ليلة قاسية من دماء شبابنا ليبقى الوطن

ليلة قاسية من دماء شبابنا ليبقى الوطن

المغرب اليوم -

ليلة قاسية من دماء شبابنا ليبقى الوطن

بقلم : أسامة الرنتيسي

ليلة قاسية ضغطت على عصب الوطن فتألم كل من يستنشق هواء بلادنا، حزنا على دماء شهدائنا الذين سقطوا دفاعا عنا وعن كرامة وطننا وشعبنا وأحلامنا ومستقبلنا.

الدموع والحزن خيما على الفحيص مثلما خيما على جرش وكل المدن والقرى والمخيمات الأردنية التصاقا بروح الشهيد علي قوقزة ورفاقه في عملية السلط.

في ذروة الحماس الوطني، والتلاحم الشعبي، تتسلل أصوات غاب عنها العقل لتنثر سمومها البائسة، بالقفز إلى استنتاجات وتحليلات غير منطقية، لا تستقيم مع العقل السليم، تستخدم عقلية المؤامرة في كل شيء.

هذه العقلية للأسف، لا تعرف أنها بهذه الاستنتاجات والتحليلات، تصب في مصلحة أفعال هؤلاء المرتزِقة، وفيها نوع من تبرئتهم من هذه الأفعال الشائنة، وتعظيم إمكاناتهم، ومستوى الأهداف التي يتطلعون إليها، عندما نقول إن مهرجانات الفرح والثقافة يجب أن تتوقف، هنا نقدم خدمة مجانية لأفكار الإرهاب والتطرف والجهل.

نعرف جيدًا أن منطقتنا العربية تمر في مرحلة من أشد مراحلها حِلكَة وسوادًا في تغييب العقل، والمنطق، والعلم، وانتشار الجهل بعناوين عريضة، لا تسيء فقط لعروبتنا وإنسانيتنا، بل تسيء عن جهل وقصد إلى حضارتنا التي فاخرنا بها الدنيا في فترات ما.

منذ سنوات، والخطاب العربي الرسمي والشعبي، والفعل السياسي والإعلامي، وحياة الإنسان العربي، كلها واقعة في مستنقع التطرف والإرهاب بتفرعاته المختلفة، ومحاربة بلاد الكفر والإلحاد، ومتابعة “المقاتلين الجدد” من أفغانستان، الى غزوات نيويورك، وما بينها من غزوات في مدن أوروبية أخرى، إلى أن ارتددنا إلى ساحاتنا العربية، في العراق والسعودية واليمن ومصر وسورية، ولم تنج عمّان الآمنة من “غزوة الفنادق” التي ذهب ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، ومن عمليات أعنف في إربد والكرك والسلط.

في هذه الأيام، زاد تغييب العقل أكثر وأكثر، وأصبحت بلاد الرافدين والحضارة الممتدة لآلاف السنين، والعراق الذي استثمر في الإنسان، تعليمًا وصناعة وحضارة، مختطفة أيضا من قبل دعاة الجهل، وأصبح العقل العربي مُغيبًا، أمام أخبار الجماعات المتطرفة، وما فعلته وتفعله مرتزِقة “داعش” في العراق والشام التي تتكئ أيضا على آلاف السنين من الحضارة والمدنية والعلم والإنجاز، وهضمت حضارات كثيرة مرت على سهولها وأرضها وجبالها وإنسانها.

خطفتنا وسائل الإعلام الغربية بعناوينها المختلفة، وأجنداتها التي لا تَخفى على أحد، بأخبار وقضايا ثانوية، عن البعد الحقيقي لما يجري، ويغيب العقل والفكر التقدمي لمصلحة منظومة غيبيات وفتاوى وأشكال من أناس يستحضرون أبشع ما عرفته البشرية ويلصقونه بأحداث في فترات سوداء من التأريخ الإسلامي.

نحتاج أكثر ما نحتاج إليه هذه الأيام، إلى تغليب العقل في رؤية كل شيء، وتغليب الفكر العلمي المتقدم على فكر الطوائف والمِلَل، وتعظيم الوطنيات القومية والإنسانية والأممية في مواجهة فكر الانعزاليين و”رسل السلف” بعناوينهم المختلفة (دعوية جهادية وهابية…).

نحتاج من مراكز الدراسات المحترمة أن تنشط لتفكيك العزلة عن العقل العربي المُغيّب في غياهب تضر بحياتنا ومستقبلنا.

نحتاج من مفكرينا أن ينشطوا أكثر هذه الأيام، لتعظيم الفكر العلمي التقدمي الإنساني، وألّا يتركوا الساحة لفكر التجهيل والعتمة.

نحتاج من مؤسسات الإعلام جميعها عدم الانحياز الى اللغة الطائفية البغيضة، والفكر المنغلق التكفيري، بل إلى محاربته.

الاردنيون تسمروا ليلة الاحد على رؤوس اصابعهم وهم يتابعون القضاء على مجموعة الارهابيين في السلط، وهم في قلق شديد، كيف يعيش هؤلاء بيننا بسلام وطمأنينة.

قلناها منذ اللحظة الاولى انها حربنا…فاختلف معنا بعض اصحاب الحول السياسي.

ندفع الثمن من دماء شبابنا لنحفظ كرامتنا وإنسانيتنا ومستقبلنا ليبقى الوطن.

المجد والخلود لارواح شهدائنا، والخزي والعار للقتلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليلة قاسية من دماء شبابنا ليبقى الوطن ليلة قاسية من دماء شبابنا ليبقى الوطن



GMT 07:19 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

شكراً لعدم قتل العالم

GMT 07:17 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 07:05 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

محمد السادس «مخزن» الوضوح السياسي

GMT 06:01 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

ليست لغزاً ولا يحزنون

GMT 05:59 2023 الخميس ,09 شباط / فبراير

الزلزال القادم

GMT 02:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء
المغرب اليوم - نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء

GMT 09:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

قافلة طبية جراحية تتدخل في إقليم ميدلت
المغرب اليوم - قافلة طبية جراحية تتدخل في إقليم ميدلت

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 18:51 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

حمد الله ينافس ليفاندوفسكي على لقب هداف العام

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 20:29 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منة فضالي " فلّاحة" في "كواليس تصوير مشاهدها بـ"الموقف"

GMT 06:46 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج عيون ناعم يلفت الأنظار ليلة رأس السنة

GMT 03:29 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أصالة تبهر جمهورها خلال احتفالات العيد الوطني في البحرين

GMT 07:40 2014 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

اللاعب مروان زمامة مطلوب من ثلاث فرق مغربية

GMT 06:44 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

اختيار هرار الأثيوبية رابع أقدس مدينة في الإسلام

GMT 04:44 2015 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

شركة ألعاب "إيرفكيس" الشهيرة تطلق ألعاب خاصة للفتيات

GMT 09:18 2015 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

هواوي Y6 تبيع 5 آلاف وحدة من الهاتف النقال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib