بعدما قرّرت الصين التصعيد

بعدما قرّرت الصين التصعيد!

المغرب اليوم -

بعدما قرّرت الصين التصعيد

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

تثير القلق الشديد المناورات الصينيّة - الروسيّة - الإيرانيّة في المحيط الهندي في وقت انعقدت قمة أميركيّة - بريطانيّة - استرالية تم فيها التوصّل إلى اتفاق تزود بموجبه أميركا أستراليا، خمس أو ست غواصات تعمل بالطاقة النوويّة.

يأتي ذلك كلّه على خلفيّة استمرار الحرب الأوكرانيّة بمشاركة ايرانيّة مباشرة واحتكاك هو الأول من نوعه بين الولايات المتحدة وروسيا اسقطت فيه طائرة «سوخوي - 27» مسيّرة أميركيّة من النوع المتطور فوق البحر الأسود.

شكت روسيا من أن المسيّرة الأميركية تنفذ عمليات تجسس في منطقة حظرت فيها الطيران.

الأهمّ من ذلك كلّه الرسالة التي بعث بها الرئيس فلاديمير بوتين والتي فحواها أن شبه جزيرة القرم أرض روسيّة.

لا تراجع روسيّاً في شبه جزيرة القرم التي استعادتها موسكو من أوكرانيا في العام 2014 والتي عادت كييف إلى المطالبة بها.

يبدو واضحاً أن الصين قررت التصعيد في ضوء ما تعتبره سياسة أميركيّة تستهدف تطويقها ومنعها من ضمّ تايوان يوما، على غرار ما حصل مع هونغ كونغ.

إلى أي مدى ستذهب الصين في ابداء اعتراضها على التوجه الأميركي بعدما اثبتت أنّها لاعب أساسي في منطقة الخليج؟

اثبتت الصين أنّ لها دوراً في الخليج بعدما نجحت في رعاية ما يمكن وصفه ببداية مصالحة بين المملكة العربيّة السعوديّة و«الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران.

ليس البيان الثلاثي السعودي - الصيني - الإيراني الذي صدر حديثاً سوى تعبير عن الدور الصيني الجديد.

لم يكن مثل هذا الدور ممكناً أو متاحاً لولا المواقف المتذبذبة لإدارة أميركيّة تبدو مستعدة للوقوف موقف المتفرّج من تطوير «الجمهوريّة الإسلاميّة» السلاح النووي وقرب حصولها على القنبلة الذرّية.

اكتفت الإدارة الأميركيّة بالكلام عن رفضها حصول ايران على القنبلة الذرّية. ليس معروفاً نوع التنسيق الذي تقوم به مع إسرائيل في هذا المجال وطبيعته.

كما لم يصدر عن واشنطن في الماضي ما يطمئن دول الخليج العربيّة التي تواجه منذ سنوات عدّة المشروع التوسعي الإيراني وصواريخه ومسيراته الموجودة في اليمن وغير اليمن.

من الواضح أنّ الإدارة الأميركيّة تستعد لتطورات تفرض عليها تحديات جديدة في انحاء مختلفة من العالم.

هذا ما يفسّر تقديم الرئيس جو بايدن للكونغرس موازنة للدفاع يقدّر حجمها بـ886 مليار دولار، لتكون الأكبر في وقت السلم في تاريخ أميركا.

ركز بايدن لتبرير حجم الموازنة على الحرب في أوكرانيا والحروب المستقبلية.

أين في العالم تتوقع الولايات المتحدة حروبا في وقت مازالت الحرب الأوكرانيّة مشتعلة؟

يشمل مشروع الموازنة زيادة في رواتب أفراد القوات المسلحة بنسبة 52 في المئة. كذلك يشمل أكبر مخصصات مسجلة للبحث والتطوير، وذلك بعدما تسببت الحرب الروسية على أوكرانيا بزيادة الإنفاق على الذخائر.

طلب بايدن تخصيص 842 مليار دولار لوزارة الدفاع (البنتاغون) و44 مليار دولار للبرامج المتعلقة بالدفاع في مكتب التحقيقات الفيديرالي (إف. بي. آي) ووزارة الطاقة والوكالات الأخرى.

أشار الكونغرس، مثلما فعل في كثير من الأحيان، إلى أنه سيزيد الإنفاق الدفاعي بناء على طلب بايدن.

في الواقع، يتوقع الكونغرس والإدارة حرباً ربما يطول أمدها في أوكرانيا ونزاعات محتملة في المستقبل مع روسيا والصين.

كان لافتا قول نائبة وزير الدفاع الأميركي كاثلين هيكس: «أعظم مقياس لدينا للنجاح، والذي نستخدمه هنا في أغلب الأحيان، هو التأكد من أن قيادة جمهورية الصين الشعبية تستيقظ كل يوم، وتفكر في مخاطر العدوان، وتنتهي إلى أنه لن يكون ممكنا القيام (بعدوان) اليوم».

وقال السناتور الأميركي جاك ريد، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في ضوء الكشف عن أرقام الموازانة، «مثل هذا الطلب الآتي من جهات عليا (الرئيس الأميركي) يمثل نقطة انطلاق مفيدة».

أظهرت حرب أوكرانيا للجيش الأميركي أنه بحاجة إلى إنتاج كميات أكبر من أنواع معينة من الذخائر، وهذا يفسر السبب وراء العقود التي تمتد على مدى سنوات عدة والتي تستهدف الحصول على ذخائر للأسلحة التي يحتمل أن تُستخدم أيضا في صراع عسكري مع الصين.

تتميز موازنة العام 2024 بمخصصات ضخمة للبحث والتطوير لمصلحة البنتاغون.

بين هذه المخصصات، مبلغ 145 مليار دولار، يفترض استخدامه لتطوير أسلحة جديدة مثل الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، والتي تُطلق من الغلاف الجوي العلوي ويمكنها تفادي أنظمة الرادار حتى وإن كانت متقدمة.

وقد استخدمت روسيا مثل هذه الصواريخ، التي تمتلك عدداً محدوداً منها، في أوكرانيا.

جاء البيان الثلاثي السعودي ـ الصيني - الإيراني، في ظلّ هذه التطورات الدولية التي لا تبشر بالخير.

هل تعتقد ايران، التي تنظر بايجابية إلى احتمال الحصول على استثمارات سعوديّة، أن مثل هذه التطورات ستصب في مصلحة مشروعها التوسعي من جهة وإمكان تفلتها من مضمون البيان الثلاثي من جهة أخرى؟

الأكيد أنّ «الجمهوريّة الإسلاميّة» لا تتمنى رؤية اليوم الذي سيتوجب عليها فيه «احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية». سيفرض عليها ذلك التراجع عن مشروعها التوسعي والتخلي بالتالي عن ميليشياتها المذهبيّة المنتشرة في كلّ انحاء المنطقة، من العراق، إلى سورية، إلى لبنان... إلى اليمن.

مثل هذه الخطوة ستعني من دون شكّ تغيير النظام لجلده، أي لطبيعته العدوانيّة، وهي طبيعة متأصلة فيه منذ قيامه في العام 1979.

يبقى السؤال الأساسي هل ستخدم الظروف الدوليّة التوجه الإيراني بشكل عام، وهل من دور صيني في لجم المشروع التوسّعي لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» كي لا يكون البيان الثلاثي مجرّد حبر على ورق؟

مؤسف أن تجارب الماضي مع إيران لا تدعو إلى التفاؤل كثيراً.

يعزّز هذا الانطباع المناورات البحرية لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» مع الصين وروسيا.

مثل هذه المناورات ستدفع طهران إلى مزيد من التشدّد والتمسك بما تعتبره علّة وجود النظام، أي العمل من أجل «تصدير الثورة الإسلاميّة» مع توقف بين حين وآخر لكسب الوقت ليس إلّا...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعدما قرّرت الصين التصعيد بعدما قرّرت الصين التصعيد



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

زوجة واحدة لا تكفي!

GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
المغرب اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 17:53 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

محمد صلاح يضيف لرصيده 3 أرقام قياسية جديدة

GMT 13:50 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

البيئة النظيفة.. من حقوق المواطنة

GMT 21:44 2021 الأحد ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أشهر الوجهات السياحية المشمسة في الشتاء

GMT 00:48 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إسبانيول يفاجئ ريال مدريد بخسارة مؤلمة

GMT 00:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مباراة "قناة رقمية" تثير تساؤلات في جامعة أكادير

GMT 21:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 22:47 2012 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

إشتقت إلى الرقص الشرقي وسعيدة بـ"30 فبراير"

GMT 11:34 2024 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يرفض رحيل توماس توخيل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib