هزائم بالجملة للإسلاميين المغاربة

هزائم بالجملة للإسلاميين المغاربة

المغرب اليوم -

هزائم بالجملة للإسلاميين المغاربة

بقلم - ادريس الكنبوري

الهزائم المتوالية التي حصدها حزب العدالة والتنمية المغربي في أكثر من عشر دوائر انتخابية.. تقدم مؤشرات على تراجع مصداقيته وأفول “نجوميته” السريعة التي صنعها بن كيران بخطاباته العنترية.

لم يعد حزب العدالة والتنمية المغربي، الذي يقود الحكومة للمرة الثانية منذ عام 2011، يجذب الناخبين، بمن فيهم الناخبون التقليديون الذين يحسبون على وعائه الانتخابي، إذ حصد في الانتخابات التشريعية الجزئية التي أجريت خلال الأشهر الستة الماضية هزيمة نكراء وخسر المنافسة أمام أحزاب سياسية بعضها مشاركة له في الحكومة، مما ينهض مؤشرا واضحا على تراجعه في المشهد السياسي المغربي وعلى فقدانه ثقة الناخبين.

آخر تلك الهزائم ما حصل يوم الخميس الماضي في مدينة العرائش، شمال غرب البلاد، حيث خسر الحزب مقعده البرلماني أمام مرشح من حزب الحركة الشعبية، شريكه في الحكومة، بفارق كبير، حيث حصل مرشح العدالة والتنمية على 7947 صوتا مقابل منافسه الذي حصل على 22737 صوتا، في أكبر هزيمة انتخابية تحصل للحزب منذ انتخابات أكتوبر 2016. وما زاد في فداحة الخسارة أن دائرة العرائش كانت تعد إلى وقت قريب “قلعة” الإسلاميين، بحيث لم يكن أحد يتوقع أن يندحر فيها الحزب بتلك السهولة.

وتأتي هذه الهزيمة بعد تلك التي تكبدها الحزب في عدد من الدوائر الأخرى في انتخابات سابقة أجريت للتنافس على مقاعد برلمانية شاغرة، إثر إلغاء النتائج السابقة من طرف المحكمة الدستورية، بسبب طعون تقدم بها مرشحون، من بينها دائرة جرسيف شرق المغرب، التي نزل فيها وزيران بثقلهما السياسي خلال الحملة الانتخابية لحشد الناخبين للتصويت على مرشح الحزب، لكن الخسارة كانت كبيرة.

وألقت هذه الكبوة السياسية ظلالا من التشكيك في مصداقية الحزب الإسلامي الذي كان يعتبر نفسه الحزب الأكثر شعبية في البلاد، وفجرت نقاشا داخليا عميقا حول مساره وطبيعة أدائه السياسي، يتوقع أن تكون لها انعكاسات على التنظيم الداخلي وربما تؤدي إلى انقسام حول تجربة قيادة الحكومة التي يرأسها سعدالدين العثماني.

أهمية هذه الانتخابات أن الأحزاب السياسية تراهن على الوعاء الانتخابي التقليدي الذي يمنحها أصواته في الانتخابات العامة العادية، فهؤلاء الناخبون التقليديون هم الذين يتصدرون فئة الناخبين في هذه الانتخابات، في ظل حالة العزوف عن التصويت التي باتت ظاهرة عامة في جميع الانتخابات التي أجريت بالمغرب في العقدين الأخيرين. معنى هذا أن العدالة والتنمية خسر أصوات الناخبين التقليديين الذين تعود الحصول على أصواتهم، وهم الأتباع والمتعاطفون مع خطابه الديني والسياسي.

يمكن تفسير هذه الهزائم المتوالية لحزب العدالة والتنمية بجملة عوامل. فالناخبون اليوم أصبحت تفصلهم مسافة معقولة عن حكومة عبدالإله بن كيران في الفترة ما بين 2011 و2016، بعد أن اختفى هذا الأخير عن الساحة السياسية وتخلصت الفئة الناخبة من حالة “الهياج” الإعلامي الذي رافق معركة الولاية الثالثة، المتمثلة في طموحه إلى أن يستمر على رأس الحزب بعد ولايتين متتاليتين، بحيث بدأ الناخبون يعيدون النظر في الحصيلة السلبية للسنوات الخمس التي قضاها بن كيران رئيسا للحكومة، وينظرون بعين نقدية إلى تلك المرحلة التي لم يقدم خلالها الحزب أي حصيلة إيجابية، ما عدا الخصومات السياسية والخطب العصماء لبن كيران والوعود التي ذهبت مع الريح.

وقد أسهم الصراع داخل الحزب حول الولاية الثالثة في ضرب مصداقيته أمام الرأي العام، إذ ظهر من المواجهة بين تيار الولاية الثالثة وتيار الوزراء أن السباق على المسؤولية يتقدم على تدبير الشأن العام، وأن الحزب سعى إلى الاستقواء على الأحزاب الأخرى أكثر مما سعى إلى اعتماد الشراكة في تدبير أمور الدولة.

يضاف إلى ذلك بعض القرارات غير الشعبية التي اتخذتها حكومة العثماني، وعلى رأسها قرار إلغاء المجانية في التعليم وفرض رسوم على أبناء الطبقة الوسطى، والفشل في تدبير ملف الاحتجاجات في الحسيمة وجرادة، وهو ضعف ناتج عن الانقسامات داخل حزبه، بسبب تركة الصراع حول الولاية الثالثة واستمرار تيار بن كيران في وضع العقبات أمام حكومته.

الهزائم المتوالية التي حصدها الحزب في أكثر من عشر دوائر انتخابية خلال الشهور الماضية تقدم مؤشرات على تراجع مصداقيته وأفول “نجوميته” السريعة التي صنعها بن كيران بخطاباته العنترية. وسوف لن يكون سهلا على الحزب إعادة بناء نفسه من جديد بعد تجربتين حكوميتين فاشلتين، فالناخب المغربي ورقة صعبة ومن الصعب استعادة ثقته مجددا بعد تراكم خيباته السياسية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هزائم بالجملة للإسلاميين المغاربة هزائم بالجملة للإسلاميين المغاربة



GMT 09:52 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

«لا تشكُ من جرح أنت صاحبه»!

GMT 09:48 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

أصغر من أميركا

GMT 09:44 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

ملحمة وطنية للأبطال الذين أُزهقت أرواحهم!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

شخص واحد متعدد المواصفات

نانسي عجرم بإطلالات خلابة وساحرة تعكس أسلوبها الرقيق

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:58 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

إياد نصار يكشف عن ثنائيته مع دينا الشربيني
المغرب اليوم - إياد نصار يكشف عن ثنائيته مع دينا الشربيني

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 23:25 2023 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب مواصفات حاسب Lenovo المنتظر

GMT 07:06 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

"العقد" يسيطر من جديد علي عالم الموضة خلال موسم الصيف

GMT 15:52 2018 الجمعة ,14 أيلول / سبتمبر

الفنان خالد النبوي ينعي وفاة والدته عبر "فيسبوك"

GMT 21:47 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

تكرار الولادة الطبيعية هل له أضرار ؟

GMT 08:38 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

قفازات اليد الذهبية موضة رائجة في موسم شتاء 2018

GMT 09:05 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

"Moraissi Fashion" تكشف عن تشكيلة نسائية مميزة لشتاء 2018

GMT 04:01 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

أبرز مزايا ارتداء "الكارديغان" خلال موسم هذا الشتاء

GMT 02:38 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ملالا يوسفازي تعرب عن طموحها في أن تكون رئيس وزراء

GMT 14:29 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

الفنان محمد عشوب يكشف أسرارا عن الفنانة مريم فخر الدين

GMT 04:41 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستاني مٌلقب بـ"البومة البشرية" يدير رأسه ليرى خلفه
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib