قصة تستحق أن تروى

قصة تستحق أن تروى

المغرب اليوم -

قصة تستحق أن تروى

توفيق بو عشرين

أول أمس قضت المحكمة الإدارية بالرباط بإلغاء قرار الخازن العام للمملكة، نور الدين بنسودة، القاضي بتوقيف أجرة الموظف في وزارة المالية، عبد المجيد ألويز
 الذي حرم من أجره سنة كاملة، وقبله جرى توقيف علاوته دون مبرر قانوني... هذه قصة تستحق أن تروى في فيلم وليس في مقال رأي صحافي...
في يوم 13 من شهر يونيو من سنة 2012، نشرنا تحقيقا في هذه الجريدة عن «بريمات» غير قانونية كان وزير المالية السابق، وزير الخارجية الحالي، صلاح الدين مزوار، يتبادلها مع الخازن العام للمملكة، نور الدين بنسودة، (80 ألف درهم شهريا كانت تذهب إلى حساب مزوار و100 ألف درهم شهريا كانت تذهب إلى حساب بنسودة). نشرنا الوثائق التي تثبت هذه التجاوزات، وقبلها اتصلنا بالمعنيين بالأمر، وطلبنا تعليقهما على الموضوع فرفضا التعليق، فكان النشر... ماذا جرى بعد ذلك؟
وقعت رجة قوية في أركان الدولة العميقة وجرى إطلاق جرس إنذار مضلل على أن أسرار الدولة ستصبح معروضة في صفحات الجرائد ومبررات أخرى اختفى وراءها المستفيدون من صفقة «اعطيني نعطيك»..
لم يفتح تحقيق إداري ولا قضائي حول هذه البريمات التي صرفت خارج أي قانون. الذي حدث أن وزارة المالية، وعوض أن تطالب مزوار وبنسودة برد ما أخذاه من مال، وأن توقف هذه العملية، وضعت شكاية ضد مواطنين بريئين اتهمتهما بأنهما من كانا وراء «تسريب» وثائق البريمات إلى الصحافة. اعتبرت أن هذا مخل بمبدأ السر المهني الذي يطوق عنق عبد المجيد ألويز، الموظف في الخزينة العامة...
كيف وصلت الشرطة إلى عبد المجيد ألويز ومحمد رضى؟ عن طريق هاتف كاتب هذه السطور. رجعوا إلى لائحة المتصلين لدى شركة الاتصالات، ثم استنتجوا أن رضا وألويز هما من يقفان خلف نشر هذه الوثائق دون دليل مادي ودون تمحيص إلى أن وثائق البريمات ليست أسرار دولة وأن الدستور الجديد ينص في الفصل 27 منه على: «للمواطنين والمواطنات حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، ولا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى قانون يهدف إلى حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد». ... حكومة بنكيران، التي رفعت شعار محاربة الفساد لم يصل إلى علمها مضمون هذا الفصل، لهذا أعطت موافقتها لنزار بركة لوضع الشكاية لدى النيابة العامة وجر مواطنين بريئين إلى القضاء، أو بالأحرى إلى القدر. ثم بدأت العجلة تدور.. قُدم المواطنان إلى محاكمة طويلة وغريبة، وانتهت جولتها الأولى في المرحلة الابتدائية بالحكم على ألويز بشهرين حبسا موقوف التنفيذ، وتبرئة محمد رضا. قبل النطق بالحكم، لم ينتظر السيد بنسودة كلمة القضاء، بل عمد إلى تطبيق حكم الإعدام على راتب المهندس ألويز دون مبرر قانوني أو واقعي، وتركه بدون أجر لمدة 12 شهرا وكأنه يتصرف وفق عادة المخزن القديم الذي يعمد إلى تتريك خصومه... المشكل أن خبر هذا الاعتداء على القانون وعلى حقوق الموظف وصل إلى رئيس الحكومة وإلى وزيري المالية، لكنهما لم يتحركا لوقفه، ظنا منهما أن بنسودة هو ممثل «المخزن» في وزارة المالية، والحال أن هذا غير صحيح إطلاقا، وها هو الحكم القضائي الذي صدر ضده يثبت ذلك...
عندما فتح التحقيق مع الموظفين المتهمين بتسريب وثائق البريمات إلى هذه الجريدة، تعرضت الحكومة لحرج كبير بسبب الانتقادات التي وجهت إليها واتهامها بالتخلي عن محاربة الفساد، فقررت وزارة العدل الاستماع إلى صلاح الدين مزوار من قبل النيابة العامة في الرباط بخصوص قانونية البريمات...
لكن العجيب والغريب أن النيابة العامة لم تجد الوقت لاستدعاء السيد مزوار، ولم يحدث هذا إطلاقا إلى اليوم رغم أن وزير الاتصال أعلن ذلك مرتين في ندوة صحافية عقب المجلس الحكومي... مزوار رجع وزيرا للخارجية في الحكومة، وبنسودة بقي في مكانه، وألويز قدم للمحاكمة، وقطعوا راتبه، والجريدة التي نشرت التحقيق وضعوها في مرمى نيران غير صديقة.. والقصة مازالت مستمرة...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة تستحق أن تروى قصة تستحق أن تروى



GMT 17:51 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 17:49 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

عن الصور والمصورين.. والشخصيات العامة

GMT 17:45 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 17:43 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 17:41 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 17:37 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 17:33 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

GMT 17:31 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشياء فى حوار أديب

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 07:43 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 01:10 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

"أوتلاندر PHEV" تحفة ميتسوبيشي الكهربائية

GMT 06:45 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 06:32 2023 الأحد ,23 إبريل / نيسان

انقطاع شبه كامل لخدمة الإنترنت في السودان

GMT 07:00 2016 السبت ,17 أيلول / سبتمبر

متى يعود "الزعيم" إلى سكة الألقاب؟

GMT 17:31 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يؤكد احترامه للعقد الذي يربطه مع الوداد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib