بنات بوكو حرام القاتلات الضحايا

بنات بوكو حرام.. القاتلات الضحايا

المغرب اليوم -

بنات بوكو حرام القاتلات الضحايا

ادريس الكنبوري
بقلم - ادريس الكنبوري

جماعة بوكو حرام، بلجوئها إلى الخطف لتغذية عملها الإرهابي، تشكو من عدم القدرة على الاستقطاب وجلب مجندين جدد في المجتمع النيجيري، وهو ما 
كشف الهجوم الانتحاري الذي نفذته جماعة بوكو حرام شمال شرق نيجيريا الأحد الماضي، وخلف ما يزيد على أربعين قتيلا وقرابة عشرين جريحا أن هذه الجماعة الإرهابية اتخذت من توظيف الفتيات قنابل بشرية لتنفيذ عملياتها الدموية.

فقد استطاعت تجنيد سبع فتيات صغيرات السن تتراوح أعمارهن بين سبع وعشر سنوات في الهجوم الذي استهدف تجمعا لمواطنين نيجيريين احتفالا بعيد الفطر. وهكذا حولت الجماعة فرحة العيد إلى جنازة جماعية، واغتالت براءة فتيات كان قدرهن أن يلقين حتفهن بينما أخريات في مثل أعمارهن يبتهجن بلباس العيد.

وحتى الآن سجلت بوكو حرام معدلا قياسيا في التوحش، فهي أكثر الجماعات الإرهابية في القارة الأفريقية دموية، حيث خلفت التفجيرات التي نفذتها طوال ما يزيد على عشر سنوات أكثر من عشرين ألف قتيل وما يزيد على مليوني نازح هربا من الإرهاب؛ كما أنها الجماعة الإرهابية الأكثر توظيفا للفتيات والأطفال في عملياتها دون أي التزام بالحد الأدنى من الحس الإنساني. نقول ذلك تجاوزا لأن الجماعات الإرهابية تفتقد إلى أبسط شرائط الحسن الإنساني، ولكن بوكو حرام نزلت إلى مستوى منحط من القذارة.

لم يكن من بين أهداف عملية اختطاف 276 تلميذة من مدرسة شيبوك في ولاية بورنو شمال نيجيريا عام 2014 توظيف أولئك الفتيات في الدعارة تحت الإكراه باسم الجهاد لدى الجماعة، وبيعهن في أسواق النخاسة لتمويل آلتها القاتلة، بل أيضا تحويل بعضهن إلى وقود للإرهاب.

فبوكو حرام حسمت أمرها في ذلك الوقت، على لسان زعيمها، باعتبار أولئك الفتيات المختطفات سبايا، بينما عملية الخطف لم تتم في إطار حرب معلنة ومباشرة مع مسلحين، بل كانت عملية غادرة ضد مدرسة للبنات ليس هناك من يوفر لهن الحماية ولا يحملن السلاح، هذا على افتراض أن لغة السبي هي لغة جائزة الاستعمال اليوم وأن جماعة بوكو حرام تملك مشروعا إسلاميا للجهاد.

ورغم أن الجماعة بدأت في توظيف الفتيات والأطفال منذ عام 2011، حين نفذت أول عملية في أحد الأسواق الشعبية في منطقة بوشي شمال نيجريا خلفت عشرة قتلى، إلا أن هذه الإستراتيجية برزت بشكل خاص بعد اختطاف فتيات مدرسة شيبوك، إذ أصبح لدى الجماعة خزان من القنابل البشرية ممثلة في أولئك الفتيات الصغيرات اللواتي قد يجد بعضهن الخلاص في تفجير أنفسهن هربا من المعاناة اليومية والاغتصاب والأسر.

يشير تقرير أنجزه مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية الأميركية في العام الماضي، إلى أن بوكو حرام نفذت في الفترة بين 2011 و2017 حوالي 434 عملية إرهابية، جلها في مناطق بشمال نيجيريا، قام بها 338 انتحاريا، بينهم 244 فتاة وامرأة، وهذا رقم كبير جدا بحيث يمثّل ثلاثة أرباع عدد الانتحاريين، وبذلك تكون هذه الجماعة أول تنظيم إرهابي في تاريخ العنف العالمي يلجأ إلى هذه الوسيلة للقتل والتفجير.

ومن الواضح أن بوكو حرام في استراتيجية الرعب التي تنهجها تعتمد المزاوجة بين الاختطاف والإرهاب، وهو ما يفسر توالي عمليات الخطف التي تقوم بها بين حين وآخر في مختلف أقاليم البلاد، لأن ذلك يمثّل بالنسبة للتنظيم زيادة في الذخيرة ورصيدا احتياطيا من القنابل البشرية.

بيد أن الجماعة بهذا السلوك تكشف عن درجة عالية من الغباء، وتعطي مؤشرا على العدمية التي تتسم بها الجماعات الإرهابية في كل مكان، ولعل هذا واحد من أسباب العزلة التي تعيشها هذه الجماعة في نيجيريا.

غير أن ما هو مهم أن جماعة بوكو حرام، بلجوئها إلى الخطف لتغذية عملها الإرهابي، تشكو من عدم القدرة على الاستقطاب وجلب مجندين جدد في المجتمع النيجيري، وهو ما يدل على حالة العزلة التي تعيشها، إذ لو كانت قادرة على التجنيد الطوعي لما لجأت إلى أسلوب الخطف الذي يضعها في مواجهة الغضب الشعبي العام، فهي تستعمل الخطف كنوع من التجنيد الإجباري لشحن الفتيات وتخديرهن وربط خواصرهن بأحزمة ناسفة ودفعهن إلى المحرقة، كتغطية على العجز التنظيمي وتعبير واضح على جنون الخطاب الجهادي الذي لا يصدقه النيجيريون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنات بوكو حرام القاتلات الضحايا بنات بوكو حرام القاتلات الضحايا



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 08:24 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
المغرب اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 12:26 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
المغرب اليوم -

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 02:27 2024 الأحد ,07 إبريل / نيسان

أول تعليق من داني ألفيس بعد خروجه من السجن

GMT 08:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

إجلاء نحو 117 ألف شخص بسبب الفيضانات في كازاخستان

GMT 04:59 2024 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

نصائح لاستعادة التوازن الغذائي عقب شهر رمضان

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 12:38 2020 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تركز الأضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib