قمم جدة للأمن

قمم جدة للأمن

المغرب اليوم -

قمم جدة للأمن

مأمون فندي
بقلم : مأمون فندي

قمة جدة للأمن والتنمية التي استضافتها المملكة العربية السعودية لتجمع دول مجلس التعاون الخليجي، مضافاً إليها مصر والعراق والأردن مع الولايات المتحدة، فيها جرأة لتصورات الأمن الإقليمي وأمن الطاقة، وتفتح آفاقاً جديدة للتفكير خارج الصندوق حول مسألة شديدة الحساسية، وهي أمن منطقة الشرق الأوسط. وأولى الإشارات المهمة هي دعوة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، لإيران كجزء من الأمن الإقليمي. لكن قمة جدة للأمن ليست القمة الوحيدة أو الأهم في زيارة الرئيس الأميركي جوزيف بايدن إلى المملكة العربية السعودية، فهناك القمة الثنائية بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الأميركي، التي تبعتها جلسة عمل ثنائية بين ولي العهد السعودي والرئيس الأميركي، وربما تكون هذه القمة هي لب الأمر كله، كما كانت هناك القمة الثالثة بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة. إذن نحن نتحدث عن ثلاث قمم لا قمة واحدة.
في السادس من يوليو (تموز) عام 2020 كتبت مقالاً في هذه الصحيفة بعنوان «تفكير خارج الصندوق عن الأمن الإقليمي» («الشرق الأوسط»؛ 6 يوليو 2020) طرحت فيه أن قضايا الأمن الإقليمي تحتاج إلى تصورات جريئة وجديدة تخص الحديث عن الأمن الإقليمي، وضربت أمثلة بسوريا التي يكون جوارها المباشر الأردن وإسرائيل والعراق وتركيا وبها تدخلات مباشرة من روسيا وإيران، وقلت أيضاً إن في مسألة استقرار سوريا لا بد أن تكون كل هذه الدول ممثلة على الطاولة... هذا مجرد مثال يطرح علينا الأسئلة الصعبة فيما يخص الأمن الإقليمي. ورد يومها الدكتور النابه الصديق عبد المنعم سعيد، بأطروحة جادة ومغايرة عن الأمن الإقليمي من داخل الصندوق، الذي عرض فيه لنقطة أساسها تعافي الدولة بعد هزة «الربيع العربي» هو الأولوية قبل الحديث عن الأمن الإقليمي، ومع ذلك ناقش الفكرة بجدية تليق بالمشغولين والمشتغلين بقضايا الأمن بشقيه الوطني والإقليمي.
وها هي قمة جدة وزيارة الرئيس بايدن للمنطقة تطرحان الموضوع ذاته، ولكن ليس في الإطار الذي طرحته وإنما في إطار إيجاد تكتل عربي - أميركي - إسرائيلي لمواجهة خطر إيران النووي. وكذلك حتى لا تترك المنطقة نهباً للأطماع الصينية والروسية. هذه أجندة أميركية مشروعة، لكن الأجندة السعودية والخليجية ترى أن إيران دولة جارة وأساسية في الأمن الإقليمي ولا يجب إهمالها، وفي هذا تكون الجرأة الخليجية التي تؤكد على أنه ورغم الشراكة الاستراتيجية بينها وبين الولايات المتحدة إلا أن رؤيتها للأمن الإقليمي مختلفة.
فكرة أميركا عن الأمن الإقليمي ما زالت كلاسيكية وينقصها الإبداع، فهي ما زالت ترى أولوياتها في أمن إسرائيل وأمن الطاقة أو وصول النفط إلى العالم الحر بأسعار معقولة حتى لا يتأثر الاقتصاد العالمي، ثم أضيف إليها هاجس إسرائيلي جديد وهو هاجس إيران النووية.
كتبت أيضاً منذ فترة عن إيرانيْن لا إيران واحدة (إيران النووية، الهاجس الأميركي، وإيران التقليدية، هاجس الجوار العربي بصواريخها الباليستية وميليشياتها ودروناتها)، ويجب ألا تطغى إيران النووية على التهديدات المباشرة للدول العربية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، ومن هنا تكون مسارات الدبلوماسية بين الدول العربية وإيران مختلفة عن المسار الأميركي في التعامل مع إيران.
زيارة بايدن وتعرف الولايات المتحدة على الأجندة العربية من خلال قمم جدة الثلاث هما عملية تعليمية وتثقيفية مهمة للرئيس الأميركي وإدارته. وتجاوز الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وأميركا في القمة الثنائية بالذات فيه فائدة كبيرة للمصالح الاستراتيجية الخليجية والعربية من خلال وضع العلاقة السعودية الأميركية في مسارها الصحيح.
القمم الثلاث أيضاً تعليمية وتثقيفية للمشاركين من العالم العربي الذي ما زال يعاني من حالة من الضبابية في علاقته مع شريك استراتيجي بحجم الولايات المتحدة. فلا يستقيم أن نقول إن أميركا شريك استراتيجي للمملكة منذ ثمانين عاماً، وهي شريك يعول عليه في حال الأزمات الجادة مثل تحرير الكويت عام 1991، وفي الوقت نفسه نقول إن رئيس أميركا جاء إلى المنطقة، ولا أعتقد أنه من الحصافة أن تقول عن شريكك الاستراتيجي إنه ضعيف وخائر، وتريد من أعدائك أن يأخذوا هذه الشراكة على محمل الجد. من المهم أن تلتزم الدول بشركائها الاستراتيجيين ولا تقلل من شأنهم. الشيء نفسه ينطبق على أصوات في الكونغرس والإعلام الأميركي في وصفهم للمملكة العربية السعودية.
بداية التفكير في معمار استراتيجي جديد للأمن هي أن نقرأ من النوتة ذاتها ونغني النغم ذاته دونما نشاز، ورغم أهمية القمم الثلاث، إلا أن النشاز ما زال قائماً، وأن فكرة معمار جديد للأمن الإقليمي ربما أبعد مما قاله الرئيس بايدن عن حل الدولتين فيما يخص النزاع العربي - الإسرائيلي.
ما زال الطريق طويلاً، ولكن قمم جدة على الأقل ساعدت في بناء تصور عربي واضح تجاه القضايا الإقليمية قد يكون نواة لأمن إقليمي مصغر بين الدول العربية الحاضرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمم جدة للأمن قمم جدة للأمن



GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 02:12 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

من مونيكا إلى ستورمي

GMT 02:08 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي يتحدى إيمانويل كانط

GMT 02:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

زوجة واحدة لا تكفي!

GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تدليل أمريكي جديد لإسرائيل

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:05 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
المغرب اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 14:23 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
المغرب اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 15:03 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 12:05 2023 الخميس ,20 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 20 أبريل/ نيسان 2023

GMT 07:56 2018 الجمعة ,02 آذار/ مارس

أبي حقًا

GMT 21:30 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات كبيرة في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 11:15 2023 الأحد ,02 إبريل / نيسان

موديلات ساعات فاخّرة لهذا العام

GMT 15:40 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

الإعلامية المغربية مريم العوفير تطل على القناة الأولى

GMT 09:54 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أفريقيا تلهم إيلي صعب ELIE SAAB تصاميم أنيقة

GMT 19:46 2022 الأحد ,28 آب / أغسطس

ديكورات مميّزة للكوشة في حفلات الزفاف

GMT 20:29 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

"أرض الإله" في المرتبة الثانية لمبيعات "ديوان"

GMT 08:07 2020 الأربعاء ,27 أيار / مايو

وفاة أشهر كومبارس كوميدي في السينما المصرية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib