الأرض لا تشرب الدم
انقطاع الاتصالات والإنترنت في رفح وسط قصف مدفعي وغارات جوية مكثفة من قبل الجيش الإسرائيلي الهلال الأحمر الفلسطيني يُعلن استشهاد أحد المسعفين من طواقم مستشفى القدس في غزة الهلال الأحمر الفلسطيني ُيعلن إخلاء مستشفي القدس الميداني بسبب القصف العنيف مواجهات عنيفة للشرطة المكسيكية مع متظاهرين مؤيدين لفلسطين أمام السفارة الإسرائيلية في العاصمة مكسيكو خروج جميع المستشفيات في محافظة رفح جنوب قطاع غزة عن الخدمة باستثناء مستشفى تل السلطان للولادة استشهاد 6 فلسطينيين وإصابة آخرين بينهم طبيب برصاص قوات الاحتلال شمالي غزة هيئة الدفاع المدني في غزة تُعلن انتشال أكثر من 40 جثماناً وعشرات الجرحى جراء القصف الإسرائيلي على رفح استشهاد وإصابة عدد من الفلسطينيين في قصف للاحتلال شمال ووسط غزة في اليوم الـ234 للعدوان الإسرائيلي هزة ارضية متوسطة القوة تضرب منطقة الريف في المغرب زلزال بقوة 6.6 درجات يضرب أرخبيل تونغا جنوب المحيط الهادئ
أخر الأخبار

الأرض لا تشرب الدم

المغرب اليوم -

الأرض لا تشرب الدم

توفيق بو عشرين

تحت هذا الشعار خرج الآلاف في مصر الجمعة الماضية لإحياء الذكرى الثانية لمذبحة رابعة. منظمة العفو الدولية أطلقت على ذلك اليوم، الذي قتل فيه أكثر من 3000 مواطن، «يوم مصر الأسود». إنه اليوم الذي اختار فيه الجنرال السيسي أن يعمد بالدم انقلابه العسكري، وأن يقتل الآلاف من أنصار الرئيس المنتخب. لم يكن أكثر المتحمسين لإزاحة الإخوان من الحكم يتوقعون أن يعطي الجنرال وكتيبته الأمر إلى الجنود للضرب «في المليان» ضد معتصمين، رجالا ونساء وأطفالا، كل ذنبهم أنهم تسلحوا بالاعتصام السلمي للدفاع عن حرمة صندوق الاقتراع، وصيانة شرعية ثورية وجدوا أن الثورة المضادة تأكلها قطعة واحدة…

المشاهد المروعة للجرائم ضد الإنسانية التي صاحبت فك اعتصام رابعة والنهضة مازالت موجودة على قناة يوتيوب، وتقريرا هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية «أمنيستي» حفرا للجريمة عنوانا وتفاصيل وشهودا ومجرمين ووقائع وضحايا لن ينساهم التاريخ أبدا، فالدم لا يتقادم، والجرائم السياسية لا تدفن في القبور مع ضحاياها، ومهما حفر الجنرال من تفريعات على قناة السويس فلن يدفن جريمة الانقلاب وما تبعها من خطايا سترهن مستقبل البلاد لعقود طويلة.

 مجزرتا رابعة والنهضة كانتا اختبارين قاسيين لضمائر كل البشر على هذه الأرض، ومدى انتصارهم لحقوق الإنسان وللحق في الحياة، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع جماعة الإخوان المسلمين ومع مشروعها السياسي والفكري. للأسف، قلة نجحت في الاختبار شرقا وغربا، فيما الأكثرية وقفوا في صف القاتل خوفا أو طمعا، فيما رأى الآخرون أن الاختلاف السياسي مع الضحية يمنعهم من إنصافه وإعطائه حقه في أن يعيش خارج السجن أو القبر أو المنفى.

العلامة الصفراء بأربعة أصابع ستظل معلقة فوق رأس السيسي ونظامه حتى تتغير الأوضاع التي حملت العسكر المصري، بتشجيع إسرائيلي خليجي غربي، إلى السلطة.

فائض العنف والكراهية والرصاص الذي يلعلع في القاهرة والإسكندرية وسيناء ومدن الصعيد كل يوم لا يقتل بشرا من لحم ودم فقط، لكنه يقتل أيضا سماحة المصريين، وروح التعايش والوئام بينهم.. يقتل طبيعة المصري المسالم. الأخبار القادمة من وسط جماعة الإخوان المسلمين تقول إن تيار الشباب بات يضيق ذرعا باستراتيجية «سلميتنا أقوى من الرصاص»، التي أعلنها محمد بديع، مرشد الجماعة، قبيل اعتقاله، وأن جبهة النصرة والقاعدة بعثت رسائل كثيرة إلى شباب الإخوان تعرض عليهم الانتقال إلى حمل السلاح في وجه النظام، والتخلي عن النضال السلمي إزاء نظام لديه رخصة مفتوحة لقتل المصريين في الشوارع والبيوت والسجون بأحكام القضاء الفاسد أو بدونها، والمؤسف أن دعوات القاعدة والنصرة وغيرها من التنظيمات المتطرفة بدأت تلقى آذانا صاغية لدى شباب لا يملكون الصبر على رؤية أهلهم وإخوانهم وعائلاتهم يموتون بدم بارد في أرض مصر. وفيما يراهن الشيوخ على بعث شرارة الثورة من رمادها مرة أخرى، وإعادة تحريك الشارع كما وقع في يناير 2011، يراهن الشباب على إنهاك العسكر بعمليات محدودة تدفع قيادات الصف الثاني في الجيش إلى القيام بانقلاب عسكري على السيسي، وآنذاك تفتح بوابة التفاوض مع الحكام الجدد على نوع من المصالحة، حتى وإن لم يعد مرسي إلى السلطة، لأن عودة هذا الأخير صارت مستبعدة جدا في ظل الأوضاع الراهنة داخليا وخارجيا، وبسبب الأخطاء التي ارتكبها الإخوان عندما لم يقرؤوا جيدا خريطة المنطقة، ودرجة الرفض والخوف الكبيرين من الجماعة ومشروعها لدى القوى الإقليمية والدولية… كان على الإخوان ألا يبلعوا من السلطة ما لا يقدرون على هضمه، وأن يعرفوا أن ثورة يناير لم تكن ثورة كاملة، وأن الذي سقط هو رأس النظام، فيما مؤسساته ودولته العميقة بقيت قائمة، وبيدها أسلحة فتاكة تستطيع أن تلتف بها على صندوق الاقتراع وإرادة المصريين. كان الأولى -وقد كتبت هذا الرأي في حينه وليس بأثر رجعي- ألا يتقدم الإخوان إلى الرئاسة، وأن يبحثوا عن توافقات واسعة مع القوى الأخرى، وأن يركزوا على تفكيك الدولة العميقة، وعدم التسرع في الذهاب إلى الانتخابات وحسم المعركة بقانون الأغلبية والأقلية، وكأن مصر هي سويسرا، لكن هذا شيء، وقبول قتل الإخوان واجتثاثهم من الأرض كمواطنين مصريين شيء آخر تماما.

 لقد ضغطت السعودية والإمارات والقاهرة على حكومة دايفد كامرون في بريطانيا لتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية تتوسل بالعنف للوصول إلى الحكم، فكلف الداهية البريطاني سفيرا إنجليزيا سابقا في الرياض، اسمه السير جون جينكينز، وطلب منه ترؤس فريق خبراء يفتشون في تاريخ وفكر وسياسة ووثائق الجماعة بحثا عما يدينها بالإرهاب، ولما انتهت اللجنة إلى خلاصة أن الجماعة الإسلامية الأكبر في العالم العربي ليست إرهابية، طوى كاميرون أوراق التقرير، ودعا سفيره إلى تأجيل إعلان النتائج حفاظا على مصالح بريطانيا مع أصدقائها.

لقد جرب جنرالات أمريكا اللاتينية سياسة الانقلابات الدموية في دولهم، وخيار اجتثاث خصومهم من على الأرض، حتى إن الجنرال سيئ الذكر بينوشيه في الشيلي تعب من قتل معارضيه، فأعطى أوامره للجيش بأن يحملوا آلاف المعارضين مكبلي الأيدي والأرجل في الطائرات ويلقوا بهم في عرض البحر للتخلص منهم ومن جثثهم، ثم ماذا كانت النتيجة؟ فشل مشروع الانقلاب، وانتهى بينوشيه ديكتاتورا مطاردا في كل دول العالم، ورجع ضحاياه إلى السلطة أقوى مما كانوا، لهذا السيسي وفريقه يجربان خيارا لم ينجح حتى في السبعينات، عندما كان العالم مقسما إلى شرقي وغربي، إلى رأسمالي وشيوعي، ولم تكن لحقوق الإنسان القيمة نفسها والاعتبار ذاته، فما بالك اليوم والعالم ينفر من الأنظمة العسكرية ومن خشونة الاستبداد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأرض لا تشرب الدم الأرض لا تشرب الدم



GMT 21:52 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

لبنان المؤجَّل إلى «ما بعد بعد غزة»

GMT 20:10 2024 السبت ,25 أيار / مايو

مفكرة القرية: السند

GMT 20:01 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الإصغاء إلى «رواة التاريخ»

GMT 19:58 2024 السبت ,25 أيار / مايو

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

GMT 19:55 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الدولة الفلسطينية ودلالات الاعترافات

GMT 19:53 2024 السبت ,25 أيار / مايو

«الجنايات»: الحقائق غير التمنيات!

GMT 19:51 2024 السبت ,25 أيار / مايو

ذكريات العزبى!

GMT 19:49 2024 السبت ,25 أيار / مايو

حوارات إستراتيجية !

إطلالات ساحرة لياسمين صبري بالفستان الطويل

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:17 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

نصائح لتزيين المنزل بالنباتات الصناعية

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib