إيران بيع المجوهرات العائلية لشراء الولاء

إيران: بيع المجوهرات العائلية لشراء الولاء

المغرب اليوم -

إيران بيع المجوهرات العائلية لشراء الولاء

أمير طاهري
بقلم : أمير طاهري

ماذا يفعل المستبد عندما تهتزُّ قاعدة دعمه جراء الاحتجاجات الشعبية؟
الجواب التقليدي هو: يحاول طمأنة المؤيدين بزيادة امتيازاتهم، وبالتالي منحهم ميزة أكبر في الإبقاء على الوضع الراهن.
هذا ما يحاول «المرشد الأعلى» للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، القيام به؛ بإصدار مرسوم لأكبر مخطط للخصخصة في تاريخ إيران.
جرى الكشف عن المخطط الأسبوع الماضي، وهو السابع من نوعه، منذ صدور المرسوم الأول قبل 23 عاماً.
يقدم المخطط الجديد أربعة مستجدات:
أولاً: على عكس المخططات السابقة، لا يضع حداً للأصول الملموسة التي يمكن بيعها.
ثانياً: يتنازل عن الرقابة حالة بحالة (كلّ على حدة)، من خلال مجلس الوزراء والمجلس الإسلامي (البرلمان المصطنع).
ثالثاً: لا يضع أي جدول زمني للمخطط، مما يمنح جوقة من سبعة رجال الحق في بيع أصول الدولة، ما دامت يرونها مناسبة.
وأخيراً: يعين لجنة مكونة من سبعة أشخاص للإشراف على التنفيذ، مع منحهم حصانة نهائية من أي محاكمة تتعلق بالمخطط.
هذه النقطة الأخيرة مهمة، لأنها تمنح عدداً قليلاً من الأفراد، وجميعهم مرتبطون بـ«الحرس الثوري» الإيراني، سلطة نقل الأصول العامة غير المحددة إلى مَن يرغبون.
جاء توزيع الامتيازات وسيلةً لشراء الدعم السياسي، أو الحفاظ عليه، سمةً من سمات الجمهورية الإسلامية منذ إنشائها في عام 1979.
في عام 1980، بعد أشهر من الاستيلاء على السلطة، وافق آية الله روح الله الخميني على مخطط مصادرة ضخم للاستيلاء على الممتلكات الخارجة عن نطاق الهياكل الرسمية للدولة.
وبموجب المخطط، استولى الآلاف من الملالي، أو الأفراد الذين يرتدون ملابس الملالي، والذين أطلقوا لحاهم خصيصاً لهذه المناسبة، على ممتلكات خاصة باسم «الجمعيات الخيرية الإسلامية» التي تم إنشاؤها على الفور.
في عام 1985، ذكرت وزارة الداخلية الإسلامية أنه تم الاستيلاء على أكثر من 75000 شركة ومنزل خاصين، غالباً من أصحابها الذين فروا خارج البلاد.
وقد وُصفت الممتلكات المصادرة بأنها «غنيمة» أو «غنيمة حرب» وفقاً للشريعة الإسلامية، وأصدر الخميني مرسوماً يزعم فيه أن الصلاة داخل الممتلكات المصادَرة مقبولة شرعاً.
بعد ذلك نفذت حكومتا الرئيس أبو الحسن بني الصدر، ورئيس الوزراء مير حسين موسوي، خطة تأميم ضخمة رفعت حصة القطاع العام في الاقتصاد؛ من 55 في المائة في عهد الشاه، إلى 70 في المائة.
استخدم النظام الجديد المخطط لمكافأة المؤيدين، وذلك بإيجاد فرص عمل للأولاد، ونقل الثروة من نخب الأعمال قبل الثورة إلى النخب الثورية الصاعدة الجديدة.
على سبيل المثال، أصبح آية الله هادي غفاري، المؤسس الأول لـ«حزب الله»، فجأة، الرئيس التنفيذي لأكبر منتج للجوارب في إيران.
ورغم ذلك، في أوائل عام 1990، كان الملالي يخشون أن تتشكل برجوازية ما بعد الثورة لتتحدى النظام.
ولتجنب هذا الخطر، خرج الرئيس علي أكبر هاشمي رفسنجاني بفكرة وجود قطاع خاص - عام للاقتصاد يسيطر عليه الملالي السياسيون وحلفاؤهم العسكريون والأمنيون، بمنأى عن قوانين القطاعين العام والخاص.
أصبح المخطط الجديد العمود الفقري للاقتصاد الريعي، حيث يتم ضمان الوصول ليس فقط إلى فرص صنع الثروة، ولكن أيضاً إلى الخدمات العامة العادية، من خلال قناة واحدة: الولاء للنظام و«المرشد الأعلى».
يتألف هذا القطاع الهجين من أكثر من 400 مؤسسة وجمعية خيرية من مختلف الأحجام، ومجموعات مخصصة، مثل «لجنة مساعدة الإمام»، و«لجنة تنفيذ أوامر الإمام»، والصناديق والممتلكات المتعلقة بالأضرحة، والبنوك الإسلامية، المفترض أنها من دون فوائد، وشركات التأمين، والعديد من التعاونيات الحقيقية أو الخيالية، وأكثر من 30 شركة خدمات واستشارات تم إنشاؤها حديثاً يتعلق غالبيتها بصناعة النفط.
توسع القطاع الهجين أيضاً في صناعة النقل، من خلال امتلاك أربع شركات طيران وستة خطوط شحن والعديد من شركات تصنيع السيارات، وأكبر مقاول بناء عام في البلاد، والعديد من المجموعات القابضة والاستثمارية.
أدَّت أربع سلاسل «سوبر ماركت» مرتبطة بـ«الحرس الثوري» والجيش النظامي، وسلسلة من الفنادق والمنتجعات السياحية، وأخيراً وليس آخراً، الاستيلاء على صناعة الاتصالات، بما في ذلك الهواتف المحمولة والبريد، إلى زيادة حصة هذا القطاع بشكل كبير.
داخل القطاع، سيطر «الحرس الثوري الإيراني» على 25 ميناء يمكنه من خلالها استيراد وتصدير البضائع، من دون المرور عبر القنوات الجمركية العادية.
وبحلول عام 2000، عندما بدأ تنفيذ أول خطة رسمية للخصخصة، كان القطاع المختلط يمثل 20 في المائة من الاقتصاد الوطني.
وفقاً للبروفسور حسن منصور، الخبير الاقتصادي الإيراني المرموق، في عام 2022، شكل القطاع العام 61 في المائة من الاقتصاد مع 39 في المائة من الاقتصاد الهجين والقطاع الخاص التقليدي المتقلص.
يمكن سرد قصة ظهور الاقتصاد الريعي، من خلال فضائح الفساد المتتالية، التي تورط فيها غالباً جنرالات «الحرس الثوري الإيراني».
يشير ستيفان دودوينيون، الخبير الفرنسي المتخصص في شؤون «الحرس الثوري الإيراني»، إلى أنه في فترة ولاية رفسنجاني الثانية رئيساً، أصبح الفساد منهجياً، مما يعني أنه لم يعد استثناء من القاعدة بل القاعدة ذاتها، وهو ما بات أسلوب حياة.
في بعض الأحيان، أجبرت الفضائح النظام على اعتقال بعض كبار ضباط «الحرس الثوري الإيراني»، مثل مسعود مهردادي، الذي كان يُعرَف سابقاً باسم «الدماغ الاقتصادي للحرس الثوري»، وتنظيم محاكمات صورية. تورط العديد من الشخصيات البارزة الأخرى في «الحرس الثوري الإيراني»، مثل العميد جنرال، وأحمد وحيدي، أول قائد لـ«فيلق القدس»، ومحمد باقر قاليباف، وحسين تالا، ومحمد إسماعيل كوثري، ورستم قاسمي، وهوشانغ الله داد، كبير أمناء صندوق «فيلق القدس»، وجمال الدين أبيروماند، في قضايا فساد مزعومة منذ عام 1989.
كما ورد اسم الراحل الجنرال قاسم سليماني مساهماً رئيسياً في أكثر من 20 شركة في إيران، والعراق، وسوريا، ولبنان، بينما كان يسيطر على الميزانية السرية لـ«فيلق القدس»، الذي أعفاه من التفتيش والمراجعة القانونية من قبل مجلس الوزراء أو المجلس الإسلامي. لذلك فإن نقل الأصول العامة إلى المؤيدين المختارين أمر روتيني.
عادة ما يحصل المؤيد، وهو عادة ضابط كبير في «الحرس الثوري الإيراني» أو أحد كبار الملالي، على قرض بفائدة منخفضة من بنك مملوك للدولة، لشراء أصل مملوك للدولة بسعر أدنى، وهو ليس سوى إجراء شكلي. وبمجرد الحصول على الأصل، يشكل المالك الجديد شركة، ويبيع أجزاء منها لآخرين، مما يحقق له ربحاً كبيراً.
عادة ما يتم إخفاء جزء من الأرباح على الفور في حسابات مصرفية في دول أخرى.
كما يساعد هذا المخطط النظام في إعادة تدوير هذا العدد الضخم من العمداء واللواءات الذين ينتجهم «الحرس الثوري» والجيش النظامي كل عام، ليصبحوا رجال أعمال.
تضيف حملة التطهير الحالية لفيلق الضباط بعض الزخم لمخطط الخصخصة الأخير.
غير أن ثمة مشكلة واحدة تبقى هنا: هل يثق العمداء المتقاعدون أو المعزولون من الخدمة بدرجة كافية بمستقبل النظام قبل الشروع في مخطط إعادة التدوير؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران بيع المجوهرات العائلية لشراء الولاء إيران بيع المجوهرات العائلية لشراء الولاء



GMT 19:29 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

ما يملكه الضعفاء

GMT 19:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

في الحنين إلى صدّام

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

حرب أوكرانيا... واحتمال انتصار الصين!

GMT 19:11 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

إيران أكبر عدو لنفسها

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 08:24 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
المغرب اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 00:24 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

دينا فؤاد تُعلن شرطها للعودة إلى السينما
المغرب اليوم - دينا فؤاد تُعلن شرطها للعودة إلى السينما

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 10:44 2022 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع طفيف لأسعار النفط قبل بيانات أمريكية

GMT 10:23 2022 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب يستورد مليون طن من القمح الفرنسي

GMT 14:29 2021 الأربعاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

عزيز أخنوش يشيد بأدوار البرلمانيات في حزب "الأحرار"

GMT 03:55 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأرصاد المصرية تحذر من سقوط أمطار غزيرة خلال الفترة القادمة

GMT 17:35 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

شركة نيسان تكشف عن "ماكسيما 2019" بتحديثات جديدة

GMT 06:55 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

تعرف على بطلة "التسجيل السري" الجديدة لترامب

GMT 14:52 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

الملك محمد السادس ينعى وفاة الدولي السابق حميد العزاز

GMT 19:00 2015 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار ومواصفات مازدا CX5 2016 في المغرب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib