«حزب الله» إلى نزع السلاح دُرْ برعاية أميركية

«حزب الله» إلى نزع السلاح دُرْ برعاية أميركية!

المغرب اليوم -

«حزب الله» إلى نزع السلاح دُرْ برعاية أميركية

هدى الحسيني
بقلم - هدى الحسيني

مصرفي لبناني تربطه علاقة صداقة قديمة مع المبعوث الأميركي آموس هوكستين نشأت أثناء عملهما في أحد مصارف نيويورك في التسعينات من القرن الماضي، واستمرت إلى هذا اليوم بعيداً عن الأضواء والإعلام، يقول إن آموس في زيارته الأخيرة إلى لبنان كان يشعر بفائض من التفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإنه خلال اجتماعه مع الرئيس نبيه بري قال الأخير من دون مقدمات إن «حزب الله» يوافق على خطة الانسحاب لما وراء نهر الليطاني، التي كان عرضها من قبلُ، وقوبلت برفض قاطع، وردّد الرئيس بري حينها مقولة حسن نصر الله بأنه سيكون أسهل نقل نهر الليطاني إلى الحدود من انسحاب الحزب. وقد همس هوكستين لصديقه اللبناني بأن ما تم قبوله كان معروضاً قبل سنة، ولو حصلت التسوية وقتذاك لما سقط هذا الكم من الضحايا، ولما حصل كل هذا الدمار.

وقد قال الرئيس بري لهوكستين في اجتماعهما الأخير إن «حزب الله» سيقبل بفصل المسار عن غزة، وسيلتزم بشروط وقف إطلاق النار، ولكن بالتزامن مع انسحاب إسرائيل لما وراء الخط الأزرق، ووقف قصف المدن، وردّ المبعوث الأميركي بأنه سيذهب إلى إسرائيل ولديه تفويض مطلق من الإدارة الأميركية سواء الحالية أو الجديدة للضغط على نتنياهو، وفرض وقف إطلاق النار، وكان الوداع بين الرجلين حاراً على نقيض ما حصل في اجتماعهما السابق، الذي غادره بري من دون مصافحة ضيفه.

وفي تل أبيب استقبل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي هوكستين، وقال له أمام عدسات الإعلام ساخراً: «آسف لقطع طيب إقامتك في بيروت». وتجاهل المبعوث الأميركي العبارة وسبق رئيس الوزراء بالدخول، وكان اجتماعاً عاصفاً سمع فيه الإسرائيليون كلاماً صريحاً وواضحاً بأن الولايات المتحدة لن تستعمل حق النقض في مجلس الأمن في أي قرار يدين إسرائيل لعدم وقف إطلاق النار، وأن هذا ما توافق عليه الرئيس جو بايدن مع الرئيس المنتخب دونالد ترمب في اجتماعهما بالبيت الأبيض، وقد ضرب نتنياهو الطاولة بيده غاضباً، وصدح صوته عالياً قائلاً: «هذا طعن في الظهر، وخطأ كبير سيؤدي إلى إمكانية إعادة تجميع (حزب الله) لقدراته، وبقاء النفوذ الإيراني البغيض». وقد خرج هوكستين من الاجتماع مكفهر الوجه، وقال للإعلام: «هناك تقدم في عملية الاتفاق لوقف إطلاق النار».

ودعا نتنياهو أعضاء الكابينت لاجتماع عاجل أبلغهم فيه ما حدث مع هوكستين، وقال إن اتفاقاً لهدنة مؤقتة هو أفضل ما يمكن أن تحصل عليه إسرائيل، وإن هناك نتائج إيجابية كبيرة من حرب لبنان، أولها إنهاك «حزب الله»، وفصل لبنان عن غزة إلى الأبد. وتقول مصادر إعلامية مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي إن قبوله للهدنة هو مد الحبل لشنق ما بقي من «حزب الله» لنفسه، وإن الاتفاق يعطي شرعية دولية لتدخل الجيش الإسرائيلي في أي مكان بلبنان.

مهما يمكن أن يحصل في فترة الستين يوماً لاختبار الاتفاق على وقف إطلاق النار، فإن الأكيد أن جبهة جنوب لبنان أصبحت لأول مرة منذ ستينات القرن الماضي خارج المواجهة مع إسرائيل، ويدّعي البعض أن هذا سيسري على كامل لبنان بعد أن أعطى الاتفاق الحق بضرب أي خروقات لبنوده وفي أي مكان. ويتفهم الجميع ادعاءات النصر لدى أمين عام «حزب الله» الجديد بعد الخسائر على كل الصعد، ولو كان التفهم مربوطاً بالسخرية والتساؤل عن معنى النصر والهزيمة.

ورغم أجراس الانتصارات التي قرعها رجال «حزب الله»، فإنه لا عودة إلى خداع الماضي. في «رسالة الانتصار» قال نعيم قاسم إن الحزب سيكون تحت غطاء «الطائف».

أصبح اتفاق «الطائف»، الذي أنهى الحرب الأهلية، الإطار الجديد الذي تشكل عليه النظام اللبناني، بدءاً من أوائل التسعينات. ومع ذلك، فإن الوثيقة لم تنفذ بالكامل، لأنها نصت على نزع سلاح كل الميليشيات. جادل «حزب الله» بأنه ليس ميليشيا بل مجموعة مقاومة ضد إسرائيل، واحتفظ بأسلحته من خلال الدعم الأجنبي، وتدخل سوريا وإيران. بعد التسبب في تدمير لبنان للمرة الثانية، لا عودة إلى تلك المعادلة التدميرية.إن نزع سلاح «حزب الله» لا يزال عاملاً حاسماً في التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بلبنان.

لا يزال السيناريو الأكثر فائدة للبنان و«حزب الله» هو تنفيذ القرار «1701»؛ لأن هذا من شأنه أن يحافظ على بيئة الحزب، ويحافظ على الطبيعة الترابطية للسياسة اللبنانية دون استبعاد أي شريك في البرلمان والحكومة.

يجب على لبنان و«حزب الله» المناورة بعناية في التغييرات الشاملة التي تتكشف حالياً، وهي تغييرات ستكون لها بالتأكيد تداعيات إقليمية لسنوات. أي نزع سلاح محتمل لـ«حزب الله» ستكون له آثار تبعية على السياسة الإقليمية، وتحديداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران، التي قد تواجه حقائق جديدة أو مكاسب محتملة.

بالنسبة إلى إيران، فإن فقدان «حزب الله» أمر لا يمكن تصوره بسبب دعمها الواسع واستثماراتها في المجموعة. من ناحية أخرى، ستتبنى الولايات المتحدة وإسرائيل مثل هذا السيناريو بوصفه فرصة لتنظيم جولة ثانية من «اتفاقات إبراهيم» في المستقبل القريب.

على كل، بعيداً عن الخطاب الشعبوي، الأكيد أن ما قبل حرب الإسناد ليس كما بعدها، فمحور الممانعة فقد توازنه بعد خسائر «حزب الله» الجسيمة في لبنان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» إلى نزع السلاح دُرْ برعاية أميركية «حزب الله» إلى نزع السلاح دُرْ برعاية أميركية



GMT 16:26 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

صحافة الابتزاز

GMT 16:22 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإخوان وكتلة الإصلاح.. خطاب المتناقضات !

GMT 16:22 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

موازنة تقليدية وخطابات إعلامية

GMT 16:20 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

2025... سنة مغربيّة بامتياز

GMT 16:19 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

اللّبنانيّون يرفضون الانتحار… مع “الحزب”!

GMT 16:18 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانحون الكبار وضحاياهم

GMT 16:16 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «السِّتّ» إبداعٌ وإضافة

GMT 16:13 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

ترمب: لا تحبسوني

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 18:44 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يُطلق مرحلة جديدة من العقوبات ضد فنزويلا
المغرب اليوم - ترامب يُطلق مرحلة جديدة من العقوبات ضد فنزويلا

GMT 19:50 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

زيارة محتملة لزيلينسكي إلى برلين وسط حراك دبلوماسي مكثف
المغرب اليوم - زيارة محتملة لزيلينسكي إلى برلين وسط حراك دبلوماسي مكثف

GMT 10:42 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

نيللي كريم تفرض حضورها السينمائى في المهرجانات بـ 3 أفلام
المغرب اليوم - نيللي كريم تفرض حضورها السينمائى في المهرجانات بـ 3 أفلام

GMT 19:41 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

ماريا كورينا ماتشادو تؤكد رحيل مادورو بالتفاوض أو بدونه
المغرب اليوم - ماريا كورينا ماتشادو تؤكد رحيل مادورو بالتفاوض أو بدونه

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 17:23 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 08:07 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 07:26 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

تطوير برنامج جديد للتسوق العشوائي عبر شبكة الانترنت

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

سولاري يُؤكّد مُقاتلة الريال على لقب الدوري الإسباني

GMT 21:34 2021 الأحد ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أرباب محطات الوقود يشتكون الزيادة في أسعار المحروقات

GMT 03:12 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الكشف عن موعد إفتتاح قناة "إم بي سي المغرب"

GMT 17:16 2019 السبت ,16 شباط / فبراير

غوارديولا يعتذر للجزائري رياض محرز

GMT 06:05 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

نصائح تساعد في التخلص من حرج الحميات الغذائية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib