إسرائيل والفوضى الإقليمية

إسرائيل والفوضى الإقليمية

المغرب اليوم -

إسرائيل والفوضى الإقليمية

مأمون فندي
بقلم - مأمون فندي

يُسهم التعنتُ الإسرائيلي كلَّ يوم في خلق بيئة إقليمية تزعزع الاستقرار في المنطقة برمتها، فممارسات الاحتلال اليومية تقوّض ما يتصوره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من خلال أحاديثه وخرائطه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تبشّر بالاستقرار واتساع مساحة السلام بين إسرائيل وجيرانها. والذي يتابع أحاديث رئيس الوزراء الإسرائيلي وتصريحاته، يقتنع تدريجياً بأنَّ هناك خطأ ما في عقل الرجل، فرجل يبرئ هتلر من قتل اليهود، ليلصق التهمة بالحاج أمين الحسيني ليصبح الفلسطينيون مسؤولين عن «الهولوكوست»، هو رجل يحتاج إلى علاج تغيب سريع وعاجل. ما يحدث من عدوان إسرائيلي على غزة لا يمثل رداً على هجمات «حماس» على المستوطنات الإسرائيلية كما يدعي نتنياهو الذي يريد «تطهير الأرض من العدو أولاً»، بقدر ما هو إصرار على استمرار في إنكار بشاعة احتلال إسرائيل لشعب لأكثر من نصف قرن، وإنكار لممارسة عنصرية مستمرة لا تجد مَن يردها في المحافل الدولية، وذلك لغياب الوازع الأخلاقي في النظام الدولي عندما يخص الأمر شؤون العرب عموماً، وفلسطين على وجه الخصوص.

الفوضى الإقليمية التي أتحدث عنها، والناجمة عن الممارسات الإسرائيلية بشكل أساسي، وآخرها ما ينفرط أمام أعيننا في غزة، ستكون لها تبعات على مَن يظن الإسرائيليون أنهم شركاء لهم في الأمن الإقليمي وإرساء مبادئ السلام. إذ يجب ألا نقلل من تعقيدات النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني المتجاوزة للحدود، فهذا صراع من أكثر النزاعات تعقيداً واستمراراً في العالم الحديث، وأكثرها بشاعة. فبعد انتهاء نظام «الفصل العنصري» في جنوب أفريقيا، أدعي أنه لا توجد حالة أبشع من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ونظام إسرائيل العنصري تجاه الفلسطينيين في داخل إسرائيل وخارج حدودها. ما لا يفهمه الإسرائيليون حتى اليوم، هو أنَّ هذا الوضع شديد السوء مرتبط عضوياً بكثير من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ليس في فلسطين وحدها ولكن في الإقليم كله، وبالتالي يؤثر بشكل كبير في الاستقرار الإقليمي وعلى دول تظن إسرائيل أنها شريكتها في السلام. أفعال الاحتلال تقوّض المعادلة الداخلية لهذه الأول، وتسهم بشكل مباشر في عدم الاستقرار.

لذا، وإذا كان الإسرائيليون جادين في عملية السلام، لا بد أن يدركوا أن الاحتلال والاستيطان هما أساس المشكلة، ولا سلام ممكناً في ظل سياسات الاحتلال والاستيطان.

منذ احتلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية في عام 1967 وهي تتوسع في بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية. هذه المستوطنات، كما يعلم القاصي والداني، هي مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهي المسؤولة الأولى عن التوترات التي نراها اليوم. سلوك المستوطنين الإسرائيليين الذي يتسم بالصلف والغرور، هو الذي يؤدي إلى ما نراه اليوم. وكان واضحاً عند دخول الفلسطينيين إلى المستوطنات المحيطة بغزة، مدى حجم الغضب المتراكم تجاه هؤلاء المستوطنين، إذ كان واضحاً في أحاديث وسلوك الفلسطينيين في الفيديوهات التي ملأت الفضاء الاجتماعي في الأيام الماضية.

الاستمرار في حصار غزة عامل أساسي فيما يحدث اليوم، فطوال سنوات عديدة، فرضت إسرائيل حصاراً على قطاع غزة، ممَّا أدى إلى أوضاع إنسانية صعبة جداً. هذا الحصار أثر بشكل كبير في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في غزة، وزاد من التوتر في المنطقة.

أما الانتهاكات الإنسانية، التي تمارسها قوة الاحتلال بشكل يومي تجاه أهالي فلسطين، فتلك قصة تُكتب فيها كتبٌ مطولة لبشاعتها وعدم إنسانيتها. يكفي النظر إلى تقارير حقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية المحتلة، التي تنشرها مؤسسات دولية، والتي تخبرنا عن هذه الانتهاكات وعن الاعتقالات التعسفية وتحقير للكرامة الإنسانية، مما يثير غضب الفلسطينيين ويزيد من كراهيتهم لهذا الكابوس الجاثم على صدورهم منذ عقود.

إسرائيل لا تدرك أن العرب المحيطين بفلسطين يتألمون لآلام الفلسطينيين حتى لو كانت بعض الدول أقامت سلاماً معها. الشعوب العربية تتابع من كثب ما يحدث. ويبدو أن رسالة إسرائيل ومهمتها الأساسية الآن، هي تأليب الجماهير العربية ضد أنظمتها من أجل خلق فوضى إقليمية تأكل الأخضر واليابس.

الممارسات الإسرائيلية المستمرة والتي يراها العرب نوعاً في الفجور وغرور القوة، هي سبب رئيسي في الفوضى الإقليمية المتوقعة. ولحل هذا النزاع المعقد، يجب أن يتم العمل على تحقيق العدالة للفلسطينيين ومساعدتهم على الحصول على دولتهم على ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية. إذا كان نتنياهو يريد سلاماً، فالبداية هي أن يتخلى عن إبهار العالم من خلال أحاديثه للتلفزيون الأميركي، ويدخل في حوار جاد مع الفلسطينيين، ومع القيادات العسكرية على الأرض بدلاً من محاولة الالتفاف عليهم. نتنياهو يراهن على أن القضية الفلسطينية ستنسى مع الوقت رغم أن الفلسطينيين يذكّرونه كل يوم بأن ذلك من الخرافة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل والفوضى الإقليمية إسرائيل والفوضى الإقليمية



GMT 14:47 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

أبوظبي ـ المغرب اليوم

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 23:13 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

الوداد الرياضي يٌعلن فتح باب الانخراط بالنادي

GMT 07:57 2021 الإثنين ,27 كانون الأول / ديسمبر

الطاقة الشمسية تجمع المغرب ونيجيريا

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 09:31 2023 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

حليب جوز الهند يعالج البشرة الجافة

GMT 21:26 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة جديدة عن فوائد المخدرات للمرتبطين

GMT 11:19 2014 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

اخطاء وخطايا النخبة

GMT 06:39 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

Ralph&Russo Couture Spring/Summer 2016

GMT 01:57 2021 الخميس ,01 إبريل / نيسان

مجوهرات لؤلؤية فاخرة موضة صيف 2021

GMT 16:02 2019 الأربعاء ,24 تموز / يوليو

استقالة هشام الدميعي من تدريب أولمبيك آسفي

GMT 19:47 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

الفنان حاتم إيدار يخضع للعلاج بعد نجاته من حادث مروّع

GMT 10:25 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

الروبوت "فورفيوس" يتمكن من ممارسة لعبة تنس الطاولة

GMT 11:09 2014 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة تسوّس أسنان الأطفال تنشر بسرعة في بريطانيا

GMT 20:37 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تأجيل زفاف ابنة أميرة موناكو والمغربي جاد المالح
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib