عاصفة جنيفر لوبيز تهز أركان الحكومة

عاصفة جنيفر لوبيز تهز أركان الحكومة

المغرب اليوم -

عاصفة جنيفر لوبيز تهز أركان الحكومة

توفيق بوعشرين

عاصفة من الانتقادات نزلت فوق رأس الحكومة ووزيرها في الاتصال، مصطفى الخلفي، وإدارة القناة الثانية بسبب نقل حفل جنيفر لوبيز، الفنانة الاستعراضية، على الهواء مباشرة يوم الجمعة الماضي… شعب الفيسبوك والتويتر غاضب جداً من الإيحاءات الجنسية التي رأوها في عرض جنيفر في افتتاح مهرجان موازين، ورغم أن جمهورا كبيرا حج إلى منصة السويسي لمتابعة الحفل، فإن المحافظين، وهم الأغلبية الساحقة في المغرب، لم يتقبلوا دخول فنانة أمريكية بلباس الستربتيز إلى بيوتهم عبر الشاشة الصغيرة…

رد الفعل الأولي من هذا الجمهور الغاضب كان هو مطالبة وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، بالاستقالة من منصبه (الموضة هذه الأيام هي إقالة الوزراء الذين يغضبون الرأي العام لأي سبب من الأسباب)، باعتبار أن الوزير الشاب مسؤول عن السياسة العمومية في القنوات التلفزية الرسمية الممولة من جيوب دافعي الضرائب، وهذه دعوى لها ما يبررها، فالناس يريدون مسؤولا منتخبا يحاسبونه ويعاتبونه ويعاقبونه ويطردونه من بيت الوزارة تنفيسا عن مشاعرهم، واعترافا ضمنيا بأن أصواتهم لها قيمة، ورأيهم له اعتبار، وغضبهم يجب أن تكون له آثار في استمرار الوزراء أو خروجهم، أليس هذا هو ما يسمى في الدستور الإرادة العليا للأمة… الوزير، الذي اكتوى غير ما مرة بنيران التلفزيون، وجد نفسه في ورطة، فهو لا يقدر على إقالة العرايشي الذي تحدى وزيره أكثر من مرة، ولا يقدر على الاقتراب من سميرة سيطايل، التي تحولت إلى أحد الأصوات المعارضة للحكومة ولسياسة الوزارة في قطاع الإعلام، حتى إنها شبهت بنكيران يوما بالقذافي، لهذا لجأ الخلفي إلى حائطه الفيسبوكي، وبدأ يعلق على حادثة إدخال مشاهد ساخنة إلى التلفزة العمومية وكأنه ناشط رقمي أو صحافي إلكتروني، وليس وزيرا معه ظهير وله سلطة وتوقيع وميزانية وصلاحيات قانونية…

وإذا كان الوزير ومعه الحكومة لا يقدران على إقالة الجنرال العرايشي وضباطه في الإعلام الرسمي، باعتبارهم خارج السيطرة، ولا يقدران على إلزام القطب المسمى العمومي بالانضباط لدفاتر التحملات وللسياسات العمومية التي من المفروض أن يلتزم هذا القطب بها، فعلى الوزير أن يتخذ واحدا من القرارات التالية: إما أن يستقيل من هذه الوزارة، وإما أن يطلب من رئيس الحكومة أن يغير له مرسوم صلاحياته، وأن يعفيه من الإشراف على السياسة العمومية المتعلقة بالإعلام الرسمي للدولة، وإما أن يسكت ويقبل أن يأكل العرايشي الثوم بفمه، وأن يشكو إلى الله ضره، في انتظار أن تتغير الأحوال والظروف…

الخلفي لم يتخذ أي موقف من هذه المواقف، بل اختار أن يتحول من وزير إلى معارض، ومن مسؤول إلى ناشط، ومن صاحب سلطة إلى صاحب قلم. كتب في الفايسبوك تعليقا على عاصفة مؤخرة جنيفر: «ما جرى بثه مرفوض وغير مقبول ومخالف لقانون الاتصال السمعي البصري ولدفاتر التحملات، وستتم مراسلة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري باعتبارها الجهة المسؤولة عن مراقبة تقيد هيئات الاتصال السمعي-البصري بمضمون دفاتر التحملات، وبصفة عامة تقيدها بالمبادئ والقواعد المطبقة على القطاع. كما ستتم مراسلة لجنة الأخلاقيات بالقناة الثانية باعتبارها المكلفة بتفحص القضايا الأخلاقية». عن أية «هاكا» يتحدث الخلفي؟ وكيف يهرب من تحمل مسؤوليته ويلقيها على رؤوس موظفين بالقناة الثانية أعضاء في لجنة الأخلاقيات؟ هذا اسمه تغطية الشمس بالغربال. الهاكا مؤسسة غير مستقلة، وهي تأسست بمقتضى الفصل 19 من الدستور القديم، وطريقة التعيين فيها يعرف الخاص والعام كيف تتم، والهاكا هذه وسيلة من وسائل التحكم في تحرير المشهد الإعلامي، فهي، إلى الآن، غير قادرة، بعد أكثر من عشر سنوات على صدور قانون تحرير المشهد السمعي-البصري، على الترخيص لميلاد قنوات تلفزية خاصة، وكأننا في اليمن على عهد عبد الله صالح، أو في جيبوتي، ذكرها الله بالخير. تحولت الهاكا من مؤسسة للحكامة إلى أداة لخنق التعددية والاستقلالية في المشهد الإعلامي…

الجمهور العريض لا يعرف أن التلفزات الرسمية خارج سلطة الحكومة، وأن العرايشي موجود على رأس هذا القطاع الاستراتيجي منذ 16 سنة، وأنه لا يلتفت إلى وزير ولا إلى رأي عام، ولا يقرأ تعليقات الجمهور على رداءة تلفزاته، بل إن العرايشي وصل به العناد والاستخفاف بالوزير إلى درجة عدم الرد على مكالماته الهاتفية، حتى إن العرايشي أصبح يشترط على من يدعوه إلى مهرجان أو نشاط عام عدم دعوة الوزير كشرط لحضوره لأنه لا يريد أن يرى وجه الخلفي أو أن يضع يده في يده…

هذه الحادثة، التي تبدو صغيرة، تكشف الصعوبة الكبيرة التي تواجه كل أطراف السلطة في بلادنا. كيف نربط المسؤولية بالمحاسبة كمبدأ دستوري وفي الوقت نفسه نوفر الحماية لخدام السلطة الكبار؟ كيف ننتخب حكومة من صناديق الاقتراع ونعطيها السلطة على إدارة المرفق العام وفي الوقت نفسه نحتفظ بقطاعات استراتيجية تدار من خارج الحكومة والبرلمان والمؤسسات؟ كيف السبيل لتعايش نمطين من إدارة السلطة ما قبل 2011 وما بعد 2011 دون وقوع حوادث من هذا النوع…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاصفة جنيفر لوبيز تهز أركان الحكومة عاصفة جنيفر لوبيز تهز أركان الحكومة



GMT 17:51 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 17:49 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

عن الصور والمصورين.. والشخصيات العامة

GMT 17:45 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 17:43 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 17:41 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 17:37 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 17:33 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

GMT 17:31 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشياء فى حوار أديب

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 16:26 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

هاجر أحمد تعود إلى دراما رمضان بشخصية جديدة
المغرب اليوم - هاجر أحمد تعود إلى دراما رمضان بشخصية جديدة

GMT 07:43 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 01:10 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

"أوتلاندر PHEV" تحفة ميتسوبيشي الكهربائية

GMT 06:45 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 06:32 2023 الأحد ,23 إبريل / نيسان

انقطاع شبه كامل لخدمة الإنترنت في السودان

GMT 07:00 2016 السبت ,17 أيلول / سبتمبر

متى يعود "الزعيم" إلى سكة الألقاب؟

GMT 17:31 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يؤكد احترامه للعقد الذي يربطه مع الوداد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib