حرف وصناعات في طي النسيان

حرف وصناعات في طي النسيان

المغرب اليوم -

حرف وصناعات في طي النسيان

زاهي حواس
زاهي حواس

منذ مطلع القرن التاسع عشر ظهر ما يعرف اصطلاحاً بالثورة الصناعية في أوروبا، وسرعان ما بدأت تنتشر رويداً رويداً في باقي أنحاء الأرض؛ وبدأ منذ ذلك الحين حدوث التغيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية في المجتمعات التي طالتها سواء الثورة الصناعية أو حتى إرهاصاتها. وحقيقي أن المجتمعات بدأت تنمو بسرعة وتتجه نحو زيادة الاهتمام بالتعليم والصحة والبحث عن سبل الارتقاء بمستوى معيشة البشر، إلا أن هذه الثورة كانت أيضاً السبب في العديد من المشكلات والآثار السلبية التي لا يزال العالم إلى يومنا هذا يبحث لها عن حلول، وعلى رأس هذه المشكلات ما يعرف ب ـالتغير المناخي أو الاحتباس الحراري، وكذلك استنزاف مصادر الطاقة والموارد الطبيعية من على كوكب الأرض. ومما لا شك فيه أن إحلال الآلة محل يد العامل في الصناعة أدى إلى اندثار، بل واختفاء العديد من الحرف والصناعات اليدوية التي أصبحت مجرد ذكرى من زمن مضى. إلا أننا نكون قد تجاوزنا الحقيقة في اتهام الثورة الصناعية بأنها العامل الوحيد في اندثار الحرف والصناعات اليدوية! فهناك أسباب أخرى عديدة سنناقشها بإذن الله في مقال آخر.

ومنذ نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين بدأت العديد من بلدان العالم تدرك أن هذه الحرف والصناعات اليدوية هي جزء أصيل من تراثها الثقافي ومن ذاكرتها الأصيلة، ولا بد من تسجيلها وتوثيقها لأجيال قادمة، بل وإحيائها إن أمكن. والحقيقة أن المملكة العربية السعودية كانت سباقة في هذا المضمار واستطاعت تحقيق نجاحات شهد بها العالم كله. ولقد شاهدت العديد من المهرجانات السياحية والفعاليات الثقافية التي تقام على أرض المملكة العربية السعودية لإحياء كثير من الصناعات والحرف اليدوية، والأهم من ذلك هو نشر ثقافة الحفظ والتوثيق لكل عناصر التراث الإنساني بين فئات المجتمع.
وقد وقع بين يديّ كتاب مهم من تأليف الدكتور فهد بن علي الحسين، وقد صدر ضمن مشروع الملك عبد الله للعناية بالتراث الحضاري؛ حيث تم نشره ضمن سلسلة دراسات أثرية محكمة برقم 19، والكتاب بعنوان «الحرف والصناعات البحرية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية». استطاع الدكتور فهد أن يسلط الضوء على التراث والفنون الحرفية التي لا يزال يتوارثها أهالي المملكة في المنطقة الشرقية باعتبارها واحدة من أهم السمات الثقافية المادية المميزة. وقام بالتركيز على دراسة صناعة أدوات العمل البحري، وهي الأدوات التي يستخدمها البحارة في قيادة السفن، وكذلك حرف العمل البحري. ونجد أن سكان المنطقة الشرقية قد اعتمدوا على موارد البيئة البحرية وكانوا يقومون باستخراج اللؤلؤ وصيد الأسماك، وكذلك حرف بناء السفن والأشرعة وأدوات الصيد المختلفة.

استطاع المؤلف، وهو أستاذ ومعلم أكاديمي، توثيق كم هائل من المعلومات عن تلك الحرف والصناعات البحرية القديمة؛ معتمداً على الدراسات الميدانية وعمل اللقاءات مع هؤلاء الحرفيين الذين مارسوا المهنة أو مع هؤلاء الذين عاصروا وقت زهوها وانتشارها. ولذلك يعتبر هذا المؤلَف وثيقة علمية مهمة لتوثيق حرف وصناعات تراثية ارتبطت بالموقع الجغرافي والنشاط البحري للسكان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرف وصناعات في طي النسيان حرف وصناعات في طي النسيان



GMT 19:29 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

ما يملكه الضعفاء

GMT 19:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

في الحنين إلى صدّام

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

حرب أوكرانيا... واحتمال انتصار الصين!

GMT 19:11 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

إيران أكبر عدو لنفسها

هيفاء وهبي بإطلالات باريسية جذّابة خلال رحلتها لفرنسا

القاهرة - المغرب اليوم
المغرب اليوم - موناكو وجهة سياحية مُميّزة لعشاق الطبيعة والتاريخ

GMT 12:26 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
المغرب اليوم -

GMT 17:54 2023 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

مبابي يدافع عن ميسي وينتقد جماهير باريس

GMT 20:13 2021 السبت ,18 أيلول / سبتمبر

دلالات اللون الأخضر في ديكور المطابخ

GMT 16:56 2019 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء البيضاوي يحدد سعر خروج محمود بنحليب من الفريق

GMT 09:33 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رجل يقطع إصبعه بسبب لدغة أفعى غير سامة

GMT 16:07 2017 الإثنين ,29 أيار / مايو

طريقة تحضير تارت الكنافة بالمانجو اللذيذ

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الجزائر تتراجع قرار منع الاستيراد والتصدير عبر موانئ المغرب

GMT 17:43 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الذهب يسجل ارتفاعاً بدعم من استقرار مؤشر الدولار الأميركي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib