فنان يُضرب عن الطعام

فنان يُضرب عن الطعام

المغرب اليوم -

فنان يُضرب عن الطعام

طارق الشناوي
بقلم : طارق الشناوي

قبل نحو 37 عاماً، أضربت تحية كاريوكا عن الطعام، بسبب اعتراضها على تطبيق قانون «103» الذي كان يتيح للنقيب التجديد على الكرسي لأجل غير مسمى. تدخَّل وقتها الرئيس الأسبق حسني مبارك، ومازحها قائلاً: «عايزينهم يقولوا يا تحية إنك في عهد فاروق وناصر والسادات كُنتي بتاكلي، وفي عهد مبارك منع عنك الأكل؟»، وضحكت تحية، ووعدها مبارك بحل المشكلة. والغريب أن القانون لم يتغير حتى كتابة هذه السطور.

قبل نحو أسبوع، مخرج مصري شاب أضرب عن الطعام؛ لأن داراً سينمائية رفضت عرض فيلمه، رغم مضى عامين على إنتاجه. كانت محطة انطلاقه الأولى من «مهرجان الإسكندرية السينمائي»، ونال أكثر من جائزة. لا يحمل «أفيش» الفيلم أسماء جاذبة. كان المخرج قد أقدم على وقفة احتجاجية أمام دار العرض التي رفضت فيلمه، رافعاً «البوستر». أبعده العمال بقدر من العنف، واضطرت دار السينما لتقديم اعتذار.

تعودت هذه السينما تحديداً، وبنسبة كبيرة منذ أن أنشأها مخرجنا الكبير يوسف شاهين، قبل عقود من الزمان، أن تمنح مساحة للتجارب الجديدة. من الواضح أن المخرج اعتبر أن العرض بمنزلة اعتراف ضمني بأنه قدَّم تجربة تستحق الحفاوة. ضاع أمله في تلك اللحظة، عندما اعتذرت له السينما؛ لأن الفيلم لا يتوافق مع سياستها.

كل يوم يمر يؤدي إلى زيادة إيقاع التوتر، فهو لا يزال مضرباً، ويرفض أي حلول أخرى سوى عرض الفيلم في تلك السينما تحديداً. البعض قال إن واجب الدولة هو السعي وراء حل للمشكلة. تملك الدولة عدداً من دور العرض، ولديها «قصر السينما» تحديداً الذي يقدم بين حين وآخر تجارب مماثلة، ولكن كل تلك الحلول لا تُرضي مخرجنا الشاب!

يبدو أنه مصرٌّ على تلك السينما تحديداً وإلا فلا؛ بينما دار السينما تملك حريتها وأحقيتها في اختيار الفيلم الملائم لسياستها، ولا يعني توصيف «ملائم» أنه بالضرورة الأفضل، ولكن في النهاية لديهم مشروعهم، ومن الممكن أن تتفق أو تختلف معهم، ولكن لا يحق لأحد أن يجبرهم على اختيار شريط سينمائي محدد، كما أن الخضوع لأي تهديد -مثل الإقدام على الإضراب عن الطعام- سيؤدي إلى تكرار هذا الأمر في مجالات أخرى، وتبعاته -قطعاً- سلبية جداً.

هل يجوز مثلاً القول بأن مستوى الفيلم هو الذي يحدد أحقيته في العرض من عدمها؟

الحالة الفنية لا يمكن اعتبارها معياراً مطلقاً؛ لأنها تختلف بين متذوق وآخر.

شاهدت الشريط عند عرضه في «مهرجان الإسكندرية السينمائي»، وأحتفظ برأيي؛ لأنني أفضل أن أكتبه عندما تتاح للجمهور مشاهدته، وبالتالي يصبح من حقهم الاتفاق أو الاختلاف معي، وفي الحالتين رأيي في الفيلم -إيجاباً أو سلباً- لا يعني ترجيح العرض لو توافق معي، ولا استبعاده لو وقفت على الجانب الآخر. ليست أبداً تلك هي القضية.

الأغلبية من الفنانين يشعرون بأن شروط تطبيق العدالة في إتاحة الفرص أمامهم غائبة تماماً، وهناك معادلات أخرى خارج النص.

بالمناسبة؛ لا أنكر وجودها، مثل العدد الضخم من أبناء الفنانين الذين يمارسون مهنة آبائهم والقسط الأكبر منهم لا يمتلكون موهبة.

هل ما فعله مخرجنا الشاب هو الحل الأمثل؟

إجابتي هي: قطعاً لا. من حقه أن يناضل من أجل عرض فيلمه بكل الأسلحة، ولكن ليس من بينها الإضراب عن الطعام. حتى لو استجابوا، وعرضوا الشريط، فسيظل كل ذلك محاطاً بالشفقة وليس بالأحقية.

على مخرجنا الشاب -وهو يناضل من أجل عرض فيلمه الأول- أن يعيش من الآن حلمه الفني الثاني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فنان يُضرب عن الطعام فنان يُضرب عن الطعام



GMT 18:25 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

المبالغة في التحذيرات “مثل قلتها”

GMT 18:23 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

حقّاً أهرام

GMT 18:19 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

أمامَ محكمة الرُّبعِ الأول

GMT 18:17 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

مِثال علاء عبد الفتاح

GMT 18:14 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

لبنان ومخاطر الإدارة المجتزأة

GMT 18:10 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

فى متحف الشمع!

GMT 18:05 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

شيطنة الجسد الأنثوى

GMT 18:01 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحكاية ليست «الملحد»

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:35 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يؤكد أن نتنياهو والشرع سيتوصلان إلى اتفاق
المغرب اليوم - ترامب يؤكد أن نتنياهو والشرع سيتوصلان إلى اتفاق

GMT 22:00 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

الشرطة المغربية تضبط شخصين في مدينة أكادير

GMT 12:33 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

ترمب يعلن احتجاز ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا

GMT 08:08 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق سماعات رأس لاسلكية تعمل بالبلوتوث بـ400 دولار

GMT 12:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن عن عطل كهربائي قبيل تحطم طائرة تقل عسكريين ليبيين

GMT 09:03 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

مصطفى بنحمزة يشرف على افتتاح قاعة رياضية نسوية في وجدة

GMT 04:47 2012 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الصحة: 116 مصابًا فى مليونية الثلاثاء وحالة وفاة واحدة

GMT 00:34 2016 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

وصفة عمل حلى شعيرية باكستانية

GMT 20:33 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

إنستغرام يحظر حسابا قديما باسم "ميتافيرس"

GMT 04:41 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

الصحفي والحقوقي اليمني الزبيب يتسلم جائزة رائف بدوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib