أبو نائل حاضراً

أبو نائل حاضراً

المغرب اليوم -

أبو نائل حاضراً

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

عاش خالد القشطيني عمره المديد يُعاكس القاعدة القديمة القائلة إن الدعابة قليلة في بلاد الرافدين، والدموع المسكوبة تملؤها. اختار الأدب الساخر في زمن شديد العبوس ورفض التخلي يوماً عن هذه الصناعة الصعبة. فالأدب الساخر قليل الينابيع في كل الحضارات والثقافات، والاستمرار فيه مشقة لا يعرفها إلا من يقابلها. غير أن تلك كانت موهبته وقد أصرّ عليها وثابت وغامر. وفي النهاية أصبح من كبار صُنّاع اللماحة في الصحافة العربية.

وكان هذا الموقع في السابق حكراً على المصريين بسبب قواعد حياتهم السياسية وكثرة الاختلاط مع الخارج، خصوصاً في الزمن الاشتراكي عندما استعاد الشاكون من نكات وشكاوى بعضهم بعضاً. ولم يتسنَّ للعراقيين أن يكتبوا بأنفسهم الشهرة في هذا المجال، وربما لم يحاولوا جدياً أيضاً بسبب ما شاب حياتهم من مآسٍ ونزاعات. غير أن القشطيني لم يلتفت إلى كل ذلك وأراد أن يُدعى في الصحافة على أنه برنارد شو العرب، وقد ساعده في ذلك عشقه للأدب الإنجليزي، وخصوصاً الساخر منه. كما ساعده أن لندن بدأت منفى عابراً ثم تحولت موطناً دائماً.

من «الشرق الأوسط» أطلّ القشطيني على جميع العرب، لكنه أيضاً كان يخاطب باستمرار ذكريات أهل العراق، وأخبارهم، ونوادرهم وألوان حياتهم اليومية. ولكن من دون أن يجعل الكتابة «محلية» فقط. وكان يستخدم في مخاطبة قرائه تحيتين: الأولى أبا نائل، والأخرى اسمه الأول؛ تماشياً مع نوعية السالفة التي يرويها. ولم يدخل القشطيني في نزاعات وخلافات السلطة العراقية مع العرب الآخرين، بل ظل يكابد حتى يبعد عنها. ولم يكن ذلك بالأمر السهل. ففي مرحلة من المراحل كانت جميع الصحف العراقية، في الخارج والداخل، تحت مراقبة «الغضب الساطع». وقد بدا من كتاباته على الدوام أنه من عشاق الحرية، وأنه يريدها أيضاً للعراق ولجميع العرب. ورأى من التراث العربي منجماً يغرف منه في مهمته اليومية بالترفيه عن آلاف القراء الذين اعتمدوه نديماً ضاحكاً رغم الوجوم العربي السائد.

وفّرت «الشرق الأوسط» للكتاب العرب. في كل مكان جريدة واحدة يطلعون منها. فلم يعد المصري مصرياً، ولا السوري سورياً فقط، بل أصبح لكل كاتب مداه العربي أيضاً. وأصبحت له شهرته ومكانته التي لم تكن الصحف المحلية قادرة على توريدها. وكان خالد القشطيني من ألمع الكتّاب الذين دخلوا في هذه الفئة. أصبح في المغرب أو في بيروت أو في الأردن. وإذا كان قد بقي لكلٍ موطنه فإن عاصمة الجميع أصبحت لندن. أفادوا من مناخها وتراثها العظيم وأفادت من الصورة الجديدة التي ساهمت في تقديمها للعرب. من الصعب على القراء أن يعتادوا غياب أبو نائل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبو نائل حاضراً أبو نائل حاضراً



GMT 10:54 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

«مسار إجبارى».. داش وعصام قادمان!!

GMT 10:52 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الفوازير و«أستيكة» التوك توك

GMT 10:49 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الأخلاقى والفنى أمامنا

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

ذكرى عودة طابا!

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 02:30 2022 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لاختيار تصميم مثالي ومميز للأريكة في غرف المعيشة

GMT 22:25 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

دليلك ليستقبل طفلك الدراسة بحب ومن دون مشاكل

GMT 11:24 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

أريكة متعدّدة الإستخدامات

GMT 09:17 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

النهج الديمقراطي يوضح موقفه من النموذج التنموي

GMT 05:36 2019 الجمعة ,15 آذار/ مارس

افتتاح مطعم " Clinton St. Baking" العالمي في دبي

GMT 18:48 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

ميسور يتعاقد مع المدرب المغربي عبد القادر يومير

GMT 01:42 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عائشة البصري تكشف معاناة النساء من خلال "الحياة من دوني"

GMT 20:37 2018 الأحد ,30 أيلول / سبتمبر

إصابة شرطي إثر إطلاق نار كثيف في الدار البيضاء

GMT 03:55 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

Altinbas تقدم أرقى التشكيلات للساعات والمجوهرات وخواتم الزفاف

GMT 20:59 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي للملاكمة يكشف عن موعد جمعيته العمومية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib