الذل في العروق
أخر الأخبار

الذل في العروق

المغرب اليوم -

الذل في العروق

سمير عطاالله
سمير عطاالله

يتمتع اللبنانيون عن سائر العرب بميزات خاصة، شبه دائمة. إنهم الشعب الوحيد الذي يفيق كل يوم على ذل من الجو، إضافة إلى مجموعة المذلات والمهانات الأرضية. كل يوم نفيق على أزيز طائرات الفانتوم الإسرائيلية تخبط أجواءنا، بالطول وبالعرض، وعلى «علو منخفض» أو علو غير ذي خفض. ويستمر الذل الجوي ساعات يصدر بعدها بيان رسمي عن «اختراق طائرات العدو الإسرائيلي» لأجوائنا الكريمة.
تزداد هذه «الخروقات» حدةً وانخفاضاً، إذاأطلق قائد السلاح الجوي الإيراني تهديداً من جزيرة أبو موسى بإبادة حيفا وتل أبيب من حدود إيران في لبنان أو غزة. وكرجل عسكري، هو وحده يعرف لماذا حيفا وتل أبيب بالتحديد، وليس يافا والجليل أيضاً.

في أزمة الدواء التي تضرب لبنان، إلى جانب الكوارث والمحن والنوازل الأخرى، النقص الأكبر هو في المسكنات التي يعيش عليها الناس منذ سنين. الشعب الأكثر قلقاً وخوفاً في العالم، دون أدنى شك. رسم الزميل زياد عيتاني في «أساس» صورة بالأشعة لهذا المواطن الكئيب والمنكوب، براً وبحراً وجواً، وماضياً وحاضراً وأي مستقبل في ظل هذا التحلل.
يقول عيتاني: «نحن اللبنانيون نخاف كل شيء بفضل حكامنا وأحزابنا وتياراتنا وكل المنظومة السياسية. نخاف من زمور سيارة تمر أمام منزلنا. من شباك يقفله الهواء فجأة. من جارتنا وهي تصرخ كالعادة على ابنها كي ينام. من صحن أو فنجان سقط من يدنا فجأة».

خلال فترة العطلة في لندن، جاء ابني وابنتي لزيارتنا في بيروت. أغلى وأطيب وأعز حضور في الحياة. لن تصدق هذا الشعور. لكن عندما قالا إنهما قادمان كدت أقول لهما ألا يفعلان. وبعدما جاءا، صرت أعد في نفسي الأيام الباقية لسفرهما. أعدها خائفاً مرتعداً من أن تنفجر الحرب الأهلية، أو المدنية، أو الحرب الكبرى أو المنطقة. ولست أريد لهما أن يكررا على مدى العمر، ما عشته على مدى العمر، في بلد حروبه ليست له، وسلامه لغيره، سماؤه مهانة، وأرضه سائبة.

يعيش الإنسان في لبنان حياة تافهة وخطيرة ومفزعة. بلد معلق على حبال الكورونا، مشافيه متخمة، وأفرانه فارغة، وعملته بائدة، ومصارفه مغلقة، وسياسيوه فاجرون، إن حكوا، وإن صمتوا، وإن حضروا، وإن غلبوا.

لا يكفي القول إن لبنان لم يعرف في تاريخه سوءاً في هذا السوء، وانهياراً في مثل هذا التداعي، وخوفاً في مثل هذا الخوف. وآباء يتمنون ألا يأتي أبناؤهم لزيارتهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذل في العروق الذل في العروق



GMT 19:25 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

السلاح الذي دمّر غزّة… ويهدد لبنان!

GMT 19:17 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

«الكونكلاف» والبابوية... نظرة تاريخية

GMT 15:22 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا الجديدة ومسارات التكيّف والتطويع

GMT 15:16 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا و«حِفظ الإخوان»

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 21:49 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 04:44 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

تشدين خاص لسيارات "فيراري دينو" يومي 10 و11 حزيران

GMT 03:22 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

فيليكس يدعم التشكيل الأساسي لأتلتيكو مدريد ضد برشلونة

GMT 10:47 2019 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الوداد ينهي تحضيراته استعدادا لمواجهة المريخ السوداني

GMT 17:25 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

المعكرونة بصوص الجبن الرومي والشيدر اللذيذ
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib