العراق في اليوم التالي للانسحاب الأميركي مجدداً

العراق في اليوم التالي للانسحاب الأميركي مجدداً

المغرب اليوم -

العراق في اليوم التالي للانسحاب الأميركي مجدداً

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

افتراضياً، في المؤتمر الصحافي الذي عقده مسؤول أميركي كبير بعد نهاية اجتماع مجلس الأمن القومي الأميركي الذي أعلنت فيه الإدارة الأميركية إتمام إجلاء آخر جندي أميركي من العراق، يجيب هذا المسؤول عن سؤال أحد الصحافيين بأن «بلاده لن تتخلى عن أصدقائها في العراق، وأنها ستتحرك لمساعدتهم عندما يلزم الأمر»، ويضيف أن «القيادة المركزية الوسطى تدرس إمكانية بقاء قواتنا بالقرب من الحدود العراقية وأن هناك سيناريوهات أخرى إذا حدث أي تهديد لأصدقائنا أن نكون إلى جانبهم وحتى داخل الأراضي العراقية».

يلتفت مخضرم كردي، انخرط في النضال الكردي إلى جانب الملا مصطفى البرزاني، وعاش جزءاً كبيراً من مآسي الأكراد وبعض أفراحهم القليلة إلى ضيفه بعد نهاية المؤتمر الصحافي وسأله مستهجناً هل لواشنطن من أصدقاء؟ ونظر من شرفة منزله الريفي في جبل سكران الذي يطل على الحدود الإيرانية وقال صدق محمود درويش حين قال «ليس للكردي إلا الريح» ولكن بعد تجربتي ليس للكردي إلا الجبل.

في لحظة الخروج الأميركي إن حصل، سيعود الجبل المكان الآمن للأكراد، فهم وفي ذروة صعودهم فضّل البعض منهم البقاء فيه على النزول إلى بغداد، وبقيت عاصمتهم المركزية بنظرهم منطقة غير آمنة، وتعاملوا معها بحذر رغم ضعفها في البداية، حيث سكنهم هاجس الخوف من أن ترسل بغداد يوماً ما دباباتها كما أرسلتها في مرات سابقة، فلم ينجح القادة في أربيل ولا حتى في السليمانية ولا القادة الشيعة في بغداد في بناء الثقة بينهم، ولم تتجاوز علاقتهم مستوى التحالفات المصلحية وليس الوطنية، إذ تتهمهم بغداد بأنهم استغلوا ضعفها وارتباكاتها السياسية والأمنية في العقد الأول للتغيير لكي يحصلوا على كثير من المكاسب، فيما بعض نخبهم حذر مبكراً من الثمن الذي قد تدفعه كردستان إذا اشتد عود بغداد والتفت بعض أولياء أمرها السياسيين نحو الشمال وتعاملوا مع إقليم كردستان كتمرد بعد الخروج الأميركي.

بخروج واشنطن العسكري أو عدمه، فإن انعدام الثقة بين الساسة الأكراد والساسة الشيعة قد أدى تدريجياً إلى فتور العلاقة بين العاصمتين، وتسبب صمت بغداد عن الضربات الداخلية والخارجية التي تتعرض لها أربيل من قبل «الحرس الثوري» الإيراني وفصائل عراقية متحالفة مع الحكومة إلى خيبة أمل كبيرة بواشنطن التي لم تتحرك إلا عند مقتل جنودها، فواشنطن المستقيلة أصلاً من دورها، بدأت تصرفاتها تزيد من قلق الأكراد حول مستقبل الإقليم وذلك نتيجة تداعيات قرارات المحكمة الاتحادية الأخيرة التي أعادت إلى الأذهان طبيعة العقل السياسي المركزي في بغداد والذي يجري أمام أعين واشنطن.

في نضالهم الدائم من أجل حماية هويتهم المستقلة دفع الأكراد ثمن مواجهات غير متكافئة مع هويات شوفينية قاتلة، كما دفعت القضية الكردية في شقها العراقي ثمن رهانات سياسية غير واقعية، وأدت الخلافات الداخلية بين أحزابها إلى تمكن القوى الإقليمية المجاورة، خصوصاً تلك التي تعيش رهاب القضية الكردية، إلى التحكم بمصيرهم، كما أن سلطة بغداد في كل مراحلها السياسية من الملكية مروراً بالبعثية وصولاً إلى الولائية لم تتوانَ عن التدخل في شؤونهم والعمل على قسمتهم والاستثمار في تناقضاتهم. رغم أن الفرص كانت كبيرة ما بعد 1991 و2003 وطيّ صفحة النزاع الكردي - الكردي المسلح، إلا أن التجربة الكردية - العراقية الجديدة، أي الحكم الذاتي، ظلت عالقة ما بين رغبة دفينة بالاستقلال وحذر دائم من بغداد، حتى في مرحلة صعود التحالف الكردي - الشيعي المقبول أميركياً وإيرانياً، إذ يدفع الأكراد إلى اليوم ثمن محاولتهم إجراء الاستفتاء، الذي انتهى بخسارتهم كركوك، من دون أن تحرك واشنطن ساكناً، هذه الصدمة كانت لحظة تاريخية لطرح السؤال حول شروط الجغرافيا التي تتحكم بمصير الأكراد، وعن خيانة الأصدقاء أي الأميركيين، يصف الناشط الكردي المستقل هيوا عثمان علاقة بني جلدته بواشنطن بقوله: «بالنسبة للأميركيين لا يوجد أكراد، يوجد عراقيون جيدون»، ولكن حتى تفسير «جيدون» مبهم، فواشنطن لا ترى بديلاً عن بغداد حتى لو تظاهرت بمخاصمتها، فكيف ستتصرف أربيل... وللحديث بقية.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق في اليوم التالي للانسحاب الأميركي مجدداً العراق في اليوم التالي للانسحاب الأميركي مجدداً



GMT 14:47 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

أبوظبي ـ المغرب اليوم

GMT 13:42 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
المغرب اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 23:13 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

الوداد الرياضي يٌعلن فتح باب الانخراط بالنادي

GMT 07:57 2021 الإثنين ,27 كانون الأول / ديسمبر

الطاقة الشمسية تجمع المغرب ونيجيريا

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 09:31 2023 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

حليب جوز الهند يعالج البشرة الجافة

GMT 21:26 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة جديدة عن فوائد المخدرات للمرتبطين

GMT 11:19 2014 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

اخطاء وخطايا النخبة

GMT 06:39 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

Ralph&Russo Couture Spring/Summer 2016

GMT 01:57 2021 الخميس ,01 إبريل / نيسان

مجوهرات لؤلؤية فاخرة موضة صيف 2021

GMT 16:02 2019 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

استقالة هشام الدميعي من تدريب أولمبيك آسفي

GMT 19:47 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

الفنان حاتم إيدار يخضع للعلاج بعد نجاته من حادث مروّع

GMT 10:25 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

الروبوت "فورفيوس" يتمكن من ممارسة لعبة تنس الطاولة

GMT 11:09 2014 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة تسوّس أسنان الأطفال تنشر بسرعة في بريطانيا

GMT 20:37 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تأجيل زفاف ابنة أميرة موناكو والمغربي جاد المالح
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib