الذكاء الطبيعي والذكاء الاصطناعي

الذكاء الطبيعي والذكاء الاصطناعي

المغرب اليوم -

الذكاء الطبيعي والذكاء الاصطناعي

بقلم - آمال موسى

 

يُعدّ الرهان على الذكاء الاصطناعي اليوم من مفاتيح المستقبل لما يقدمه من حلول مهمة وفعالة للكثير من المشكلات، وأيضاً بوصفه فتحاً مهماً يحسب في المنجز العلمي لهذا القرن.

فالأولوية التي أصبح يحظى بها العالم الرقمي والمؤسسات الناشئة والذكاء الاصطناعي بشكل عام يمكن القول إنها سمة شبه عامة اليوم في الجامعات وفي عالم الأعمال.

غير أن الملاحظ هو أن التركيز على الذكاء الاصطناعي في الخطاب العام يحتاج إلى نظرة أكثر شمولية ومراعاة لمختلف الحلقات المؤدية إلى نعيم الذكاء الاصطناعي. ويجب ألّا يكون تناول الذكاء الاصطناعي في برامجنا وكأنه موضة من موضات العصر، بل إنه من المجدي أن نقاربه كهدف وكمستقبل ومعالجة العراقيل التي تحول دون الإبداع وتحقيق انتصارات في مجال الذكاء الاصطناعي.

وكي نفهم هذه الدعوة إلى التنسيب واعتماد تمشٍ شامل؛ من المهم التذكير بنقطة مفصلية، وهي أن الذكاء الاصطناعي هو ثمرة الذكاء الطبيعي الإنساني الذي تُوفر له الرعاية والاهتمام من أجل اكتساب الكفايات اللازمة وتطوير المهارات من الطفولة المبكرة والتمتع بما ينص عليه الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة: ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع.

فهل أن واقع العالم اليوم بصدد تحقيق خطوات مهمة في اتجاه تحقيق هذا الهدف؟ وإلى أي مدى يمكن القول إن الحق في التعليم في حد ذاته بلفت النظر عن جودته إنما هو اليوم حق يتمتع به الجميع؟ وهل أن نسبة المتمتعين بهذا الحق البسيط والعادي، يسمح بالحديث عن الذكاء الاصطناعي بثقة أم أن الأمر سيكون كما عوّدنا التاريخ الدول القوية وحدها من تستفيد وحتى الكفاءات التي تكوّنها بلدان العالم الثالث والسائرة في النمو مصيرها الآلي هو الهجرة ونعيد الحلقة المفرغة نفسها التي ما فتئنا ندور فيها من تاريخ الثورة الصناعية؟

من باب الاستناد إلى الأرقام واعتمادها إجابات دامغة، نشير إلى أنه حسب رصد الأمم المتحدة، فإن نحو 260 مليون طفل كانوا لا يزالون خارج المدرسة في عام 2018 - وهم يشكّلون ما يقارب خُمس سكان العالم في هذه الفئة العمرية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أكثر من نصف الأطفال والمراهقين حول العالم لا يتوافر لهم الحد الأدنى من معايير الكفاءة في القراءة والرياضيات. وفي شهر فبراير (شباط) الماضي أفاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن 78 مليون فتاة وفتى حول العالم لا يذهبون إلى المدرسة إطلاقاً بسبب النزاعات والكوارث المناخية والنزوح، وعشرات الملايين يتلقون تعليماً متقطعاً.

إن هذه البيانات وغيرها كثير تدل على أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي طريق محفوفة بالتعثرات وما زال أمامها الكثير من العمل حتى تصبح هذه الطريق سيّارة وتأخذنا إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتجديد.

طبعاً مفهوم جداً الوضع المعقد الذي تعيشه الإنسانية اليوم: فمن جهة يمثل التجديد والذكاء الاصطناعي وتوظيف الطاقات النظيفة البديلة... حلولاً لأزمة المياه في العالم ولتداعيات تغير المناخ الخطيرة، أي أنها تمثل حلولاً لمعالجة مشكلات بدأت تزداد حدتها وتهدد الإنسان وحياته، ولكن في الوقت نفسه فإن الوصول إلى هذه الحلول والمشاركة في إنتاجها كي نستفيد منها يشترط بيئة منتجة للذكاء الاصطناعي ولثقافة التجديد والابتكار. بمعنى آخر، نحتاج إلى التعليم الجيد والمنصف والشامل وإلى الرهان على الرأسمال البشري، وهذا بدوره يحتاج إلى الموارد المالية: فالذكاء الطبيعي يجب أن يحظى بكل إمكانات إظهاره وصقله وتشكيله وتنميته ومن المهم أن يكون ذلك للجميع ويتعزز الذكاء كماً ثم نوعياً فتظهر العقول المبدعة.

من ناحية أخرى: الذكاء الاصطناعي مرتبط بالرياضيات، وهذه المادة لا بد من أن تعرف ثورة حقيقية في مجتمعاتنا العربية في طريقة تدريسها وفي آليات إيقاع التلاميذ في الشغف بها.

ربما من الجيد ونحن نقارب مسألة الذكاء الاصطناعي أن تنتظم ندوات دورية في بلداننا حول الرياضيات وواقع تدريسها وسبل تطويرها بيداغوجيا ويمكن أن تؤدي منظمة «الآلكسو» المهتمة بقطاع التربية دوراً تنسيقياً تأطيرياً مهماً. فالرياضيات هي المفتاح وهي الطريق ونعتقد أن وضع موضوع تدريس الرياضيات فوق طاولة التفكير والنقاش اليوم من أوكد الأمور وهكذا نكون في قلب خلق بيئة مواتية لذيوع صيت الذكاء الاصطناعي. يكفي أن نفعل كل ما يحتاج إليه الذكاء الطبيعي للظهور والنمو والتألق حتى نمتلك القدرة والمفتاح للمشاركة الفعلية في التكنولوجيات الجديدة وفي الرقمنة وفي مواجهة تغيرات المناخ وفي خلق الفرص للعمل وللتغلب على مشكلات الطاقة والبيئة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذكاء الطبيعي والذكاء الاصطناعي الذكاء الطبيعي والذكاء الاصطناعي



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 01:42 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

السيسي يؤكد رفض أي مساعٍ لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه
المغرب اليوم - السيسي يؤكد رفض أي مساعٍ لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه

GMT 10:42 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

نيللي كريم تفرض حضورها السينمائى في المهرجانات بـ 3 أفلام
المغرب اليوم - نيللي كريم تفرض حضورها السينمائى في المهرجانات بـ 3 أفلام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 17:23 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 08:07 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 07:26 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

تطوير برنامج جديد للتسوق العشوائي عبر شبكة الانترنت

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

سولاري يُؤكّد مُقاتلة الريال على لقب الدوري الإسباني

GMT 21:34 2021 الأحد ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أرباب محطات الوقود يشتكون الزيادة في أسعار المحروقات

GMT 03:12 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الكشف عن موعد إفتتاح قناة "إم بي سي المغرب"

GMT 17:16 2019 السبت ,16 شباط / فبراير

غوارديولا يعتذر للجزائري رياض محرز

GMT 06:05 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

نصائح تساعد في التخلص من حرج الحميات الغذائية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib