تنظيم كأس العالم إلى المغاربة. نعم، كل شيء ممكن نقله لإفادة القارئ في البلد، حتى تكتمل عنده الصورة.
حين حل وقت المغادرة، ووقفنا في ناصية الشارع الضيق الصاخب، الذي لاحظنا ساعتها بأنه بدأ يستقبل رواد الليلة البيضاء الجديدة، سرعان ما توقفت سيارة لرجل عجيب.

قال لنا إنه يعرف ما نريد، "تبحثون عن سيارة أجرة.

ها هي واحدة جيدة".

وإذ طلبنا منه أخرى، أوقفها في الحين.

وتوجهنا رأسا إلى المطار في رحلة مثيرة للغاية.

لقد كان الرجل شابا مسنا.

يغني ويتكلم بلا حد.

توقف للحظات. أزاح "بنارة" الطاكسي.

قال بنرزفة وتحد:"والآن، ليتبعوني. 

سنرى من الأكثر سرعة".

ثم راح يتجاوز الآخرين بحماقة.

وفي النهاية طالب بزيادة، وإذ وافقنا، قال:"مسلم جيد".

ضحكنا.

وودعنا المدينة الرائعة على أمل لقاء قد يأتي أو لا يأتي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوميات روسيا9 يوميات روسيا9



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

عمّان - المغرب اليوم

GMT 21:52 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

أفكار مختلفة لأطقم ربيعية تناسب المحجبات
المغرب اليوم - أفكار مختلفة لأطقم ربيعية تناسب المحجبات

GMT 06:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

توقعات الأبراج اليوم الأحد 14 يناير/ كانون الثاني 2024

GMT 10:53 2024 الجمعة ,23 شباط / فبراير

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 23 فبراير / شباط 2024

GMT 09:56 2024 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

توقعات الأبراج اليوم الخميس 18 يناير/ كانون الثاني 2024

GMT 08:26 2023 الخميس ,04 أيار / مايو

شركة تويوتا تكشف عن بوس الرياضية الجديدة

GMT 05:05 2023 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

سعر الذهب في المغرب اليوم الأحد 31 ديسمبر/ كانون الأول 2023

GMT 10:08 2023 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم الخميس 21 سبتمبر/أيلول 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib