الأحزاب الأردنية وسطوة نظرية باص الكوستر

الأحزاب الأردنية وسطوة نظرية باص الكوستر!

المغرب اليوم -

الأحزاب الأردنية وسطوة نظرية باص الكوستر

أسامة الرنتيسي
أسامة الرنتيسي

الصخب الذي رافق الحياة العامة في الأردن خلال الشهرين الماضيين، لم يُحرّك حزبًا واحدًا من  الخمسين حزبًا وأكثر المنضوية تحت مظلة وزارة الشؤون السياسية، ليصدر بيانًا او موقفًا او تحليلًا يُسهم في تخفيف حالة الغشاوة والضباب وفقدان البوصلة في البلاد.

كاد قائد أحد الأحزاب السياسية (الدكتور سعيد ذياب) أن ينجلط لو تم التضييق عليه أكثر في القضية المرفوعة ضده، ومع هذا لم تكن ردة الفعل الحزبية عموما على ما جرى مع أحد قياداتها متناسقة مع الحدث.

مقتنعون تماما  بضرورة تعزيز العمل الحزبي، لكن على أرض الواقع هل هناك فعلا حالة حزبية يمكن البناء عليها وتعزيزها، والتنبؤ بديمومتها وتطويرها.

للأسف الشديد، لا توجد منظومة حزبية حقيقية، ولا بوادر لتطوير الأحزاب القائمة، فقد أكل الدهر عليها وشرب، ومعظم قياداتها هرمت وتجاوزها الزمن، ولم تخلق قيادات بديلة، تستطيع أن تحمل الراية، ومُتسمسرة على كرسي القيادة في الاحزاب.

للإنصاف؛ لا تتحمل الأحزاب وحدها بؤس الحالة الحزبية، فعقل الدولة ومؤسساتها، يتحدثون برغبات عن الأحزاب، من دون إيمان بها، وقد أكون قاسيا إن قلت: إن هناك حالة عداء للعمل الحزبي، ولا أحد يريد ان يرى أحزابا قوية، وتيارات مُقنِعة.

لا أكتب عن الأحزاب بهدف جلدها بل بسبب غيابها الفعلي حيث بقيت حتى الآن بعيدة عن شغب الأخبار  والإشاعات التي لفّت وتلف البلاد منذ نحو شهرين، وأقصى أفعالها إصدار بيان يتيم فقير جمل مكررة كملخص لاجتماع مكاتبها السياسية.

تطوير الأحزاب يبدأ بالقانون، وصولا إلى تشكيل حكومات حزبية برلمانية ممثلة، فهل يُعقل أن تعيش مقولة أحد وزراء الداخلية كل هذه السنوات، ولا تزال ألسنة بعضهم ترددها: “بأن عدد أعضاء بعض الأحزاب لا يكمل حمولة باص كوستر”، ومقولة أخرى فيها فذلكة سياسية من نمط “إن أحزابنا عقائدية لا برامجية”.

بالقانون وحده ننمي الحياة الحزبية، ونحدد مسؤولية الدولة تجاه الأحزاب، ونضع ضوابط محددة لدعم الأحزاب ماليا، لأن وضعها كلها في علبة واحدة، فيه ظلم كبير، وهناك مقاييس كثيرة يستطيع القانون ضبطها، من خلال تمثيل الحزب في البرلمان،  ونسبة الشباب والنساء في كل حزب، وعدد مقرات الاحزاب، والروافع السياسية والإعلامية التي ينتجها.

على الدولة عموما ان تتبرأ من تهمة عدم الرغبة في إيجاد حياة حزبية ناضجة فاعلة، وعليها أن تكون في خطابها وممارساتها داعمة للمنظومة الحزبية على أساس أن هذه المنظومة الحزبية هي القادرة على إدارة شؤون البلاد، وألا إصلاح سياسيًا شاملًا في البلاد من دون حياة حزبية قوية فاعلة مؤثرة.

خراب الحياة الحزبية وسلبيتها وضعفها، تتحمل مسؤولية ذلك كله جهات عديدة، وأسباب يعرفها الجميع، لكن أبرز العوامل التي تديم هذا الوضع سببان:

أولا، ضعف الحياة الطلابية المخزن الرئيس في تطوير الحياة الحزبية على اعتبار ان الحياة الطلابية هي المختبر الأول للحياة الحزبية الفاعلة، وضعف التنظيمات الطلابية واستهدافها، انعكسا فورا على المنظومة الحزبية، التي غيبتها ظروف كثيرة عن الحياة الطلابية.

وثانيا، لا يمكن ان تتطور الحياة الحزبية من دون قانون انتخاب يحمل على اكتافه تطوير الحياة الحزبية،  ومنسجما مع متطلبات الإصلاح الوطني الديمقراطي، ويتسع للتعددية الحزبية والاجتماعية.

لا يجوز ان تبقى قضية الأحزاب والإصلاح في الأردن، مثل الدجاجة والبيضة، من هو الذي جاء أولا….

الدايم الله….

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأحزاب الأردنية وسطوة نظرية باص الكوستر الأحزاب الأردنية وسطوة نظرية باص الكوستر



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

زوجة واحدة لا تكفي!

GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

GMT 02:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء
المغرب اليوم - نصائح لجعل المنزل أكثر راحة وهدوء

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 18:51 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

حمد الله ينافس ليفاندوفسكي على لقب هداف العام

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 20:29 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منة فضالي " فلّاحة" في "كواليس تصوير مشاهدها بـ"الموقف"

GMT 06:46 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج عيون ناعم يلفت الأنظار ليلة رأس السنة

GMT 03:29 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أصالة تبهر جمهورها خلال احتفالات العيد الوطني في البحرين

GMT 07:40 2014 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

اللاعب مروان زمامة مطلوب من ثلاث فرق مغربية

GMT 06:44 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

اختيار هرار الأثيوبية رابع أقدس مدينة في الإسلام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib