ملكية أكثر حزبية أقل

ملكية أكثر.. حزبية أقل

المغرب اليوم -

ملكية أكثر حزبية أقل

بقلم - حسن طارق

طبعا، لا أحد استقال. الأحزاب ثمنت – في مشهد ساخر- شهادة إدانتها. الحكومة – عوض تقديم استقالتها بقليل كرامة – لجأت إلى أغبى حل للتخلص من المشاكل: اللجان والمزيد من اللجان. الدولة فوضت إلى وزارة الداخلية خطة “التصحيح” واستراتيجية تفعيل مضامين الخطاب، تاركة رئيس الحكومة يتحدث بانبهار – في الوقت الميت- عن ضرورة التنسيق بين القطاعات.

في الخطاب دلائل واضحة على أن للدولة تقييما مكتملا للعهد الجديد، ورؤية للمرحلة المقبلة، ومن ذلك أن اللحظة تقتضي “ملكية” أكثر، و”حزبية” أقل .

ترجمة ذلك أن الملكية التنفيذية التي بدت مع 20 فبراير أنها “المشكلة” على الصعيد المؤسساتي، عادت لتصبح من جديد هي “الحل” على الصعيد السياسي.

بعيدا عن “ملكية أكثر” أو”ملكية أقل تدخلا”، وهو السؤال الذي طبع كل مراحل التوتر السياسي بين الحركة الوطنية والحسن الثاني، كان دستور 2011، قد قدم تصورا تركيبيا يدافع عن صيغة “ملكية أنجع”، أي مؤسسة ملكية تعيد تعريف نفسها وأدوارها ضمن أفق التدبير الاستراتيجي، وتترك القيادة التنفيذية للحكومة المنتخبة والمساءلة أمام البرلمان.

لكن هذا التصور يبدو أنه آل في النهاية إلى فشل بيّن.

في تقييم الدولة، فإن عجز الأحزاب، تحول مع أثر الميثاق السياسي للعام 2011، إلى إعاقة مؤسساتية، وهو ما لا تقبل الملكية التعايش معه، ولأن الملكية ليست “أريكة فارغة” ولا هي “مجرد مؤسسة ضمن المؤسسات”، فهي مضطرة إلى إعادة الانتشار لتغطية البياضات المؤسسية الناتجة عن ضعف الأحزاب، وهو ما يعني ممارسة صلاحية “الحلول” في مواجهة تخلي باقي الشركاء عن أدوارهم واختصاصاتهم.

وإذا كان واضحا أن الخطاب الأخير للملك محمد السادس كان يحاور مباشرة حراك الريف، واتجاهات الرأي العام التي تعبر عنها وسائط التواصل الاجتماعي، تماما، كما كان يفعل الراحل الحسن الثاني مع بلاغات الكتلة وافتتاحيات “العلم” و”الاتحاد الاشتراكي”. فإن الأحزاب الوطنية التي ظلت حاملة لمشروع الإصلاح باتت عاجزة عن التفاعل مع العرض السياسي للدولة، خارج منطق التثمين والتهليل، وهو ما عبرت عنه بلاغاتها وتصريحات قادتها .

وإذا نحن تأملنا في دائرة التفاعل الحي، والواسع، وغير المسبوق مع مضامين الخطاب، داخل وسائط التواصل، واقتصار ذلك داخل الحقل الحزبي على بلاغين للنهج الديمقراطي وحزب الطليعة، فإن هذا يوضح في الحقيقة تقلص فكرة الإصلاح، سواء داخل المجتمع السياسي أو داخل الدولة، مقابل اتساع الاستراتيجيتين المتصادمتين لكل من المجتمع والدولة: الاحتجاج أو الأمن.

التشخيص الصادم للخطاب، كان يفترض صراعا رمزيا – لم يحدث – بين قراءتين ممكنتين للوضع المؤسساتي، إذ تذهب الأولى نحو تأويل رئاسي يفضي إلى استعادة الملكية التنفيذية لمساحاتها التي تنازلت عنها في سياق 2011، وتذهب الثانية نحو تأويل برلماني يعتبر حالة الشلل المؤسسي، ناتجة عن اتساع مساحات اللامسؤولية وضعف المحاسبة السياسية.

لكن وضع القوى الإصلاحية الموزعة بين حالات: “التحييد السياسي” أو”الرمي في منطقة الهشاشة” أو”الانشغال بالحرائق الداخلية”، لم يسمح بدفاعها عن هذا التأويل البرلماني، ولم يسمح لها بالقول بأن الأزمة ليست أزمة أحزاب، بل هي أزمة منظومة.

ولأنها لم تستطع التعبير عن ذلك، تكون قد اختارت أن تقدم نفسها قربانا للأطروحة الجديدة للمرحلة.

عموما، في منطق الخطاب السياسي الرسمي، نحن نعيش أزمة أحزاب وأزمة سياسة، والمؤكد – ضمن المنطق ذاته- أن زمن الإصلاح الحزبي لا يطابق زمن الإصلاح المستعجل لأوراش الإدارة والسياسة الاجتماعية، وهو ما يعني أن الإصلاح غدا سيكون إصلاحا بلا أحزاب ولا سياسة.

في خلاصة التحليل، يظهر أن خطاب 29 يوليوز، قد نجح في اختبار قابلية المجتمع لاستقبال مشروع قتل السياسة، حيث خارج مقاومة التعبيرات الجديدة للمجتمع لهذا المشروع، يبدو أن الحقل الحزبي مستعد – باطمئنان مثير- للاحتفاء بحالة الاستثناء إذا ما أعلنت غدا أو بعد غد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملكية أكثر حزبية أقل ملكية أكثر حزبية أقل



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 16:54 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تقرير يكشف أن"غروك" يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين
المغرب اليوم - تقرير يكشف أن

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:03 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 18:18 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 01:36 2016 الجمعة ,03 حزيران / يونيو

سميرة شاهبندر المرأة التي رأت صدام حسين باكيا

GMT 03:52 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

الإعلامي ريكاردو كرم يُطلق مبادرة لدعم أطفال لبنان

GMT 15:23 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

كاف ترفض مقترح الوداد بدوري أبطال أفريقيا

GMT 07:05 2012 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تغريم مطعم لبناني بسبب لافتة خادشة للحياء

GMT 11:31 2015 الجمعة ,27 شباط / فبراير

المُـثـقـفـون والاصـلاح الـديـنـي

GMT 00:31 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

التحقيق في شيكات أموات تتجول بالأسواق المغربية

GMT 17:12 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

راضي يؤكد أن رؤية السيسي في مكافحة الإرهاب تحظى بتقدير الغرب

GMT 18:07 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

كوكب عطارد يمر أمام الشمس في ظاهرة فلكية نادرة

GMT 03:06 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

إليزابيث هيرلي تظهر بإطلالة جذَّابة

GMT 19:21 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

موعد طرح فيلم شاروخان الجديد "زيرو" في دور العرض المصرية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib