مسنّة فلسطينية تتذكر

مسنّة فلسطينية تتذكر

المغرب اليوم -

مسنّة فلسطينية تتذكر

بقلم : سليمان قبيلات

تتأبط الثمانينية مريم عودة "كوشان أرض" تعتبره هوية تمدها بالصمود أمام عاديات الزمان، و"كرت مؤن" يذكرها دوما بترحيل قسري عن بلدة لم تبرح ذاكرتها مذ هجرت مع الاف الفلسطينيين في العام 1948 . 

 تدرك "أُم علي" أن خططاً دولية فشلت وأُخرى تجري مسلسلاتها وسواها على الطريق تستهدف "اقناعنا بالامتثال" ، لتستدرك جازمة "كرت المؤن لعين" اعطونا اياه "ليعطوا البلاد" لليهود. 

ولهذه اللاجئة ذاكرة حيّة بصور تسرد تفاصيل تواليها كأنها للتو وقعت ، مضيفة "كنت في العشرين حين اطبق غراب البين على فلسطين ، كنت تزوجت قبلها بأربع سنوات من ابن عمي الذي لم يقبل فكرة التشريد اصلا فانضم إلى جماعات مقاومة كانت تشاغل بـ"البواريد" جيش المحتل وعصاباته". وتضيف أم علي "انقطعت أخبارُه قبيل هجوم اليهود على قريتنا بيوم" ، مستذكرةً "كان فجرًا حزينًا ليوم أظنه ثلاثاء حين جاءتني جارتي تستعجلني توضيب ما خف حمله من متاع، لأن اليهود دخلوا القرية من الشمال".

تتابع أم علي وهي تستعيد مشهدا قاسيا "لم نذق طعم النوم لليال طويلة قبل تلك الليلة التي قضيتها استطلع الأخبار عن رجالنا الغائبين وفزعة عربية اتخمونا بأحاديثها".

 مضت أم علي تقول وهي تجلس في فناء منزل أسرتها في مخيم مادبا "قضينا اياما طويلة ننام في العراء ، نُنسي الصغار جوعهم ببعض خبز وتمر وزيت وزيتون حملناه معنا ، استقر بنا الحال جوار احدى الترع في الغور ، كانت اعيننا لا تنقطع عن النظر إلى الغرب". وبعد آهات عميقة أضافت "لا زلنا يا ابني ننظر إلى الغرب بأمل ، فهناك ثمة ما يعتمل". وزادت "أنا ادرك انهم طردونا بالنار لننسى أننا بشر ، ولكن هيهات ، عشنا الكثير وسنرى منه مزيدا رغم عقود مضت من عمر الرحيل". وأم علي التي لا تستهويها "كثرة الكلام" تقول "أُجيد الصمت فهو فضيلة اقلها أن تعيش عالمك الخاص دون منغصات تشكل مشهد حياة اللاجئ" ، لتستدرك بأمل "أتمنى أن تكون فلسطين حسن الختام فدونها تهون كل المآسي".

 تفضل أم علي التي تسميها أسرتها "بركة الدار وذاكرتها" الموت على أن تقبل ولو لفظيا بما يسمى تنازلاً عن حق عودة إلى قريتها ، مضيفة "الموت يا ابني اسهل علي من أن اسمح لسموم النسيان التي يصرون على ترديدها أن تتسلل إلى أعماقي وعقلي". وتتساءل بأسى "هل انسى اسمي وذاكرتي ومكانا ولدت فيه؟. وتمضي متسائلة "أنا العجوز لا استسلم لمثل هذه السموم فكيف بالملايين؟.

 واستأنفت "أول الكلام وآخره واختصاره" عودتنا إلى قبية لأنها تساوي وجودنا ، اتحدى كل التدجين والسائد الذي يصوب ناره علينا طوال العقود". وقالت مختتمة "كلنا نرفض التدجين وتعهدنا أن نورث فلسطين لأجيالنا فالذاكرة أخطر ساحات المواجهة مع اليهود".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسنّة فلسطينية تتذكر مسنّة فلسطينية تتذكر



GMT 22:54 2023 الجمعة ,18 آب / أغسطس

هل للطفل مطلق الحرية ؟

GMT 14:15 2023 الخميس ,20 تموز / يوليو

كلماتك الإيجابية أعظم أدواتك

GMT 11:37 2023 الأربعاء ,17 أيار / مايو

كبار السن بين الألم و الأمل

GMT 09:43 2023 الأحد ,05 شباط / فبراير

المدخل الجانبي

GMT 09:35 2023 الأحد ,05 شباط / فبراير

وما أدراك ما أشباه الرجال!

GMT 14:32 2022 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

إيه فيه أمل!

GMT 18:51 2022 الخميس ,03 آذار/ مارس

الطلاق التعسفي
المغرب اليوم - جراحون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 17:53 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

محمد صلاح يضيف لرصيده 3 أرقام قياسية جديدة

GMT 13:50 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 21:44 2021 الأحد ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أشهر الوجهات السياحية المشمسة في الشتاء

GMT 00:48 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إسبانيول يفاجئ ريال مدريد بخسارة مؤلمة

GMT 00:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة "قناة رقمية" تثير تساؤلات في جامعة أكادير

GMT 21:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 22:47 2012 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

إشتقت إلى الرقص الشرقي وسعيدة بـ"30 فبراير"

GMT 11:34 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يرفض رحيل توماس توخيل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib