خواطر الخماسية 99

خواطر الخماسية 99 %

المغرب اليوم -

خواطر الخماسية 99

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

لا أعتقد أن رئيساً عربياً خاض حرب البقاء مثل أنور السادات. كان يعمل على إخراج مصر من منطق الثورة فيما كان الشباب المصري مأخوذاً بأحلام الثورة الفلسطينية والفيتنامية والكوبية. والحلم ينتصر دائماً على الحقائق. وأراد السادات أن يصغي الطلاب إلى مشروعه بينما كان صوت عبد الناصر لا يزال يرن في آذانهم. وقال لهم إن 99 في المائة من الأوراق في يد أميركا. فتحولت هذه أيضاً إلى نكتة في المقاهي. لكنه كان يخطط لاستعادة الأرض بأي ثمن وأي تحالف. وعندما طلب من السوفيات الخروج من مصر، لاحظ ضباطهم أن السادات يقترب من لحظات العبور، بل من تدمير خط بارليف الأسطوري.

نجح الناصريون والشيوعيون واليساريون والإسلاميون في تعبئة الناس ضد تخاذل الرجل الذي أصبح محمد أنور السادات. ولم يعد أحد يناديه «أنور» سوى جيهان السادات. وذلك تماماً مثل الملكة فيكتوريا التي عندما توفي زوجها، قالت «لقد فقدت الرجل الوحيد الذي يناديني فيكتوريا».

لا أحد يعرف مدى المرارة التي كان يشعر بها أنور السادات حيال النقد المبطّن والمعلن. وكتب «أمل دنقل» قصيدته «الكعكعة الحجرية» التي راجت مثل «دفاتر النكسة» لنزار قباني:

«فقد لوثتني العناوين في الصحف الخائنة/ لأني منذ الهزيمة لا لون لي».

أبعد من قصيدة دنقل، وقع كبار الأدباء، بينهم نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، بياناً جاء فيه «الأيام تمضي وكلمة المعركة صارت عبارة غامضة... لم يعد في إمكان الشباب أن يتقبلوا هذه الكلمة التي اهترأت من كثرة العلك». ولم يُسمح طبعاً بنشر البيان في مصر، لكن تم إرسال نسخة منه إلى جريدة «الأنوار» في بيروت.

أعطى السادات الانطباع العام، خصوصاً في إسرائيل، أنه غير قادر على الحرب، وأن النكسة سوف تلحق بمصر إلى الأبد. وكانت النكات وصنّاعها يسخرون منه وهو يقوم بزيارة القوات المسلحة، مرتدياً لكل فرقة بذلة قائدها. وأعاد إلى الأذهان صورة السادات الشاب الذي أراد أن يصبح ممثلاً مسرحياً بصوته الجهوري، ولهجته الخطابية، التي رافقته حتى اغتياله على منصة 6 أكتوبر، بيد الفريق السياسي الوحيد الذي تحالف معه: الإخوان.

عبر السادات خط بارليف عسكرياً ولم يعد يتوقف في اقتحامه السياسي. وها هو يخاطب وزير خارجية أميركا التي كانت ترفض مبادراته بـ«العزيز هنري» فيما يسحب «نفساً» من غليونه الخشبي مثل المارشال مونتيغمري. وعندما أخفق في استمالة هيكل، قرّب منه كبار الصحافيين، على رأسهم أنيس منصور، واجتذب صحف بيروت التي كانت في أوجها. وكما كان هيكل ينقل كلام عبد الناصر في الأحداث المهمة، صار هو يعرض سياساته من خلال صاحب «الحوادث» سليم اللوزي.

ولم تنته معارك محمد أنور السادات حتى بعد مقتله. خمسون عاماً أشبه برياح خماسية سياسية تهب بكل حرارتها وغبارها كلما لاحت طلائع أكتوبر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خواطر الخماسية 99 خواطر الخماسية 99



GMT 14:47 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

أبوظبي ـ المغرب اليوم

GMT 12:08 2024 السبت ,11 أيار / مايو

طرق تنظيف أنواع الكنب ووسائده المختلفة
المغرب اليوم - طرق تنظيف أنواع الكنب ووسائده المختلفة

GMT 17:53 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

معتمرون يتعرضون للنصب في سلا المغربية

GMT 09:17 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتساح كبير لمرتضى منصور في انتخابات نادي الزمالك

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 10:02 2013 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الكورتيزون يؤثر في جودة الحيوانات المنوية

GMT 17:41 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 22:18 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

فروسية حائل تقيم حفلها الـ 18 للموسم الحالي

GMT 17:26 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

دهس رجل مسن تحت عجلات القطار فائق السرعة في "عين عتيق"

GMT 04:34 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

بيّنوا أنّ الآلات تمتلك الأفضلية في الخضوع لمساءلة البشر

GMT 04:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لقاء للتوعية بأضرار مرض ”السيدا” في مراكش

GMT 20:48 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فندق Palacio de Sal تجربة غريبة للإقامة في بوليفيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib