لبنان  «طبعة خاصة» من «الربيع العربي»

لبنان .. «طبعة خاصة» من «الربيع العربي»

المغرب اليوم -

لبنان  «طبعة خاصة» من «الربيع العربي»

بقلم - حسن البطل

 في العام 1927 كتب رشيد نخلة النشيد الوطني اللبناني، كان هذا قبل قرابة عشرين عاماً من استقلال لبنان. في غمرة الحرب الأهلية اللبنانية الكبرى 1975 ـ 1990، وهي باكورة الحروب الأهلية العربية، سخر لبنانيون من مفتتح النشيد: «كلّنا للوطن للعلا للعلم» إلى «كلّنا عَ الوطن..».
في فلك الحرب، انقسم الشعب وتحاربت الطوائف. انقسم الجيش الرسمي مع تشكيل «جيش لبنان العربي».
انقسمت الحكومة. البرلمان وحده لم ينقسم. نقل جلساته من ساحة النجمة، وسط بيروت، إلى خط تقسيم العاصمة بيروت إلى بيروت الغربية، وبيروت الشرقية عند نقطة المتحف.. ثم عاد إلى مقرّه الأصلي. بقي القصر الجمهوري في مكانه ببيروت الشرقية، ضاحية بعبدا، وعادت الحكومة إلى السراي في بيروت الغربية. لبنان لم ينقسم.
بدت الحرب الأهلية وكأنها دينية ـ طوائفية، لكنها شهدت معارك داخلية وتصفيات في ما اعتبر المعسكر المسيحي «الكتائب»، «نمور الأحرار»، «المردة»، وخلافات مسلحة في المعسكر الإسلامي ـ الفلسطيني. بقيت بيروت الغربية تضم مسيحيين أكثر من بيروت الشرقية.
سبق الحرب الأهلية الكبيرة، احتراب العام 1958 بين اللبنانيين العروبيين، واللبنانيين الانعزاليين، انتهت بالتوافق على انتخاب أول عسكري لرئاسة لبنان، هو قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب الإصلاحي، فيما عُرف بـ «الشهابية» لكنه اشتكى من فساد الطغمة الحاكمة باسم «الصيغة اللبنانية»، وأطلق عليها نعتاً بالفرنسية «فروماجيست ـ أكلة الجبنة» كان يستخدمه الجنرال ديغول الإصلاحي، أول رئيس فرنسي بخلفية عسكرية.
للبنان خصوصية بين الجمهوريات العربية التي هي جمهوريات الحكم الاستبدادي، والخوذة العسكرية، والحزب الحاكم الواحد أو الحزب القائد، ومجالس الشعب ذات اللون الحزبي القائد أو الغالب. خصوصية لبنان البلد هي كما خصوصية لبنان الشعب الذي تشرّب ممارسة فكرة الحرية والتعددية الدينية والطوائفية والفكرية والثقافية. لما كان «سويسرا الشرق».
عندما تدخلت سورية البعثية، مطلع الحرب الأهلية اللبنانية، استخف نائب الرئيس السوري، عبد الحليم خدّام، الذي صار «حكمدار لبنان» وقال: «اللبنانيون ناس البارات والديسكو»، لكنه الشعب الذي أخرج الاحتلالات: الفلسطينية، ثم الإسرائيلية، ثم السورية من أرض لبنان، كما أرغم القوات الأميركية على مغادرة لبنان، ولو بالاعتماد على تحالفات لبنانية متغيرة كل مرّة.
منذ بروز «حزب الله»، كقوة طائفية عسكرية ثم حكومية وبرلمانية، تغيرت التحالفات اللبنانية، لكن الفساد المالي استشرى، فنزل الشعب إلى الشوارع والساحات العام 2015 تحت شعار: «طلعت ريحتكم»، وفي تشرين من هذا العام اندلعت انتفاضة شملت جميع المناطق، وضد جميع القيادات تحت شعار: «كلّن.. يعني كلّن».
قبل نصف قرن كان لبنان الديمقراطي فريد الجمهوريات الاستبدادية ـ العسكرية العربية، والآن فريد الانتفاضات الشعبية العربية. يقولون عن تونس الخضراء، مهد الربيع العربي، إنها أعادت إليه الربيع الديمقراطي العربي، والآن يُقال عن لبنان إن شعبه أضاف «طبعة لبنانية» للربيع العربي الذي تحول خريفاً وشتاءً في بعض البلدان العربية، وحروباً واحتراباً وخراباً في بعضها الآخر.
قبل نصف قرن، اشتكى اللواء فؤاد شهاب من الفساد السياسي، أو «أكلة الجبنة» وبعده مرّ لبنان بالفساد الطوائفي والديني الذي كان غطاءً للفساد المالي والإداري.
كان شعار الشارع «طلعت ريحتكم» قبل ثلاث سنوات بمثابة إنذار من الشعب ضد استشراء الفساد المالي، لكن مشروع الميزانية جاء تكريساً للفساد، ومن ثم فإن للشارع الغاضب أن يستخدم لغة شوارعية ضد طغمة الفساد، وأن ترافقها هتافات العودة إلى النشيد الوطني: «كلّنا للوطن»، وأما الطغمة الفاسدة العابرة للطوائف فهي «كلّنا عَ الوطن».
قبل نصف قرن كانوا في لبنان يباهون أنه «سويسرا العالم العربي». الآن للبنانيين أن يباهوا ببلد سكانه 4,5 مليون نزل منه إلى الساحات والشوارع 1,2 مليون وهي نسبة غير معهودة في شوارع وسوح مدن بقية دول الربيع العربي.
ربما ضاقت تعددية صحافة لبنان الحرة لأسباب ما، لكن شبكات التلفاز اللبنانية تعطي للطبعة اللبنانية من الربيع العربي تغطية مباشرة وواسعة، ما يثير غيرة وحسد بقية شعوب بلاد الربيع العربي.
لا بأس أن تأخذ انتفاضة لبنان مظاهر كرنفال من الغضب الجارف والمرح الصاخب معا، وأن يستخدم الشارع لغة شوارعية في التعريض بأركان الحكم، وقد يتجاوب النظام مع جزء من مطالب الشعب، وقد تنتكس الطبعة اللبنانية للربيع العربي، لكن انتفاضة تشرين اللبنانية أول فجر لبنان الجديد، وليس فقط لحكومة جديدة، وميزانية أقلّ فساداً، وبرلمان أقلّ طوائفية بكثير أو قليل.

الباقورة والغمر
تذهب إسرائيل إلى انتخابات ثالثة خلال عام، أو يشكل نتنياهو حكومة أخرى، أو يفشل في ذلك. ما يعني هو أي دور يلعبه حزب ليبرمان في تشكيل حكومة وحدة، ودور القائمة المشتركة في أي ترجيح كفّة ائتلاف حكومي جديد، إذا نجح حزب الجنرالات في تشكيل حكومة جديدة.
أيضاً، هل ستعيد إسرائيل إلى سيادة الأردن 800 دونم في أرض الباقورة المستأجرة، ملتقى نهري اليرموك والأردن، وكذلك إعادة 1100 دونم استأجرتها جنوب البحر الميت (وادي عربة) بعد معاهدة وادي عربة. مدة الإيجار لـ 25 سنة تنتهي الشهر المقبل. لكن السؤال: لماذا تسمي إسرائيل «الباقورة» باسم ملتقى الأنهار «نهرايم»، وتسمي «الغمر» باسم عبري «تسوفر» كأنها واثقة من استئجار يصير احتلالاً؛ ومن احتلال يصير ضماً وتوسعاً.
إسرائيل لا تكتفي بنوايا وخطط ضم المنطقة (ج) أو ضم الأغوار، ومؤخراً في جنوب نابلس وسّعت المنطقة (ج) لتضم 700 دونم من المنطقة (ب)، وربما لاحقاً تضم قسماً من (أ) إلى (ب).
الشهية تأتي مع الأكل!
حسن البطل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان  «طبعة خاصة» من «الربيع العربي» لبنان  «طبعة خاصة» من «الربيع العربي»



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

زوجة واحدة لا تكفي!

GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:18 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف
المغرب اليوم - بنسعيد يبحث ملف الزليج المغربي بجنيف

GMT 10:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
المغرب اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن

GMT 18:14 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

مخرج فيلم"ماد ماكس" يحطم قلب تشارليز ثيرون

GMT 04:24 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

مقطع ويسلان بمكناس .. منعرج الموت يتربص بأرواح السائقين

GMT 08:29 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

عطر كارفن المصنوع من زهر البرتقال لطيف للرجال

GMT 18:55 2023 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

أجدد صيحات الأحذية من أسبوع الموضة في ميلانو

GMT 22:19 2023 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

مقاييس الأمطارالمسجلة خلال 24 ساعة في المغرب

GMT 18:01 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر

GMT 03:55 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ليكسوس العرائش يفوز خارج ميدانه على الفتح الرياضي بـ (88-65)

GMT 09:06 2021 الأربعاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي الرجاء الرياضي يمنح المدرب لسعد الشابي هدية بعد إقالته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib