مبادرة السعودية الخضراء السياسة الذكية

مبادرة السعودية الخضراء: السياسة الذكية!

المغرب اليوم -

مبادرة السعودية الخضراء السياسة الذكية

حسين شبكشي
حسين شبكشي

ليس بالسر ولا بالأمر الخفي تلك العلاقة المضطربة والمتشددة والمليئة بالشك والقلق والريبة التي كانت تحكم بين الشأن البيئي والدول والشركات المنتجة لسلعة النفط.فالدول المنتجة للنفط كانت دائماً ما تقوم بالدور المدافع الذي يركز على إبعاد أي اتهامات ونفيها عن نفسه تماماً، وكانت الدول النفطية تركز في طرحها أنها ضحية ظلم سياسي واستهداف ظالم ضدها، وكان دائماً هذا سقف ما يمكن تقديمه. ولكن شيئاً مهماً ما تغير وحدث، لأن المملكة العربية السعودية قررت أن تستبق الجميع، تحديداً الدول المعنية بالشأن النفطي والمناخي، وذلك بطرحها سلسلة مبهرة من المبادرات البيئية الواعدة، التي التزمت فيها، وبسقف زمني محدد، تحقيق أرقام نوعية في المجال البيئي، وكان التوقيت لافتاً جداً وذكياً للغاية، فقد جاء قبل أيام قليلة جداً من انطلاق قمة المناخ التي ستعقد في مدينة غلاسكو باسكوتلندا في المملكة المتحدة. وأن تأتي هذه المبادرات البيئية الاستثنائية والطموح الواعدة من أكبر دولة في مجال الإنتاج النفطي في العالم فهي مسألة مفاجئة جداً.

وإذا توقفنا قليلاً بعيداً عن البعد البيئي البحت، فسنرى أنالسعودية ارتأت أن تغير سياستها في هذه المسألة تماماً، وذلك باتباع أسلوب هجومي استباقي بدلاً من الأسلوب الدفاعي الذي كانت تتبعه الدول النفطية عند اتهامها فيما يتعلق بقضايا المناخ عموماً. وتبقى تفاصيل المبادرات المقدمة من السعودية مسألة تستحق الوقوف أمامها بتمعن، لأنها أوجدت سابقة قد تجبر دولاً أخرى على اللحاق بها. فالسعودية أعلنت بوضوح عن عزمها للوصول إلى نقطة الحياد الصفري لانبعاثات الكربون، وذلك بحلول عام 2060، من خلال النهج الاقتصادي الدائري للكربون بما يتوافق مع خطط البلاد التنموية وتمكين تنوعها الاقتصادي. ولم تكن هذه هي المبادرة البيئة الوحيدة التي أطلقتها السعودية، ولكن إجمالي المبادرات التي أطلقتها من شأنه تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، كما تم إطلاق المرحلة الأولى من مبادرات التشجير العملاقة، وذلك بزراعة 450 مليون شجرة وإعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في السعودية أكثر من 20 في المائة من مساحتها الإجمالية، وهذه الحزمة الأولى من المبادرات تمثل ما يفوق على الـ700 مليار من استثمارات يتم توفير فيها فرص وظيفية ومجالات استثمارية للقطاع الخاص.

ومن المتوقع أن يكون لهذه المبادرات العملاقة أثر ملموس يعكس التصحر، ويزيد معدلات الأمطار، ويحسن معدلات الأكسجين في الجو العام. وتقع هذه المبادرات تحت مسمى ذاتي الشرح والمعنى وهو «السعودية الخضراء»، التي تبعتها مبادرة أوسع وأكثر شمولاً، وهي «الشرق الأوسط الأخضر»، التي انضم لها عدد غير قليل من دول المنطقة فيما تم وصفه بأنه خطوة جادة وحقيقية للتعامل ومواجهة أزمة المناخ العالمي بحلول عملية قابلة للتحقيق والقياس والالتزام. وهناك التزام سعودي معلن أن تكون هذه المبادرات نقطة تحول نوعي في ذهنية وثقافة القطاع الحكومي والخاص على كافة الأصعدة، لأن الالتزام البيئي سيكون أحد أهم أهداف التنمية المستدامة في السعودية كهدف استراتيجي لها.

وهناك أهداف فرعية مهمة تظهر جدية التوجه السعودي الجديد، فهناك مبادرة أخرى أطلقتها العاصمة السعودية (الرياض)، التي أطلق عليها مسمى «الرياض الخضراء»، وصرح القائمون عليها بأنه سيتم استثمار 30 مليار ريال في مشاريع لها علاقة تحديداً بحماية البيئة والمحافظة عليها، التي تستهدف زراعة ما يزيد عن 15 مليون شجرة، ورفع معدل نصيب الفرد من المساحات الخضراء من 1.7 إلى 28 متراً مربعاً داخل النطاق الحضري بحلول عام 2030، مما سيسفر عن خفض ملموس في درجات الحرارة في الرياض من 1.5 درجة إلى درجتين، بالإضافة إلى ذلك سيتم توفير أكثر من 3300 حديقة متفاوتة الحجم و43 حديقة كبيرة الحجم لأجل تحسين جودة الحياة فيها.

السعودية وضعت بمبادراتها الهائلة الكرة في ملعب العالم الصناعي الملوث الأول، وباتت في موقع مهاجم وذكي على عكس ما كان يحصل مع الدول النفطية من قبل ذلك. وقررت تغيير طريقة اللعب بمهارة فسجلت هدفاً جميلاً في سباق حلول أزمة المناخ. دائماً ما كان الموقف السعودي مع التحميل العادل لمسؤولية كل طرف، واليوم السعودية رفعت السقف للحلول المنتظرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبادرة السعودية الخضراء السياسة الذكية مبادرة السعودية الخضراء السياسة الذكية



GMT 14:47 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 02:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 13:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
المغرب اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 20:40 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

مارسيل غانم يعود مع "صار الوقت" ويفتتح خريف MTV

GMT 10:30 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

أجمل الأفكار لديكور طاولة العروسين في حفل الزفاف

GMT 06:20 2023 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

المركزي الصيني يضخ 421 مليار يوان في النظام المصرفي

GMT 09:35 2023 الأحد ,05 شباط / فبراير

وما أدراك ما أشباه الرجال!

GMT 20:35 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

الإمارات تُطلق تحالف إعادة تدوير الألومنيوم

GMT 08:22 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

"لاند روفر ديفندر" تعود بإمكانيات مطورة عام 2020

GMT 21:06 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الحموشي ينشر عناصر أمنية فى الأحياء الشعبية لسلا

GMT 20:37 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلامية زينة يازجي تعود إلى "الشاشة" من جديد

GMT 05:28 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

حقيبة الظهر من"بولغاري" تناسب المرأة الأنيقة

GMT 10:54 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

فوزنياكي تقتنص صدارة تصنيف التنس وتتويجها بلقب أستراليا

GMT 23:29 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مدارس ألمانية تعاقب التلاميذ غير المطيعين بطريقة غريبة

GMT 12:50 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

أحمد سعد يتعاقد على أغنية فيلم "أهل الكهف"

GMT 03:55 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

"فيفا" ينتصر للنابي على حساب الإسماعيلي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib