المأساة التأسيسيّة المدوّية التي يلفّها التجاهل
قتيلتان فلسطينيتان برصاص الجيش الإسرائيلي وقصف مدفعي وجوي على غزة هزة أرضية بقوة 3.9 درجات تضرب مدينة اللاذقية على الساحل السوري دون تسجيل أضرار محكمة الاستئناف في تونس تؤيد سجن النائبة عبير موسي رئيسة الحزب الحر الدستوري عامين وفاة تاتيانا شلوسبرغ حفيدة الرئيس الأميركي جون إف كينيدي عن عمر 35 عامًا بعد معاناة مع سرطان الدم إرتفاع عدد الشهداء الصحفيين الفلسطينيين إلى 275 منذ بدء العدوان على قطاع غزة إسبانيا تمنح شركة إيرباص إستثناءً لاستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية رغم حظر السلاح بسبب حرب غزة الجيش الصومالي يقضي على أوكار حركة الشباب في شبيلي السفلى ويستعيد مواقع إستراتيجية إحتجاجات حاشدة في الصومال رفضاً لاعتراف إسرائيل بصومالي لاند وتصعيد دبلوماسي في مجلس الأمن البرلمان الإيطالي يقر موازنة 2026 ويمنح الضوء الأخضر النهائي لخطة خفض العجز هزة أرضية بلغت قوتها 4.2 درجة على مقياس ريختر تقع عرض البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل السورية
أخر الأخبار

المأساة التأسيسيّة المدوّية التي يلفّها التجاهل

المغرب اليوم -

المأساة التأسيسيّة المدوّية التي يلفّها التجاهل

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

تعاقبت المآسي الكبرى على بلدان المشرق العربيّ بلداً بعد آخر، إلاّ أنّ مأساة تأسيسيّة واحدة لفّها تجاهل مقصود، وهذا علماً بأنّ الكثير من تلك المآسي ارتبطت بها أو نجمت عنها.

ذاك أنّ الموقع الوازن للقوميّين والاشتراكيّين في الثقافة السياسيّة العربيّة هو ما رفع التجاهل إلى مصاف «تقدّميّ» و«ثوريّ» يخدم مناهضة الاستعمار وتحميله وحده سائر أوجه الإخفاق والقصور. فإذا صحّ أنّ الاستعمار لا يزال عنصراً يُحسب حسابه في الحالة الفلسطينيّة، فإنّ سحب هذا «التحليل» على حالات أخرى، عربيّة وغير عربيّة، يجمع بين التجهيل المجّانيّ والتجاهل سيّء النيّة والقصد.

والحال أنّ المأساة التأسيسيّة المذكورة هي تحديداً الانقلاب العسكريّ الذي مارس نوعاً من تجويف الوطنيّات المشرقيّة وتجريفها. بل ربّما جاز القول إنّه مع نهاية حكم الأعيان (1952 في مصر، 1958 في العراق، ومحطّات متقطّعة في سوريّا)، بدأت الوطنيّات المشرقيّة تعيش محنتها في صور عدّة. فبتأثير خلطة فاشيّة – شيوعيّة سوفياتيّة، راحت الشعوب تُقسَّم، وفق إيديولوجيّات غدت رسميّة، إلى وطنيّين وخونة. وهذه كانت وصفة مبكرة ليس فقط لإنهاض الزعامات الشعبويّة، بل أيضاً لشقّ المجتمع وتأهيله للحروب الأهليّة. واليوم، لا تكتمل قراءة المشهد، في تناسُله الميليشياويّ وفي قتل حكّامه لشعوبهم، من دون العودة إلى ذاك الجَدّ الأعلى مُمثّلاً بنظريّة «أصدقاء الشعب» و«أعدائه». لكنْ بفعل اصطباغ الانقلاب العسكريّ ونظامه بالقوميّة العربيّة، خصوصاً بعد 1956، بات الصراع حول هذه الهويّة المستجدّة عنصر تمزيق آخر للوطنيّات. ففي مصر كتمت فئات وطنيّة عريضة رفضَها سَوق بلدها إلى العروبة، بينما في العراق عبّر صراع عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف، وبوضوح بالغ، عن هذا التنازع المعزّز بمقدّمات طائفيّة، ليتّخذ الأمر في سوريّا طابعاً جغرافيّاً سياسيّاً يصبّ في الاستقطاب المصريّ – العراقيّ الذي رفده استقطاب داخليّ دمشقيّ – حلبيّ. أمّا لبنان الذي استقرّ نسبيّاً في موازاة حكم الأعيان في الجوار العربيّ، فانعكس عليه حكم الضبّاط، المصحوب بوجود الثورة الفلسطينيّة فوق أرضه، تفجيراً لتناقضاته الطائفيّة التي غدا ضبطها أشبه بالاستحالة. وكان الأسوأ ما فعله التحالف (المشوب بالتنافس) القوميّ – اليساريّ حين أحلّ مفهوماً للوطنيّة يجعلها صنواً لـ«محاربة الإمبرياليّة»، وهذا بدل أن تنهض الوطنيّة على تصوّر صلةٍ ما بالوطن ومصالحه الملموسة.

وبدوره اتّخذ تجويف الوطنيّة وتجريفها أشكالاً أخرى. فبعد أن بوشر، مع الاستقلالات، ببناء مؤسّسات متواضعة وتقاليد سياسيّة، أو استخدام ما هو موروث منها، ولو بطريقة مثقوبة ومتفاوتة، عن الحقبة الكولونياليّة، تولّى الانقلاب العسكريّ ونظامه تدمير هذا كلّه بذريعة قصورٍ هنا وفساد أو ظلم هناك. والحقّ أنّه إذا كان الفكر المحافظ يبالغ في تعويله على التقاليد ودورها، فإنّ إلغاء التقاليد يبقى بالغ الخطورة، لا سيّما في بلدان كبلداننا، ذات نسيج اجتماعيّ ضعيف يعوزه التمتين واللُحمة.

ولمّا كان التحالف مع السوفيات جزءاً عضويّاً في مُركّب النظام الأمنيّ العسكريّ، تعاظم التعويل على المخابرات والحكم بالاعتباط، وانفتح الباب واسعاً للتأثّر بأفكار تُحلّ التجريد النظريّ محلّ مخاطبة الهموم الفعليّة للسكّان، فيما منعت الأنظمة «الوطنيّة والتقدّميّة» كلّ معرفة تجريبيّة جدّيّة بالمجتمعات التي تحكمها. وفي هذه الغضون عُطّلت الأحزاب والنقابات والصحافة والحياة الثقافيّة والمجتمع المدنيّ أو صودرت وأُمّمت، بينما أُسيء إلى صلة السكّان بالحداثة والمعاصرة عبر طرح تلك الأنظمة تحديثاً يُفرض من أعلى، وإشاعة تنوير مفصول عن حقوق الناس ومصالحهم، ناهيك عن الترويج لتحرّر هو نقيض الحرّيّة، عمليّاً إن لم يكن نظريّاً.

كذلك وفّر الصراع مع إسرائيل وشعار تحرير فلسطين المهرَب الأمثل من مواجهة الواقع، تعزيزاً لعسكرة النظام وطغيانه. وباستثناء عبد الناصر في سنتيه الأخيرتين، قامت سياسة النظام الأمنيّ على تعقيد التوصّل إلى أيّة تسوية للصراع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ، وتحويله إلى مشكلة لا حلّ لها. وإذا كان هناك ما لا يُحصى من براهين ترقى إلى الستينات، فإنّ أبلغَها حصل في الثمانينات، مع إسقاط النظام السوريّ بالقوّة والاغتيال المشروع الأردنيّ – الفلسطينيّ للسلام، بعد إسقاطه اتّفاق 17 مايو (أيار) اللبنانيّ – الإسرائيليّ. أمّا باليد اليسرى، فأنعش النظام الأمنيّ للمشرق ترجمة الأدبيّات اللاساميّة الأوروبيّة ونشرها، قبل أن ترثها عنه إيران الخمينيّة وأذرعها في لبنان والعراق واليمن.

ومن دون أن يكون النظام المذكور توتاليتاريّاً، بالمعنى الدقيق للكلمة، فإنّه لم يختلف عن «البصلة» التي استخدمتها هنه أرنت استعارةً شبّهت بها شكل السلطة النازيّة وتنظيمها. فهنا يحلّ الزعيم في القلب فيمارس قمعه وعُظامه من الداخل، لا من فوق. وهذا إنّما يمنحه تنزيهاً عن رفاقه في الدوائر المحيطة به، ومناعةً ضدّ صدمات الخارج وتحدّياته، فضلاً عن القدرة على التلاعب بالآخرين تقريباً وتبعيداً.

لكنّ هذه التجربة، ما إن يصيبها العفن، أكان السبب داخليّاً أو خارجيّاً، حتّى تنحطّ إلى شكلين تؤسّسهما التجربة الانقلابيّة ذاتها: الميليشيات، وقتل الحاكم أبناءَ شعبه وتدمير بلده كما يفعل احتلال أجنبيّ جائر. هكذا، وبعد إيهان الوطنيّة، يُضحّى بالأوطان نفسها. وسوريّا اليوم الحقلُ الأبرز لاشتغال هذه النظريّة المجرمة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المأساة التأسيسيّة المدوّية التي يلفّها التجاهل المأساة التأسيسيّة المدوّية التي يلفّها التجاهل



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات يتألقن بلمسة الفرو في الشتاء

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:07 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

رحلة سياحية لاكتشاف فرنسا بعيون جديدة في عام 2026
المغرب اليوم - رحلة سياحية لاكتشاف فرنسا بعيون جديدة في عام 2026

GMT 08:10 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

نباتات تضيف لمسة طبيعية إلى ديكور منزلكِ في 2026
المغرب اليوم - نباتات تضيف لمسة طبيعية إلى ديكور منزلكِ في 2026

GMT 23:07 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو
المغرب اليوم - زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو

GMT 13:13 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

الثوم يعزز المناعة ويخفف أعراض الزكام
المغرب اليوم - الثوم يعزز المناعة ويخفف أعراض الزكام

GMT 14:12 2025 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

تظاهرات الطلاب في إيران تمتد إلى 10 جامعات على الأقل
المغرب اليوم - تظاهرات الطلاب في إيران تمتد إلى 10 جامعات على الأقل

GMT 13:59 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

انستغرام يطلق تطبيق Reels مخصص للتليفزيون لأول مرة

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 15:51 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

التعليم عن بعد في مؤسسة في سطات بسبب انتشار "كورونا"

GMT 00:41 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

Ralph&Russo Coutureِ Fall/Winter 2016-2017

GMT 01:36 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

نورتون يعرض منزله المميّز المكوّن من 6 غرف نوم للبيع

GMT 15:06 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تألق كيني ومغربي في نصف ماراثون العيون

GMT 00:29 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 08 أغسطس/آب 2025

GMT 18:23 2022 الإثنين ,24 كانون الثاني / يناير

شقيق محمد الريفي يفجرها"هذا الشخص وراء تدهور صحة أخي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib