إيران و»الربيع العربي» من قبل ومن بعد

إيران و»الربيع العربي».. من قبل ومن بعد

المغرب اليوم -

إيران و»الربيع العربي» من قبل ومن بعد

بقلم - عريب الرنتاوي

يُعيدنا الموقف الإيراني من انتفاضة الشعبين العراقي واللبناني، إلى مواقف طهران من ثورات «الربيع العربي» وانتفاضاته، كيف بدأ وكيف تطور وتشكل ... فحين ضرب الزلزال كلا من تونس ومصر، رأت فيه طهران «ربيعاً إسلامياً» يستحق الحفاوة والاحتضان، بل وذكّرت بأنه يستلهم «ربيع إيران» المبكر في العام 1979 ... وعندما بدأت ارتدادات الزلزال تضرب في شوارع المدن السورية، تغيّر الموقف، واستحال الربيع خريفاً، وطفت «نظرية المؤامرة» على سطح التحليلات متغلغلة إلى أعماق المواقف.
رياح «الربيع العربي»، لم تتوقف عن الهبوب، بعد الموجة الأولى التي ضربت تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، جاءت الموجة الثانية جزائرية وسودانية بامتياز، خرجت الملايين إلى الشوارع والساحات ... السودان دخل مرحلة الانتقال الصعبة، بعد سنوات حكم البشير العجاف الثلاثين... أما الجزائر، فما زال الحراك السلمي والحضاري، يصطدم بجدران «الدولة العميقة» الصلبة، محكوماً بهواجس ومخاوف العودة إلى «العشرية السوداء» التي خلّفت جراحا لم تندمل بعد في أجساد الجزائريين، دولة ومجتمعاً وشعباً.
لم يصدر عن طهران ولا عن أيٍ من العواصم والأطراف التي تساندها وتدور في فلكها، ردود أفعال اتهامية، ولم تُستحضر نظرية المؤامرة في أية لحظة لتفسير ما جرى ... جرى تقديم تفسيرات وتقديرات متفاوتة لحجم الإنجاز السوداني، وفي أي اتجاه يصب ... ظلت المسألة برمتها تعالج بقدر من «العقلانية»، طالما أن تأثيراتها وتداعياتها، بعيدة عن «المجال الحيوي» لإيران، ودوائر نفوذها وتأثيرها.
لكن «نظرية المؤامرة» سرعان ما ستُستعاد، وبقوة هذه المرة، بعد أن ضربت رياح التغيير كلا من العراق ولبنان، وعلى نحو متزامن تقريباً، مستهدفة المنظومة والطبقة السياسية الحاكمة في البلدين، بمن فيهم حلفاء إيران، وبمشاركة نشطة من مواطنين ومواطنات، خرجوا من البيئات الحاضنة لهؤلاء الحلفاء: الحشد بفصائله ومسمياته المختلفة في العراق، والثنائي الشيعي، أمل وحزب الله، ومعهما الحليف المسيحي ميشيل عون وتياره الوطني الحر في لبنان.
مع أن أي تفكير عاقل وموضوعي، لا بد يستنتج أن الأسباب والدوافع التي أخرجت ملايين الجزائريين والسودانيين إلى الشوارع، ومن قبلهم ملايين التونسيين والمصريين والليبيين واليمنيين والسوريين كذلك، هي ذاتها التي تُخرج اليوم ملايين اللبنانيين والعراقيين: بؤس السياسة والاقتصاد والخدمات وفساد الطبقة الحاكمة ... فلماذا كل هذا الترحيب بـ»الربيع الإسلامي»، وكل هذا الهجاء لـ»الثورات الملونة» على حد وصف ناطقين باسم الفريق الإيراني.
ألم يخطر ببال طهران، أن حلفاءها وميليشياتها المتنفذة و»حشدها الشعبي» في العراق، غارقون في الفشل والفساد و»المحاصصة الحزبية والطائفية»، وأنهم هم بالذات، من دون تبرئة الآخرين من أحزاب الطوائف والمذاهب والأقوام الأخرى، شركاء في الخراب والتخريب؟ ... ألم يخطر ببالها أن كثيرا من حلفائها في لبنان، هم أيضاً من المدرجة أسماؤهم على قوائم الأكثر فساداً وإفساداً في الأرض؟ ... حتى حزب الله، الذي يجادل كثيرون بأنه لم يتورط في الفساد، أو على الأقل، لم يتورط فيه بالقدر الذي سجلته قوى أخرى، أليس الحزب هو من يتحالف مع تيارين وقطبين فاسدين وموغلين في الفساد والتخريب؟ ... ألا يتحمل مسؤولية الدفاع عن هؤلاء والتغطية على جرائمهم، بحجج وذرائع شتى؟
عندما تكون كثير القوى المحسوبة على إيران فاسدة واستبدادية، وبعضها أقرب إلى «البلطجة» وعصائب السلب والنهب، وعندما يفقد الشعب ثقته بقدرتها على محاربة الفساد، وعندما تكون هي المشكلة وليست الحل ... من العبث الإمعان في تلاوة فصول «نظرية المؤامرة»، ومن المتعذر الاحتفاظ برداء «القداسة» أو إبقاء «عماماتها» فوق رؤوس الفاسدين، أو الذين ينافحون عنهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران و»الربيع العربي» من قبل ومن بعد إيران و»الربيع العربي» من قبل ومن بعد



GMT 11:19 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

التصعيد والتبريد في حرب غزة!

GMT 11:16 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

خروج بني إسرائيل من مصر!

GMT 11:13 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بيان من المحروسة

GMT 11:09 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

حول معبر رفح!

GMT 11:06 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ميريل ستريب (أعظم ممثلة على قيد الحياة)!!

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

أبوظبي ـ المغرب اليوم

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 23:13 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

الوداد الرياضي يٌعلن فتح باب الانخراط بالنادي

GMT 07:57 2021 الإثنين ,27 كانون الأول / ديسمبر

الطاقة الشمسية تجمع المغرب ونيجيريا

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 09:31 2023 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

حليب جوز الهند يعالج البشرة الجافة

GMT 21:26 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة جديدة عن فوائد المخدرات للمرتبطين

GMT 11:19 2014 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

اخطاء وخطايا النخبة

GMT 06:39 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

Ralph&Russo Couture Spring/Summer 2016

GMT 01:57 2021 الخميس ,01 إبريل / نيسان

مجوهرات لؤلؤية فاخرة موضة صيف 2021

GMT 16:02 2019 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

استقالة هشام الدميعي من تدريب أولمبيك آسفي

GMT 19:47 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

الفنان حاتم إيدار يخضع للعلاج بعد نجاته من حادث مروّع

GMT 10:25 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

الروبوت "فورفيوس" يتمكن من ممارسة لعبة تنس الطاولة

GMT 11:09 2014 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة تسوّس أسنان الأطفال تنشر بسرعة في بريطانيا

GMT 20:37 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تأجيل زفاف ابنة أميرة موناكو والمغربي جاد المالح
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib