ما بعد غزة كما ما بعد السويس

ما بعد غزة كما ما بعد السويس

المغرب اليوم -

ما بعد غزة كما ما بعد السويس

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

يعود الناس إلى التاريخ عندما يخذلهم الحاضر، ويبحثون فيه عن تلك النماذج المثالية التي تغيب الآن عن مواقعها وأدوارها.

غريبة المقارنة بين الجنرال داويت آيزنهاور عام 1956م والرئيس جو بايدن هذا العام. العسكري الذي قاد الحلفاء إلى النصر في الحرب العالمية الثانية، كان يعرف ماذا تعني الحروب، ولذلك لم يكن يريد مزيداً منها. لم يكتفِ آيزنهاور بتوجيه إنذار نهائي إلى قوى العدوان الثلاثي على مصر، بل جنّد الجمعية العامة للأمم المتحدة للخروج بقرار يوقف الحرب فوراً. كان معيباً أن يستخدم جو بايدن الفيتو مرة بعد أخرى ضد وقف النار في إبادات غزة ومجازرها ورهاب القتل والتجويع والترويع وجعل السكان يعيشون أربعة أشهر على دويّ الغارات وبيانات نتنياهو و«كابينِت» الحرب.

لم تعد حرب غزة مسألة سياسية أو عسكرية. إنها قضية أخلاقية ترسم صورة لحالة البشر وتُقسمهم ما بين أميركا آيزنهاور وأميركا بايدن. ما بين آيزنهاور وإبطال العدوان، أنتوني إيدن وغي موليه وديفيد بن غوريون، وكيف أهانهم واستنكرهم، بين بايدن ونتنياهو وكيف يقول رئيس أميركا لمفتون الدمار: لا بأس باجتياح رفح، لكن لا تنسَ الممر الآمن للمدنيين.

يقبل الرئيس بايدن على نفسه ما يرفضه مشاهير السياسيين الإسرائيليين: أن ترتبط أسماؤهم باسم نتنياهو.

وقف آيزنهاور ضد أوروبا الاستعمارية، ويؤيد بايدن أسوأ رجل استيطان في تاريخ إسرائيل. تستخدم إسرائيل أقصى أسلحة العنف وأسوأ صنوف الحرب، بينما تتعثر أميركا في أسوأ حالة انقسام منذ الحرب الأهلية: مرشحان يثيران مرحلة جدلية مقلقة، داخلياً وخارجياً. ويتنافس كلاهما على الظهور في الصور، إلى جانب العدواني اللجوج. وكلاهما يجهل أن المسألة لم تعد، لا في أميركا ولا في إسرائيل، مسألة انتخابات ظرفية تنتهي في نهايتها.

لقد رمى نتنياهو غزة بأضعاف ما رُميت به هيروشيما، وقتل وأهاب وأعاق وشرّد، أضعاف هيروشيما أيضاً. وتولى بايدن من جانبه الدفاع عن هذا البحر من الموت والدماء بجميع شحنات الأسلحة، خصوصاً ذلك الأكثر مضاضة: فيتو القرون الوسطى.

بعد السويس بدأت مرحلة جديدة تماماً من تاريخ العالم. بدأت الحقبة الاستعمارية تتساقط في كل مكان. انتهى دور فرنسا وبريطانيا حول العالم وتسارع الاستقلال في تونس والجزائر وعدن والسواحل الأخرى، ناهيك بآسيا وأفريقيا.

شيئان سوف يتغيران بعد غزة: فلسطين وإسرائيل. سوف تتعلم إسرائيل أن تسليم قيادتها لرجال مثل نتنياهو خطأ يتعلق بوجودها لا بحكومتها، وسوف تدرك فلسطين أن القضايا العادلة ليست في حاجة إلى إيران.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد غزة كما ما بعد السويس ما بعد غزة كما ما بعد السويس



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 16:43 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الركراكي يطمئن الجماهير ويؤكد جاهزية الأسود لمواجهة مالي
المغرب اليوم - الركراكي يطمئن الجماهير ويؤكد جاهزية الأسود لمواجهة مالي

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 13:03 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 26-9-2020

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:35 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

المغرب الفاسي ينتصر وديًا على وداد صفرو

GMT 08:22 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

النفط يتدفق مجددًا بخط مأرب في اليمن

GMT 14:32 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

البولندية سواتيك تبلغ نهائي بطولة فرنسا المفتوحة للتنس

GMT 12:34 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الوداد يحاصر مدرب الفريق بالأسئلة بعد صدمة الديربي

GMT 06:31 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هذه توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية الأحد

GMT 09:09 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

سيدة تعثر على عظام بشرية داخل جوارب متجر شهير في بريطانيا

GMT 08:30 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

7 لاعبين يغيبون عن أولمبيك خريبكة أمام مولودية وجدة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib