إيران العمامة والعسكر

إيران... العمامة والعسكر

المغرب اليوم -

إيران العمامة والعسكر

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

ما تقوله لنا الاحتجاجات المستمرة في إيران، هو أن شرعية النظام هناك تضعف، أو تتأكل، ونحن لسنا أمام سيناريو معتاد. وكما كنا نقول إن ظروف دول ما عُرف بـ«الربيع العربي» زوراً، غير متشابهة، فإن احتماليات التغيير بالنموذج الإيراني ليست مشابهة لسواها.
والتغيير، إن حدث بطهران، فهو ليس شبيهاً حتى بالتاريخ الإيراني؛ بمعنى أنه لا يُتوقع أن يستقل المرشد الأعلى طائرة ويغادر البلاد كما فعل الشاه؛ لأن النظام هناك أكثر تعقيداً، وهذه هي نقطة ضعفه اليوم.
صحيح أن النظام الإيراني يرتدي العمامة، لكنها تخفي بزة عسكرية تحتها؛ بمعنى أن عسكرة النظام باتت واقعاً، والعمامة مجرد واجهة سياسية، وربما آخر واجهة حقيقية لعمامة هو المرشد الأعلى نفسه.
والمتوقع أن يكون رحيل خامنئي هو الفاصل بين العمامة والعسكر؛ إذ يُتوقع أن يظهر العسكر للمشهد صراحة بعد رحيل خامنئي، وسيكون الولي الفقيه بعدها مجرد واجهة لهم، وليس محركاً لهم كما فعل خامنئي الذي اضطر لمجاراتهم أيضاً من أجل بسط نفوذه.
ومع تلاشي الطبقة الخمينية الحاكمة؛ أي جيل الخميني والذي يليه، كان العسكر يتدرجون، ويتغلغلون في المؤسسات، مؤسسين لأنفسهم قاعدة صلبة بجميع مفاصل النظام، وخصوصاً الاقتصاد.
ويُتوقع أن يبسط العسكر سطوتهم بمجرد رحيل علي خامنئي. وفي حال استمرت الاحتجاجات، ومع الأنباء عن تردي صحة خامنئي، ربما يلجأ العسكر لتسريع فرض قبضتهم على السلطة بانقلاب واضح، أو ناعم.
ومن يتأمل المشهد الإيراني يجد أن نظام الملالي استنفد كل فرصه وحيله الداخلية، وتوسع خارجياً بشكل يفوق قدرته، وإذا كانت الولايات المتحدة عانت من حربين في نفس الوقت؛ العراق وأفغانستان، فكيف بالنظام الإيراني المتوسع بأربع دول، والآن أوكرانيا؟
كما اضطر الروس لخفض وجودهم في سوريا بسبب حربهم مع أوكرانيا، فكيف سيكون حال إيران المتردية اقتصادياً، وتواجه احتجاجات داخلية، وعقوبات خارجية، وعزلة؟ الأكيد أن المنطق يقول إنه ليس بمقدور إيران التوسع، أو المحافظة على هذا التوسع.
وأضف إلى ذلك، المتغيرات المتوقعة في السياسة الأميركية، وخصوصاً في حال فقدان الديمقراطيين لـ«الكونغرس» بغرفتيه، مما يعني قدوم الجمهوريين، ومزيداً من الضغط على الملالي.
وعليه، فإن الحرس الثوري، والعسكر عموماً بإيران، لديهم مساحة مناورة سياسية، داخلياً وخارجياً، ويمكن أن تمنحهم عَقدين من الزمان في حال قرروا السيطرة على الحكم، وهم في طريقهم لفعل ذلك، لكن الظروف قد تفرض عليهم الإسراع الآن.
ومن هنا، فإن تحذير قائد الحرس الثوري للمتظاهرين السبت الماضي، بأنه آخر يوم لهم في الشوارع، يُعد نقطة فارقة، ليس من ناحية استجابة الناس، بل من ناحية ظهور العسكر بالواجهة أمام الإيرانيين، مع انحسار صوت العمائم، وكذلك من ناحية أن المظاهرات لم تتوقف.
ومن ثم، فإنَّ هيبة العسكر على المحك، وسط ضياع هيبة العمائم أمام الشعوب الإيرانية المحتجة، وهو ما يقول لنا إن العسكر نزلوا الميدان فعلياً، فهل ينتظرون رحيل المرشد، أو يعجلون بإحكام قبضتهم الآن؟
أعتقد أن على منطقتنا، والمعنيين، الاستعداد للاحتمالات كافة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران العمامة والعسكر إيران العمامة والعسكر



GMT 14:47 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

GMT 20:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية

GMT 19:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 19:54 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 06:51 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 19:55 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مولود برج الحمل كثير العطاء وفائق الذكاء

GMT 13:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 15:25 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

مبابي استفز لاعبي برشلونة بعد المباراة

GMT 15:44 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

اقتحام مقر وكالة الأنباء الليبية في طرابلس

GMT 17:03 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

"عين" أول منصة تفاعلية رقمية في سلطنة عمان

GMT 20:08 2021 الجمعة ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

آليات حماية الصحافيين تجمع مديرية الأمن والنقابة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib