لبنان «الثنائي» وفائض التعطيل

لبنان... «الثنائي» وفائض التعطيل

المغرب اليوم -

لبنان «الثنائي» وفائض التعطيل

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

من فائض القوة العسكرية التي منحت «الثنائي الشيعي» القدرة على التحكم بالحياة السياسية اللبنانية إلى فائض التعطيل المؤسساتي الذي منح هذا «الثنائي» القدرة التشريعية على تعطيل الاستحقاقات الدستورية، فهو يرفض الدعوة إلى جلسة تشريعية يتم خلالها انتخاب رئيس للجمهورية، بعدما أيقن أن لا إمكانية لديه من تأمين نصاب يضمن فوز مرشحه المدعوم فرنسياً الوزير السابق سليمان فرنجية من جهة، ومن جهة أخرى مخاوفه المتزايدة من التوافق ما بين قوى المعارضة الوطنية، ومن ضمنها المعارضة المسيحية الرافضة لترشيح فرنجية، على مرشح قادر على إزاحة فرنجية من المنافسة.

لم يكن بحسبان «الثنائي» المُعطل أن المعارضة قد تُجمع على مرشح حقيقي قادر على قطع الطريق على مرشحه، فسقط رهانه ورهانات باريس معاً على أن المعارضة مشتتة ومتفقة فقط على رفض فرنجية لكنها عاجزة عن تقديم اسم مشترك لينافسه، وهذا ما دفع «الثنائي» في الفترة السابقة إلى اتهام المعارضة، أو المعارضات حسب توصيفه، بالتعطيل. ولكن مع اقتراب نضوج تسوية بين القوى المعارضة وإمكانية ترشيح وزير المال السابق جهاد أزعور الذي يمكن أن يحظى بدعم أغلب الفاعلين المسيحيين، ثارت حفيظة «الثنائي» وتوتر خطابه ووصل إلى التصعيد، وخرج أحد أركانه النائب عن «حزب الله» محمد رعد يهدد اللبنانيين بأن «اسم مرشحهم المتداول مناورة وهدفهم التآمر على المقاومة».

ما غاب عن بال رعد ومن يمثله أن المقاومة التي يحتكرها بعدما كانت لسنوات وطنية ومحل إجماع، هي التي تتآمر على نفسها من خلال تحالفها مع طبقة سياسية فاسدة كانت سبباً في خسارة لبنان جزءاً من ثرواته البحرية لصالح عدوها، وبأن فرض فرنجية على اللبنانيين، أكانوا معارضين أو تشرينيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، هو تآمر على ما تبقى للمسيحيين من دور في لبنان من جهة، وتآمر على ما تبقى للبنانيين من أمل من جهة أخرى. والواضح من توتر «الثنائي» («حركة أمل» و«حزب الله») أن إجماع المعارضة شبه النهائي على مرشح رئاسي سيؤدي حتماً إلى إزاحة فرنجية مسيحياً من السباق، وإلى إجبار مهندس التعطيل رئيس البرلمان نبيه بري على الدعوة إلى عقد جلسة انتخابية.

على الرغم من اقتراب المعارضة من إكمال توافقاتها فإن الرئيس بري قد حسم موقفه مسبقاً، وأكد أنه «لن يدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية لعدم وجود مرشح ملائم». بري قال لصحيفة «الشرق الأوسط» إن المعطيات الموجودة لديه الآن لا تسمح بالدعوة إلى جلسة انتخاب. لكن موقف «الثنائي» من ترشيح الوزير أزعور يناقض ما قاله بري قبل شهرين عندما طالب المعارضة بأن تقدم مرشحها، وأن تكون المنافسة تحت قبة البرلمان، وغمز حينها بري من قناتها واتهمها بالتعطيل.

عمق الأزمة أنه بعد أربعة عقود من تحكمه بالسلطة التشريعية وإدارته تعطيل البرلمان في أكثر من استحقاق لمصلحة «الثنائي» وحلفائه، يفقد بري للمرة الأولى قدرته على التحكم بمسار مجلسه، وهذا ليس بالضروري مؤشراً على تراجع قدرة «الثنائي» على الحسم أو عجز ما في استخدام فوائضه، ولكن ما لم يلتفت إليه «الثنائي» أن حدود القوة كما حدود التعطيل في لبنان لم تكن يوماً مكتملة لصالح طرف مهما كبر حجمه.

ما لم يكن بحسبان «الثنائي» وخصوصاً بري، أن واشنطن التي يحرص بري على التواصل معها وهي تحرص على عدم مقاطعته، قد قرعت جرس الإنذار وهددت بفرض عقوبات على المسؤولين الذين يعطلون انتخاب الرئيس؛ إذ تبدو رسالة الإدارة الأميركية ومعها الأوروبيون موجهة للمرة الأولى إلى الرئيس بري وليس إلى شريكه «حزب الله»، حيث لم يعد بإمكانهما المراوغة وتقطيع الوقت بانتظار أن تنضج تسوية إقليمية أو دولية تمكنهما من تحقيق هدفهما.

وعليه، بين فائض العقوبات المحتملة وفائض القوة المُعطِلة يبدو أن فتح أبواب مجلس النواب مهما كانت نتائجه على «الثنائي» أقل تكلفة من إغلاقه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان «الثنائي» وفائض التعطيل لبنان «الثنائي» وفائض التعطيل



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

زوجة واحدة لا تكفي!

GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:18 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف
المغرب اليوم - بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف

GMT 10:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
المغرب اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن

GMT 18:14 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

مخرج فيلم"ماد ماكس" يحطم قلب تشارليز ثيرون

GMT 04:24 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

مقطع ويسلان بمكناس .. منعرج الموت يتربص بأرواح السائقين

GMT 08:29 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

عطر كارفن المصنوع من زهر البرتقال لطيف للرجال

GMT 18:55 2023 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

أجدد صيحات الأحذية من أسبوع الموضة في ميلانو

GMT 22:19 2023 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

مقاييس الأمطارالمسجلة خلال 24 ساعة في المغرب

GMT 18:01 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر

GMT 03:55 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ليكسوس العرائش يفوز خارج ميدانه على الفتح الرياضي بـ (88-65)

GMT 09:06 2021 الأربعاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي الرجاء الرياضي يمنح المدرب لسعد الشابي هدية بعد إقالته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib