الإنتلجنسيا الأميركية والسعودية التي لا غنى عنها

الإنتلجنسيا الأميركية... والسعودية التي لا غنى عنها

المغرب اليوم -

الإنتلجنسيا الأميركية والسعودية التي لا غنى عنها

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

يوماً تلو الآخر تتأكد مكانة المملكة العربية السعودية، في عيون النخب وجماعات الإنتلجنسيا حول العالم بشكل عام، وفي الداخل الأميركي بنوع خاص.
المتابع مراكز الأبحاث الأميركية الرصينة، وكذا المجلات ذات الثقل الفكري والتوجه الإيديولوجي، حتى وإن اتسمت بطابع براغماتي مستنير، يدرك كيف أنها تعمل في طريق دفع إدارة بايدن، وأي إدارة أميركية، جمهورية أو ديمقراطية قادمة، في طريق فهم أعمق وأكثر عقلانية، تجاه العلاقة مع المملكة العربية السعودية.
آخر القراءات في هذا الشأن ما جاء عبر مجلة «ناشيونال إنترست»، قبل بضعة أيام، من تحليل يحمل رسالة واضحة، تقوم على حتمية تعزيز العلاقة مع الرياض، بل وتمتين التحالف الأميركي – السعودي، وبما لا يسمح لأي محاولة من قِبل الأقطاب القادمة، لفصل عرى تعاون وثيق ظل قائماً لثمانية عقود، رغم الأنواء والأمواج التي لا بد منها في تفاعلات البشر.
المجلة الأميركية، تحدثت بصوت عالٍ عن الأدوات التي ينبغي على إدارة بايدن القيام بها وبسرعة، للحفاظ على مربعات نفوذها حاضرة ومزدهرة في الخليج العربي والشرق الأوسط.
في المقدمة من هذه، دعوة البيت الأبيض وفداً سعودياً عالي المستوى إلى واشنطن؛ للتأكيد على جوهر العلاقة الثنائية، وإعادة التذكير بالتزامات واشنطن، لا سيما الأمنية تجاه السعودية وبقية دول الخليج، كما الشرق الأوسط.
يتساءل المرء، ما الذي غيّر الأوضاع وبدّل الطباع، وهل كانت سياسات المملكة عينها، هي من وضع الفئة النخبوية الأميركية أمام منعطف مراجعة مصيري لمراجعة المشهد من واشنطن إلى الرياض؟
من غير تهوين أو تهويل، يمكن القول، إن السعودية وفي قمة جدة، يوليو (تموز) الماضي، قد رسمت ملامح ومعالم ما يمكن أن نطلق عليه، مانيفستو للسياسات العالمية، وبخاصة على صعيد الاقتصاد والطاقة والبيئة، ذلك الثلاثي، الذي أصبح فاعلاً ومؤثراً في مسارات ومساقات الحياة اليومية للإنسانية من مشارق الشمس إلى مغاربها، ومن أقصى الشمال، حيث القطب الجليدي المتوقع أن يشهد صراعاً ضروساً عما قريب، إلى جنوب الكرة الأرضية.
أكدت المملكة على لسان ولي العهد، أن نمو الاقتصاد العالمي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستفادة من جميع مصادر الطاقة المتوفرة في العالم، بما فيها الهيدروكربونية، مع التحكم في انبعاثاتها من خلال التقنيات النظيفة، وفي الوقت عينه شددت على أن تبني سياسات غير واقعية لتخفيض الانبعاثات من خلال إقصاء مصادر رئيسية للطاقة سيؤدي في السنوات القادمة إلى تضخم غير معهود، وارتفاع في أسعار الطاقة وزيادة البطالة وتفاقم مشكلات اجتماعية وأمنية خطيرة.
وفي قلب تلك السياسات العالمية، الإشارة إلى أن المملكة تبنت نهجاً متوازناً للوصول إلى الحياد الصفري لانبعاثات الكربون، وذلك باتباع نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وبما يتوافق مع خططها التنمية وتمكين تنوعها الاقتصادي.
ماذا يعني ذلك؟
باختصار غير مخل، يعني أن الولايات المتحدة قد وجدت نفسها أمام سياسات تعي فكر الأولويات، أي الاهتمامات الوطنية، وفي السياق ذاته، التشارك في استنقاذ كوكب الأرض، وهناك الكثير الذي يقال في هذا الإطار عن المبادرات السعودية البيئية، والتي يقودها الأمير محمد بن سلمان، ضمن مشروعات حماية البيئة والمحاولات الأممية لمواجهة الحرب الإيكولوجية على بني البشر.
تمضي النخبة الأميركية دائماً وأبداً في أثر رؤى فيلسوف البراغماتية الأميركية الأشهر، جون ديوي (1859 - 1952)، ومبدأه الأكيد «لا تحارب الحقائق، بل تعامل معها».
باتت الحقيقة المؤكدة موصولة بمقدرة المملكة على رسم صورتها بنفسها، وكما تريد، ومن غير انتظار غودو ليرسم صورتها في الداخل الأميركي.
أصوات العقلاء والنجباء من الأميركيين التي ارتفعت خلال الأسابيع القليلة الماضية، تطالب بأن تسارع واشنطن بزيادة مبيعاتها العسكرية النوعية المتميزة للمملكة؛ ما يعزز أمنها في سياق جغرافي قلق ومضطرب من قوة بعينها تمضي في زعزعة استقرار الخليج العربي والشرق الأوسط، وتغزل على المتناقضات الدولية.
ومن هذه الأصوات، من يطالب بضرورة عمل الشركات الأميركية، وفي أقرب وقت لتوفير بدائل استثمارية للسلع والخدمات التي تراهن بها وعليها قوى دولية آخر تسعى لتعزيز علاقاتها مع الرياض.
عطفاً على ذلك، يبدو أن هناك في الداخل الأميركي، من بات مهموماً بضرورة تدفق التكنولوجيا الأميركية إلى مناحي الحياة كافة في المملكة، لا سيما في صورتها العصرانية التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من خلال «رؤية 2030».
ما أدركه الأميركيون وبجلاء واضح، هو أن المملكة كانت قائداً في العالم العربي، وما ينتظرها من تنمية في البشر قبل الحجر، يجعل من المؤكد أنها ستظل رائدة لعقود طوال، عقود سوف يختلف فيها شكل العالم، عما سبق خلال نصف القرن الماضي والعقود التي تليه.
تحمل مجلة «الفورين آفيرز»، عنوان المبدعين الأميركيين فكرياً، في عددها الأخير، قراءة عن تحولات النظام الدولي من الثنائية إلى عالم القطبية المتعددة؛ الأمر الذي يخل بميزان القوى العالمي، ويعكس من غير أدنى شك، «تضاءل النفوذ النسبي لواشنطن»؛ مما يجعل الدول ذات القوة المعتدلة مثل السعودية، أقل اعتماداً على قوة عظمى واحدة فقط.
وعلى الجانب الفكري، وبعد تفكير أميركي برؤوس باردة، تكشّف للأميركيين الذين لديهم علم من كتاب الحكمة والرشادة، أن السعودية اليوم باتت محوراً مركزياً في محاربة التطرف والغلو عربياً وعالمياً، من خلال عمل مؤسساتي يطرد طيور الظلام بعيداً، ويحيي مسارات التفكير، ويُعبّد مساقات التنوير.
واشنطن تدرك أن الشرق الأوسط هو من يفكّر في فك ارتباطه بها، وأن السعودية لا غنى عنها في الحال أو الاستقبال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنتلجنسيا الأميركية والسعودية التي لا غنى عنها الإنتلجنسيا الأميركية والسعودية التي لا غنى عنها



GMT 16:27 2023 الثلاثاء ,21 آذار/ مارس

«اعتقال ترامب» والتوازنات السياسية

GMT 16:21 2023 الثلاثاء ,21 آذار/ مارس

إيران والخوف من عمل عسكري

GMT 16:17 2023 الثلاثاء ,21 آذار/ مارس

عبدالوهاب «أحبك الآن أكثر»

GMT 16:12 2023 الثلاثاء ,21 آذار/ مارس

بلينكن يشرب القهوة

GMT 16:09 2023 الثلاثاء ,21 آذار/ مارس

السر عند الملك خوفو (٢)

دينا الشربيني تتألّق بإطلالات شبابية جذّابة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 06:17 2022 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يخطف الأنظار في جلسة تصوير ترويج علامة "Adidas x Gucci

GMT 14:38 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

إطلالات المشاهير بالتنورة القصيرة لإطلالة راقية

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2021 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2021 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib