الثأر للهشاشة بالفظاعة

الثأر للهشاشة بالفظاعة

المغرب اليوم -

الثأر للهشاشة بالفظاعة

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

ربطت الدول الغربية الكبرى نفسها، للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، بواحدة من أسوأ المجازر البشرية. أقصد أنها فعلت ذلك مجتمعة، أما فرادى، فهناك مجازر أميركا في فيتنام، وفرنسا في الجزائر، وبريطانيا في الهند، ولم تعد ألمانيا بحاجة إلى أي مزيد بعد القتل النازي خلال الحرب نفسها.

لماذا تحركت الدول الغربية بهذه الطريقة الجماعية غير المسبوقة من حيث السرعة والشدة؟ ليس بسبب الضغط الأميركي، وليس لكيلا تبدو خارجة عليه؛ ففي حالات كثيرة تباعدت أوروبا، أو تمايزت أو تريثت، خصوصاً في سياسات مشابهة. السبب، أو الذريعة، أو كلاهما، أن المسألة طُرحت فوراً على أنها حرب وجود معادية للسامية.

من جهة، كان الخوف الذي أحدثته مشاهد الحفل الدموي، ومن جهة أخرى كان الذعر الذي أصاب الغرب وقد رأى إسرائيل نفسها عاجزة ومهزومة أمام فريق فدائي لا دولة. هذا لم يكن سقوطاً لإسرائيل وحدها، بل هذا حدث رأى الغرب فيه، هو وتقدمه التكنولوجي وأقماره الاصطناعية، حصانة هشة غير قادرة على الحماية والاستباق وميزة الضربة الأولى.

كل هذه الاعتبارات ساعدت أميركا والمستر بايدن على تعبئة الحلفاء بهذه السرعة، إضافة إلى ما ذكرنا غير مرة، أن الغرب ارتعد من فكرة الخسارة المزدوجة في غزة وأوكرانيا. مثل هذه الهزيمة لن تعني خسارة المعركة، بل خسارة الحرب. وخسارة الحرب بالنسبة لإسرائيل تعني خسارة الوجود وكل ما بنته في 7 عقود من هالة القوة الصغيرة المتفوقة على الكبار.

قد يفسر ذلك جزءاً من سابقة السرعة في لهفة أوروبا وتخليها عن سياسة «التروي» في التضامن حتى ضمن حلف «الناتو»، كما حدث في حالات كثيرة من قبل، ولكن الأرجح أيضاً أن الأوروبيين لم يكونوا يتوقعون أن تجرهم إسرائيل إلى مثل هذا الحجم من الرد الهمجي، والتنكيل بمثل هذه الطريقة بحياة ومعيشة وكرامة المدنيين.

سوف يصف رئيس الوزراء السابق إيهود باراك «حرب الغفلان» هذه «بأنها أقسى ضربة منذ مجيئنا إلى الوجود»، وهذا يفسر التهافت الأوروبي، لكنه لا يفسر وجود كبار الإدارة الأميركية في تل أبيب في وقت واحد: الرئيس ووزير الخارجية في وقت واحد. كأنما خلت واشنطن من أركان الحكم، أو كأن تل أبيب أصبحت عاصمة موازية.

وإذا كان الموقف الأميركي في النزاع مجرد ارتفاع في وتيرة مألوفة، فإن موقف أوروبا مغالاة غير متوقعة أمام مشاهد الكارثة في غزة، وكأن دور وتقاليد أوروبا في مثل هذه الحالات ترجيح الكفة الإنسانية بصرف النظر عن الأحلاف والتزاماتها.

بدا الموقف الأوروبي حتى بعد تهجير نحو 800 ألف فلسطيني، ودك سقوفهم، أقل كثيراً من موقف اليسار الإسرائيلي، والجماعات التي ترى – مثل إيهود باراك – أن نتنياهو أراد تقوية «حماس» من أجل تقويض السلطة الفلسطينية.

سوف يكون الموقف الأوروبي موضع خلافات ومحاسبات عندما تنتهي الحرب، هذا إذا انتهت، لكن مجريات الأمور تشير إلى أنها سوف تتوسع، وتمتد، وتفرق الساحات بدل توحيدها. كان مخيفاً تجمع الصدريين على حدود الأردن، طبعاً في الطريق إلى القدس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثأر للهشاشة بالفظاعة الثأر للهشاشة بالفظاعة



GMT 14:47 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

أبوظبي ـ المغرب اليوم

GMT 06:45 2021 الثلاثاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيديو كليب صورة افتراضية

GMT 21:56 2019 الإثنين ,18 شباط / فبراير

وفاة الأمير السعودي عبد الله بن فيصل

GMT 04:48 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مصمم الأزياء العالمي "زياد نكد" يواصل مسيرة إبداعه منذ 2007

GMT 09:44 2017 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

ملتقى بغداد السنوي الثاني لشركات السفر والسياحة

GMT 18:03 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 11:41 2022 الأحد ,19 حزيران / يونيو

نصائح عند اختيار طاولات غرف طعام مستديرة

GMT 18:48 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

"أرامكو" السعودية أعلى شركة ربحا في العالم

GMT 04:09 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

أبرز اتجاهات الموضة مع بداية عام 2018

GMT 03:33 2013 الأحد ,03 آذار/ مارس

صور تظهر تفوّق عصفور على صقر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib